«خليحيون»| زواج القاصرات.. «قنبلة» تشريعية موقوتة تؤرق نساء العراق

«خليحيون»| زواج القاصرات.. «قنبلة» تشريعية موقوتة تؤرق نساء العراق
القاهرة: دينا بهاء

اعتبر محللون وعلماء دين، استطلعت «خليحيون» آراءهم، أن مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي يجيز زواج القاصرات هو «لغم» وقد قد يهدد استقرار الأسرة العراقية، معبرين عن دهشتهم من الأهداف التي تقف وراء عودة المناقشات بشأن هذا التعديل التشريعي رغم إغلاق باب النقاش بشأنه الشهر الماضي.

ويمنح التعديل «العراقيين عند إبرام عقود زواج الحقّ في الاختيار في تنظيم شؤون أسرهم بين أحكام المذهب الشيعي أو السني او تلك التي ينص عليها قانون الأحوال الشخصية النافذ والمعمول به منذ عقود». ويخشى ناشطون أن «يتيح التعديل الجديد زواج القاصرات، فيما ينفي نواب شيعية مؤيدون له الأمر تماماً».

وفي نهاية يوليو، سحب البرلمان التعديل من الطرح بعد اعتراض نواب كثر عليه، إلا أنه عاد مجددا إلى أروقة النقاش البرلماني وحظي بقراءة أولى في جلسة في الرابع من أغسطس بعد تلقّيه دعم تحالف أحزاب شيعية يتمتّع بالغالبية داخل البرلمان العراقي. حسبما ذكرت وكالة فرانس برس

ويمنح التعديل ديواني الوقف الشيعي والسني مهلة ستة أشهر لوضع «مدوّنة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية» لتقديمها الى مجلس النواب للموافقة عليها.

منحنى طائفي لا ينسجم مع المجتمع المدني

ويرى محللون، ومن بينهم الأكاديمي والباحث السياسي العراقي غازي السكوتي، أن النقاش بشأن تعديلات القانون تتخذ مسارا طائفيا لا ينسجم مع روح المجتمع المدني والقوانين المدنية، وبقول في تصريح إلى «خليجيون» «تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي في السبعينات انسجم مع تطور المجتمع وضاهى قوانين عدة دول عريقة منها مصر والقوانين الأوروبية التي تمثل مصادر تشريعية إضافة إلى الشريعة الإسلامية».

وقانون الأحوال الشخصية العراقي شُرع عام 1959، بعد سقوط النظام الملكي، وأجريت عليه تعديلات في بداية السبعينيات، ويحظر زواج القاصرين دون سن 18 عامًا، وإلزامهم بالتوجه إلى المحاكم التشريعية دون تدخل رجال الدين في القرار.

انتهاك واضح للطفولة ونوع من الاختلال والعبودية

ويصف الباحث العراقي طرح قانون يتيح زواج القاصرات في تصريح إلى «خليجيون» بأنه «انتهاك واضح للطفولة واضطهاد وعبودية للأطفال» ويلفت «هذا السن غير مؤهل جسديا ونفسيا لآداء مسؤولية الأم وإدارة المنزل» ويضيف «لا يمكن الحديث عن الزواج قبل بلوغ البنت سن 18 عام».

ويشير الباحث العراقي إلى فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني ويقول «الفتوى تؤكد عدم جواز الزواج من قاصرات» ويعتقد أن «هذه الفتوى تضع حدا للجدل الدائر في مجلس النواب حول زواج القاصرات وغيره من المقترحات التي تأخذ منحنى ديني متشدد ولا تأخذ في الإعتبار تطور الزمن والمجتمعات ومستلزمات الحياة من دراسة ونشأة وبناء الأسرة».

وتقدّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن «28% من الفتيات في العراق يتزوجنّ دون سن الـ18. كما كشف تقرير العام الحالي لمنظمة (هيومن رايتش ووتش) أن «رجال الدين في العراق يعقدون آلاف الزيجات سنوياً، بما فيها زيجات الأطفال التي تخالف القوانين العراقية وغير المسجّلة رسمياً».

القانون يوفر مساحة واسعة لهيمنة الرجال

وفي السياق ذاته، تقول المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات، أمل كباشي إن «التعديل المطروح يوفّر مساحة واسعة لهيمنة الرجال على قضايا الأسرة في مجتمع لا يزال محافظاً إلى حدّ كبير، ما يثير الخشية من سحب حقوق وفّرها القانون الحالي للمرأة من ناحية الحضانة وحق السكن ومسائل عديدة أخرى. حسبما نقلت وكالة فرانس برس

وتُشدّد كباشي على رفض مقترح القانون وتقول «كما تصدّينا لهم كحركة نسوية في السابق، سنتصدّى لهم مرة أخرى».

ويعتبر ياسر سلمي، من علماء الأزهر الشريف وباحث في التراث الديني أن «هذا القانون في حال الموافقة عليه يمثل جريمة في حق الطفولة والإنسانية» ويشير إلى السند القرآني في الآية (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ )» ويوضح «حتى إذا (بَلَغُوا النِّكَاحَ) هذا معناه أن تكون البنت لديها القدرة على تحمل أعباء الأسرة والإنجاب» ويشير «الكثيرات يتعرضن للموت بسبب صغر السن».

ويقول في تصريح إلى «خليجيون» أن «الرسول (ص) قال (لا تُزوج البكر حتى تستأذن» ويوضح «الأستئذان هنا يعني إنها مدركة وذلك لا يمكن أن يحدث مع طفلة تبلغ السبع سنوات» ويؤكد «كل هذه أدلة من الشريعة الإسلامية تؤكد عدم جواز الزواج من قاصرات».

ويشير إلى «قول الإمام ابن شبرمة والإمام الأصم والإمام عثمان البتي يقولون بعدم جواز القاصرات بل يجب الانتظار حتى تمام البلوغ ثم يتم الأستئذان ولا يجوز سلبها حرية التصرف».

ويُعدّ زواج الأطفال، بالنسبة لمنظمات حقوقية، انتهاكا لحقوق الإنسان كونه يحرم الفتيات من حقهنّ في التعليم والعمل وغيره، ويعرضهنّ للعنف.

أقرأ المزيد

أميركا تكشف مصير المفاوضات بعد فشل جولة جدة.. أحدث تصريحات البرهان

مفاوضات على اتفاق مهم بين الإمارات وتركيا.. ما هي صفقة ميناء إزمير؟

3 أسباب وراء استقالة نائب الرئيس الإيراني

أهم الأخبار