نتائج متواضعة لمفاوضات جنيف: أميركا تتهم «جهة غامضة» في السودان
أسفرت مفاوضات جنيف الوساطة بين طرفي الحرب الأهلية عن نتاپح متواصعة، وفق مراقبين، إذ وافق الجيش وقوات الدعم السريع في السودان على توفير ممرين آمنين للمساعدات الانسانية للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ نحو عام ونصف عام، كن الوسطاء الدوليبن أقروا أن أي تقدم ما زال أقل بكثير من الاستجابة اللازمة لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأكدت دول الوساطة في بيان صادر عن رعاة جنيف أنها «استحصلت على ضمانات من طرفي النزاع لتوفير نفاذ آمن ودون عراقيل عبر شريانين رئيسيين، هما الحدود الغربية عبر معبر أدري في (إقليم) دارفور، وطريق الدبة التي تتيح الوصول الى الشمال والغرب من بورتسودان». وشددت الدول على أن «الغذاء والجوع لا يمكن استخدامهما كسلاح في الحرب».
واندلعت المعارك منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
واتسع نطاق الحرب لتطال مناطق واسعة من البلاد، وتتسبب بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وبدأت المباحثات الأسبوع الماضي في جنيف برعاية الولايات المتحدة والسعودية وسويسرا، وحضرها ممثلون لقوات الدعم السريع، بينما غاب عنها الجيش واكتفى الوسطاء بالتواصل مع ممثليه عبر الهاتف. وهدفت المباحثات التي حضرها خبراء وأفراد من المجتمع المدني، الى تحقيق وقف للقتال وضمان إيصال المساعدات الانسانية وتطبيق تفاهمات يوافق عليها الطرفان.
وقال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو في مؤتمر صحفي في جنيف «نأمل أن يكون هذا مصدر زخم لخطوات أكبر بكثير وتقدما على الطريق». وأضاف «المحزن هو أن الأزمة في السودان حادة إلى درجة أننا قد نجري أربع جولات من المفاوضات ولا نصل بالكاد إلا لقدر محدود للغاية مما يستحقه الشعب السوداني».
وفي ما يكشف حجم التحديات، لم يتم إرسال سوى جزء ضئيل من المساعدات المتاحة في أدري هذا الأسبوع لأن الحكومة المتحالفة مع الجيش فرضت وقفا على الحركة بعد فتح المعبر لأول مرة منذ أشهر.
وفشلت الضغوط الدبلوماسية المكثفة في إقناع الجيش بإرسال وفد رسمي إلى سويسرا على الرغم من أن الوسطاء قالوا إنهم على اتصال مع الجيش عمليا.
وقالت المجموعة في بيان «رغم أننا كنا على اتصال مستمر مع القوات المسلحة السودانية عمليا، نأسف لقرارهم عدم الحضور، ونعتقد أن هذا قلص قدرتنا على إحراز تقدم جوهري أكبر في قضايا رئيسية، وخاصة وقف أعمال القتال على الصعيد الوطني».
واعترض الجيش على مشاركة الإمارات في المحادثات لأنها قدمت دعما ماديا لقوات الدعم السريع وفقا لتقارير يقول خبراء الأمم المتحدة إنها ذات مصداقية. ونفت الإمارات إرسال أسلحة لقوات الدعم السريع.
وقال بيرييلو في مقابلة لاحقة إن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان كان منفتحا على مشاركة الجيش في المحادثات لكن هناك «قوى سياسية سلبية للغاية تعيقه»، دون أن يذكرها بالاسم.
وسبق لطرفي النزاع أن «أجريا سلسلة جولات من المباحثات خصوصا في مدينة جدة، من دون التمكن من تحقيق خرق جدي أو الاتفاق على وقف مستدام للنار».
وفي نهاية يوليو، دعتهما واشنطن إلى «جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا أملاً في وضع حدّ للحرب المدمّرة. في حين قبلت قوات الدعم السريع الدعوة، أبدت السلطات بقيادة البرهان تحفّظها على آليتها وعبرت عن اختلافها مع واشنطن في شأن المشاركين».
وأوقعت الحرب عشرات آلاف القتلى وأدت إلى أزمة إنسانية كبرى، وفق الأمم المتحدة التي وعلى غرار منظمات غير حكومية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تندّد بعوائق توضع أمام العمل الإنساني.
وأرغم النزاع أكثر من خمس السكان على النزوح، بينما يواجه نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، «انعدام الأمن الغذائي الحاد»، وفق ما أفاد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة في حزيران/يونيو.
دفعت الحرب بمخيم زمزم للنازحين قرب مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور بغرب البلاد إلى المجاعة.
وأكد البيان الختامي للمباحثات أن «شاحنات المساعدات هي في طريقها لتأمين مساعدات لمواجهة الجوع في مخيم زمزم وأجزاء أخرى من دارفور»، مشددا على ضرورة أن «تبقى الطرق مفتوحة وآمنة لنتمكن من إدخال المساعدات الى دافور ونبدأ بتحويل مجرى الأمور ضد المجاعة».
وشدد الوسطاء في بيانهم على «مواصلة تحقيق تقدم بغرض فتح ممر آمن ثالث للمساعدات عبر سنّار بجنوب شرق البلاد».
أقرأ المزيد
مسؤول سعودي: لم نعد الخزان الماليً الخارجي