سياسيون ومحللون: نتنياهو يخاطر بالعلاقات مع مصر في «محور فيلادلفيا» (خاص)
اعتبر سياسيون ومحللون أن محور فيلادلفيا يقف حجر عثرة في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، ورأوا أن نتنياهو يتمسك باحتلاله للتهرب من استحقاق الصفقة، وأنه يخاطر بعلاقته مع مصر التي لن تتهاون في أمنها القومي.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تحتاج لإبقاء قوات في محور فيلادلفيا كي لا يصبح شريان حياة لحماس من خلال تهريب الأسلحة لداخل القطاع. وجاء رد مصر حاسم، ورفضت التصريحات واعتبرتها محاولة لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي.
وأكدت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها أن التصريحات الإسرائيلية تهدف إلى عرقلة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وأيضا عرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة.
وبعد يومين من بيان مصر، وفي زيارة مفاجئة تفقد رئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد فتحي خليفة، الوضع الأمني على الحدود مع قطاع غزة. حسبما أفاد المتحدث باسم الجيش المصري.
حصر القضية في أبعاد أمنية واقتصادية
ويرى الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني أن «الأهداف الحقيقية لنتنياهو معروفة» ويوضح «يريد طمس الآفق السياسي والمعنى السياسي للقضية الفلسطينية».
ويعتقد في تصريح إلى «خليجيون» أن «إصرار نتنياهو على وضع العقبات سوا فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا أومنطقة وسط قطاع غزة المعروفة باسم نتساريم أو العدوان على الضفة الغربية يهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني وطمس القضية سياسيًا وحصرها في أبعاد أمنية وإنسانية واقتصاية».
وجدد الإحتلال الإسرائيلي الاقتحامات والاعتقالات في مناطق ومخيمات الضفة الغربية منذ ما يقرب من أسبوعين، في واحدة من أكبر الهجمات على الأراضي المحتلة منذ أشهر. ووصفت منظمة العفو الدولية في بيان تصعيد القتال في الضفة الغربية بأنه مثير للقلق.
ويؤكد مستشار الرئيس الفلسطيني «لا يمكن التوصل إلى اي نوع من التسوية مع هذه العقلية الإسرائيلية التي لا تؤمن بالسلام ولا ترى الأمور إلا من زاوية مصالحها» ويضيف «عقلية تتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني كما تتنكر أيضًا للشرعية الدولية».
التهرب من استحقاق الصفقة
ويرى عصمت منصور، الباحث والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية أن «نتنياهو يخاطر بالعلاقة مع مصر» ويوضح «مصر تُصر على موقفها وفق اتفاقيات تنص على أن لا يكون هناك جندي إسرائيلي واحد بالمعبر، وأيضا تبعا للضرورة الأمنية وفق قناعة مصر».
وفي 2005 أثناء انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وقعت مصر مع الإحتلال اتفاقا يسمح بوجود قوة حرس حدود مصرية قوامها 750 فردا لمكافحة التهريب والمسلحين في المنطقة الحدودية. أما السيطرة على الجانب الفلسطيني من المحور فتسلمته وقتها السلطة الفلسطينية إلى حين تولت حركة حماس إدارة القطاع في 2007.
ويرى منصور في تصريح إلى«خليجيون»أن «نتنياهو يضع هذا الشرط ويتمسك بهذا المطلب كعقبة من أجل التهرب من استحقاق الصفقة وانهاء الحرب».
محور فيلادلفيا هو شريط حدودي طولة نحو 14 كيلومترا ويمتد من ساحل البحر المتوسط في الطرف الشمالي الغربي وحتى قرب معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه الإحتلال في طرفه من ناحية جنوبه الشرقي.
العلاقة مع مصر واستقرار المنطقة
ويؤكد الباحث السياسي الفلسطيني مرة أخرى «نتنياهو يصر على المخاطر بعلاقته بمصر، ويثير أيضا العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية ويوترها ويعرض الصفقة واستقرار المنطقة للخطر».
والثلاثاء الماضي، أعلن البيت الأبيض أن أحدث مقترحاته بشأن صفقة الرهائن المدعومة من الإحتلال، تتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية على طول «محور فيلادلفيا» حسبما أفادت الشرق الأوسط.
ويتابع «استمرار الحرب في غزة يشعل مناطق أخرى بالعالم» ويشير إلى «لبنان، والرد الإيراني، واليمن» ويرجح «لذلك، هذا المحور بمثابة مسمار جحا الذي من خلاله يريد نتنياهو أن يبقي هذه الحرب لأطول فترة ممكنة».
ويشير منصور إلى «منظومة الأمن الإسرائيلية الراي العام يرون لا ضرورة للبقاء في المحور ويمكن الخروج منه مقابل صفقة، وفق استطلاع رأي بنسبة 53%».
وفي مايو الماضي، سيطر الإحتلال الإسرائيلي على المحور في إطار توغل في رفح جنوب قطاع غزة. وأعلن أن حماس استخدمت أنفاقا تربط القطاع بشبه جزيرة سيناء المصرية لتهريب أسلحة ومواد محظورة. وفق رويترز
ويفترض منصور «أن هذا المطلب بالضغط الشعبي وصلابة الموقف المصري وتمسك فصائل المقاومة الفلسطينية سيجبر نتنياهو على الخروج أو سيبقى الوضع متوتر ومتصاعد».
الأمن القومي المصري
ويقول يسري الغول، الباحث في العلاقات الدولية، أن «نتنياهو يصر على استمرار احتلال محور فيلادلفيا وهو يَعلم أن مصر لم تسمح باختراق أمنها القومي وإدخال السلاح إلى قطاع غزة بطرق غير شرعية».
كانت مصر ردت على ادعاءات الاحتلال إنها دمرت شبكة الأنفاق من جانبها على الحدود، قبل نحو عقد، أثناء حملة شنتها على مسلحين متشددين في شمال سيناء. وإنها أسست في وقت لاحق منطقة عازلة وتحصينات حدودية منعت أي أعمال تهريب.
«محور فيلادلفيا شماعة لتعطيل المطالب» هذا ما يراه الغول ويقول «رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تعطيل المفاوضات لرهانات شخصية ولتبعات ستكون لاحقة فيما بعد على غزة».
ويشير الباحث الفلسطيني إلى «وقف الحرب يعني انهيار الحكومة وانسحاب سموتريتش وبن غفير المتطرفين ثم توالي الاتهامات سواء من الناحية الأمنية أو السياسية فيما يتعلق بقضايا الفساد التي سبقت السابع من أكتوبر».
ويرجح الغول في تصريح إلى«خليجيون» أن «في حالة التدخلات الأميركية وحل أزمة (فيلادلفيا) سيجد نتنياهو نقطة أخرى لوضع عراقيل جديدة».
ويقول «محور فيلادلفيا كان مضمونًا من الأمن المصري ولكن إسرائيل تحاول حتى هذه اللحظة الزج باسم مصر في الاتهامات والحديث عنها كأن مصر جزء من هذا العبث». ويلفت «ربما يسعى نتنياهو من هذه الاتهامات إلى تحريض الراي العام العالمي على جمهورية مصر العربية».
أقرأ المزيد
«خليجيون»| هل تتوافق الأطراف الليبية بعد اختيار محافظ المركزي؟