خليجيون| هل تلعب تركيا دورا في دبلوماسية المياه بين إيران والعراق؟
اتفق محللون سياسيون على أن دبلوماسية المياه بين إيران والعراق قد تؤدي إلى احتواء التوترات في المنطقة، وفي حين رأوا أن إيران تنظر إلى الأزمة بنظرة ذاتية دون الاهتمام بدول الجوار، ولكنهم اختلفوا على الدور التركي في الأزمة.
تحاول بغداد حاليا إقناع حليفتها الكبرى طهران بمشاركتها في المياه. غير أن إيران جعلت من «النزاع المائي بندا فرعيا ضمن المناقشات الجيوسياسية الأوسع بين البلدين». حسبما أفادت فرانس برس
ويقول غازي السكوتي الباحث الاكاديمي الاستراتيجي «هناك أزمة حقيقية في المياه ويجب وضع حد لتفاقمها» ويعتقد أن «العراق استطاع أن يعالج هذه الأزمة مع الجانب التركي الذي أطلق كمية يُمكن أن تعالج جانب من النقص وليس كل النقص في المياه».
ويلفت في تصريحات خاصة إلى « تأثير نقص المياه الزراعة التي تشكل جزءا مهم في الاقتصاد الزراعي، اضافة إلى العوامل التي تتعلق بالبيئة ومواجهة التصحر والجفاف وهجرة الفلاحين من الجنوب ووفاة ونفوق العديد من الحيوانات».
وفي بلد الـ30 مليون نخلة، شكّلت النزاعات المتكرّرة، لا سيما الحرب بين إيران والعراق التي امتدّت من 1980 حتى 1988، التهديد الأبرز للنخيل، قبل أن تبدأ التحديات البيئية الناتجة عن التغيّر المناخي تأثيرها أيضًا.
ومنذ أكثر من عشرة أعوام، تعمل السلطات العراقية ومؤسسات دينية على إنعاش أشجار النخيل التي تشكّل رمزا وطنيا ومحرّكا مهما للاقتصاد، وأطلقت برامج عدّة لدعم المحاصيل وزيادة التشجير. حسبما أفادت فرانس برس.
دورا سلبيا دون التباحث في التفاصيل
وعن الدور الإيراني في الأزمة يعتبر السكوتي أن «إيران تلعب دورا سلبيا للغاية ولا تتباحث بهذه التفاصيل» ويشير إلى «هناك أكثر من 12 نهر فرعي يصب من إيران في مناطق مختلفة حدودية بين البلدين، اضافة إلى نهر دجلة ايضًا».
ويلفت إلى «هذه الأنهر تم إطلاقها وبناء سدود عليها بأمر من مرشد الثورة الإيرانية الإسلامية خامئني، مما عرض جميع من في هذه المناطق الي مخاطر عدم توفر مياه صالحة والجفاف والكثير من التفاصيل الأخرى».
ومنذ أكثر من أربع سنوات، يعاني العراق من جفاف قضى على الكثير من الأراضي والمزروعات، وصنفت الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثرا ببعض أوجه التغيّر المناخي.
ويضيف الباحث العراقي «إيران لعبت دورا خطيرا في استمرار صب المياه المالحة منها إلى الأراضي العراقية» ويوضح «هذا ايضا شَكل عامل خطير وتلوث للتربة بالعراق وعطل فرص حقيقية لتطوير الاقتصاد الزراعي العراقي».
ويؤكد غازي السكوتي أن «إيران يجب أن لا تنظر للمسالة نظرة ذاتية وأن تحترم القانون الدولي فيما يتعلق بالدول المتشاطئة أو على صعيد دول المنبع أو المصب » ويقول «يجب أن تحترم إيران حصة العراق من هذه المياه، ولا تتصرف وفق مصالحها الذاتية على حساب ملايين العراقيين»
الجانب الأخر من أطراف الصراع
وفي المقابل يعتقد محمد خيري، الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية «الأزمة المتعلقة بالمياة العراقية ليست مرتبطة فقط بالجانب الإيراني، وأن الجانب التركي له دور في الأزمة بسبب انشائه سدودًا على منابع نهري دجلة والفرات».
ويضيف الباحث في الشؤون الإيرانية في تصريحات خاصة إلى«خليجيون» أن «الوضع يحتاج إلى اتفاقيات ملزمة بين دول المنبع والمصب من أجل تفادي الأزمات الناتجة عن شح المياة في العراق، وتبعيات ذلك على الأوضاع الأقليمية واستقرار المنطقة».
وكانت السلطات العراقية أكدت في أكثر من موقف أن بناء الجارتين تركيا وإيران سدودا على نهري دجلة والفرات اللذين يرويان منذ آلاف السنين بلاد ما بين النهرين، السبب الرئيسي في جفاف العراق.
ويقول «نسبة المياة الأتية من إيران باتجاه العراق قلت بنسبة 80% وتسببت في أزمة كبيرة، أعقبها اعتراض بغداد لدى إيران على بناء السدود على نهري الزاب وسيوران» ويلفت «بعد أن كان نصيب العراق من تلك المياة حوالي 7 مليار متر مكعب من المياة».
وفي نوفمبر الماضي قررت إيران إطلاق بعض مياه نهر الزاب نحو العراق فقط من أجل خفض بعض التوترات مع حكومة إقليم كردستان.
تنازلات بسيطة من الجانب الإيراني
ويشير خيري إلى «تصريح وزير الموارد العراقية في عام 2020 الذي أعلن فيه الاحتجاج والإدانة» ويتابع «إلا أن إيران لم تقدم سوى تنازل بسيط يتمثل في إطلاق كمية من المياة من السد المجاور للعراق وهو سد (كولسة) لخفض التوتر قليلًا، وهو جعل الجانب العراقي يهدئ من التصريحات المتشددة تجاه إيران في تلك الفترة».
ويلفت خيري إلى «أزمة المياة بين العراق وإيران ليست جديدة، وتعود لعام 2017، حيث بنت إيران عدة سدود على نهري الزاب وسيوران، ما تسبب في قلة المياة المتجهة إلى إقليم كردستان العراق بالتحديد، والذي كان أول المناطق العراقية التي عانت من شح المياة نتيجة السدود الإيرانية، بالتزامن مع الأزمة المناخية العالمية».
وفي أبريل 2024، وقعت تركيا والعراق 26 مذكرة تفاهم واتفاق استراتيجي خلال زيارة الرئيس أردوغان لبغداد، في المجال الأمني والعسكري والمياه والزراعة والطاقة. حسبما أفاد مركز الإمارات للسياسات.
وكان أول تعليق لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان على توقيع مذكرة التفاهم «نحن لا نبحث فقط في العلاقات الأمنية والعسكرية، وإنما نبحث مع العراق في إمكانية بناء مستقبل مشترك يقوم على التعاون في الاقتصاد والطاقة والمياه ومن أجل تحقيق ذلك فمن البديهي أن تنتهي المشاكل الأمنية بين البلدين».
أقرأ المزيد
وفاة عضو بالأسرة الحاكمة في الكويت