«عمي تبون».. من أحد وجوه النظام إلى رئيس يغازل الشعبية
تمكّن عبد المجيد تبون الذي فاز بولاية ثانية كرئيس للجزائر، من تغيير صورته كأحد وجوه النظام إلى رئيس بوجه أبوي بالنسبة لكثيرين، لكن سجله في مجال الحريات يتعرّض لانتقادات كثيرة.
وحصل تبون البالغ 78 عاما، على 94، 65% من الأصوات، أي خمسة ملايين و320 ألف صوت من أصل خمسة ملايين و630 ألف صوت مسجّل في عملية الاقتراع التي جرت السبت، وفق ما أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات مساء أمس الأحد.
ويعدّ تبون أوّل رئيس جزائري من خارج صفوف جيش التحرير الوطني الذي قاد حرب الاستقلال ضد المستعمر الفرنسي (1954-1962). انتخب رئيسا للمرة الأولى في ديسمبر 2019، في اقتراع سجّل نسبة مقاطعة كبيرة ووسط الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام بعد أن نجح في إسقاط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وفق وكالة فرانس برس.
حاول تبّون ذو الوجه المستدير والشاربين الخفيفين، استيعاب عداء المتظاهرين في التحركات المؤيدة للديموقراطية، مؤكدا أنه يسير على خطى «الحراك المبارك»، شاكرا الشعب على إنقاذ البلاد من الانهيار الذي كانت ستمثله ولاية خامسة لبوتفليقة الذي توفي في سبتمبر 2021.
أصدر في بداية ولايته عفوا عن عشرات من سجناء الرأي. لكن حملة القمع تزايدت بعد ذلك فساهمت، مع جائحة كوفيد، في انحسار التجمعات والحراك اعتبارا من ربيع 2020. وانتهى الحراك مع سجن أبرز وجوهه.
بعد خمس سنوات على رأس البلاد، يصف مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي حكم تبون بأنه «يعاني عجزا في الديموقراطية»، معتبرا أن هذا مؤشر ضعف للمستقبل.
واتهمت منظمة العفو الدولية مؤخرا السلطات بمواصلة «قمع حقوق الإنسان» التي تراجعت بشدة «من خلال حلّ الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني و غلق وسائل الإعلام المستقلة».
كما دانت المنظمة غير الحكومية «الاعتقالات التعسفية» التي طالت نشطاء السياسيين، ما يدلّ على سلوك «نهج عدم التسامح نهائيا مع بروز آراء معارضة».
ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا
من دون التطرّق إلى وضع حقوق الإنسان، ركّز تبّون على التحسن الاجتماعي والاقتصادي الذي حصل خلال حكمه و دوره في انتعاش «ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا» بعد «عقد من حكم العصابة»، في إشارة الى بوتفليقة ومحيطه.
وبالاعتماد على المداخيل غير المتوقعة في الميزانية بسبب ارتفاع أسعار الغاز منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، وعد الرئيس المنتهية ولايته برفع الرواتب ومعاشات التقاعد ومنح البطالة، في مواجهة مطالب الطبقة الوسطى بتحسين قدرتها الشرائية.
حاول التقرّب من الشعب. وعبّر عن افتخاره خلال مقابلة نشرت في أواخر مارس بلقب يطلق عليه وهو «عمّي تبون».
أكد أن علاقته بالشباب «علاقة أبوية». لكن انتخابات السبت لم تعكس حضورا شبابيا واسعا أمام مراكز الاقتراع، على على عكس المتقدمين الذين عبروا عن «ثقتهم فيه لتحسين وضع البلد».
واعتبر عبيدي أن تبون سيتمكن خلال ولايته الثانية من «تجاوز ضعف المشاركة الشعبية لكن بشرط اعادة النظر في أسلوب حكمه والقيام بتغييرات في حكومته».
ورأى أن «الرئاسة (في عهد تبون) تحوّلت من مؤسسة وهمية إلى مركز للسلطة الحقيقية»، بعد الاضطراب الذي أصابها منذ ان أصيب بوتفليقة بجلطة دماغية في 2013 أقعدته على كرسي متحرك وسببت له صعوبة في الكلام.
العمود الفقري في الجزائر
وتبون هو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، ويصطحب في عدد كبير من تحركاته ونشاطاته قائد الأركان الفريق أول سعيد شنقريحة، وهو يعتبر أن الجيش الذي دعم سقوط بوتفليقة "هو العمود الفقري للدولة".
ولد تبون في 17 نوفمبر 1945 بمنطقة المشرية شبه الصحراوية، وسط غرب البلاد، من أب فقيه ومناضل سياسي من أجل الاستقلال، ما اضطره للهروب من مضايقات الشرطة الاستعمارية نحو سيدي بلعباس على بعد 200 كلم.
تخرّج من المدرسة الوطنية للإدارة سنة 1965، وشغل منصب والٍ (محافظ) مرات عدّة خلال الثمانينات، وهو يعتمد في تسيير البلد أكثر على خبرته الطويلة في مختلف مراكز السلطة ومعرفته الجيدة بأجهزتها.
وشغل لفترة وجيزة منصب وزير منتدب للجماعات المحلية في عام 1991 في ظل رئاسة الشاذلي بن جديد، قبل أن يختفي عن الساحة السياسية.
أخرجه بوتفليقة بعد انتخابه في العام 1999 من عزلته وعيّنه وزيرا بحقائب مختلفة حتى العام 2002. وبدأت عشر سنوات أخرى من العزلة حتى عودته في 2012 الى الحكومة، ثم رئيسا للوزراء عام 2017.
لكنه أقيل بعد ثلاثة أشهر بعد تهجمه على رجال الأعمال الذين يدورون في فلك الرئيس ويستحوذون على كل الصفقات الحكومية، وغالبيهم اليوم موجودون في السجن بتهم فساد تتعلق بهذه الصفقات. وتخلّى الرئيس التاسع للجزائر، الأب لثلاثة أولاد وبنتين، عن التدخين بعد إصابته بفيروس كورونا في أكتوبر.
اقرأ المزيد
نقاط ضعف خطيرة في برامج الذكاء الاصطناعي.. مسؤول في «مايكروسوفت» يوضح
ظهور نادر لفريدة فهمي أيقونة فرقة رضا الشعبية في مصر
قطر تستضيف مؤتمرا عالميا احتفالا بذكرى «العام الدولي للأسرة»