خليجيون| ما حقيقة العوائد الاستثمارية من العمالة الآسيوية الرخيصة في الخليج؟
على مدى عقود، بقيت قطاعات اقتصادية خليجية أسيرة لما عرف بالعوائد الاستثمارية للعمالة الأسيوية الرخيصة، إلا أن محللين يقولون أن تكلفة تلك العمالة غير الماهرة في مختلف المهن تبدو عالية إذا ما قورنت في المحصلة مع العمالة الماهرة.
وتنقسم العمالة الآسيوية، التي تستحوذ على نصيب الأسد في سوق العمل بدول الخليج إلى فئتين، الأولى هي العمالة غير الماهرة التي تعمل في شركات البناء والمزارع والعمالة المنزلية. الثانية هي العمالة شبه الماهرة التي تشمل المتخصصين والمهنيين.
ويبدو الوضع لافتا للإنتباه على نحو أكبر في المملكة العربية السعودية، الدولة الثرية الأكثر استقبالا للنوع الأول من هذا العمالة، إذ باتت العمالة الآسيوية غير الماهرة تمثل 74% من العاملين في القطاع الخاص، ولم تترك للسعوديين إلا ما نسبته 26%.
وحسب أرقام رسمية، قفزت أعداد العمالة المنزلية في المملكة، إلى ثلاثة ملايين و600 ألف في 2022، وتبلغ حصتها في سوق العمالة الأجنبية 32%، فيما يستحوذ السائقون على 49، 5% من هذه النسبة، أو قرابة مليون و780 ألف سائق بينهم 119 سائقة، وفق أرقام رسمية.
أرقام رسمية: العمالة الآسيوية غير الماهرة تمثل 74% من العاملين في القطاع الخاص
ويعتبر الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور، أن «الاعتماد الكبير في دول مجلس التعاون الخليجي على العمالة الأسيوية منخفضة المستوى الانتاجي للخدمات قد أثر سلبا على اقتصاديات دول الخليج»، مشيرا إلى أن الاعتقاد بتدني أجو تلك العمالة يوفر من تكلفة تشغيلها على الدولة «خاطئ جدا»،
ويقول بوخضور في تصريح إلى «خليجيون» إن «العمالة الآسيوية الغير ماهرة متدنية الأجور، لكن فاتورتها النهائية أكثر من نظيرتها الماهرة»، موضحا أن «تكلفتها الصحية والاجتماعية والأمنية والتشغيلية في مختلف المهن، تكون مرتفعة إذا ما قورنت في المحصلة مع العمالة الماهرة».
تجارة الإقامات
ويشير إلى أن «استقدام العمالة غير الماهرة شجع على رواج تجارة الإقامات التي تسببت بوجود عماله سائبة وهامشية وبطالة وأعمال تخل بالأمن، علاوة على اختلال في التركيبة السكانية تهدّد الهوية الخليجية وزيادة النزعة الاستهلاكية في المجتمع» وتحول الاقتصاد إلى اقتصاد استهلاكي..
بوخضور: العمالة الآسيوية لا توطن أموالها في السوق المحلي.بما يضعف قدرتها الشرائية المحدودة
ويضيف بوخضور أن «هذه العمالة الآسيوية غير ماهرة منخفضة الأجر متدنية الإنتاجية مرتفعة الاعداد في محاولة لتعويض تدني الكفاءة بكثرة الأيدي العاملة ذات الراتب المحدود» محذرا من أن «تلك الأعداد قد تزيد من عوامل الضغط النفسي، وحالات الفقر والسرقة والاختلاس والغشّ وتجاوز القانون وتنامي ظاهرة التسوّل، وترويج الخمور والمخدرات وتجارة الجنس واللجوء والجريمة وكل أعمال غير قانونية مخلة بالأمن وعادات المجتمع».
كما ينبه إلى أن هذه الأعداد الكبيرة من العمالة الآسيوية «لا توطن أموالها في السوق المحلي، ما يؤدي إلى إضعاف قدرتها الشرائية المحدودة وتنامي التحويلات المالية للخارج» - على حد قوله-.
وحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، تحتل دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة الثانية كأكبر مصدر للتحويلات بالدولار الأميركي، ولكنها تُعد الأكبر بفارق كبير عند قياس التحويلات كجزء من إجمالي ناتجها المحلي
فيما تُعد السعودية والإمارات مصدرين كبيرين للتحويلات إلى جنوب آسيا، وشمال إفريقيا، وجنوب شرق آسيا.
وفي العام الماضي، استقبلت الهند تحويلات مالية بقيمة 125 مليار دولار وفقًا لتقرير البنك الدولي. فيما استحوذت العمالة الهندية في دول مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة الإمارات العربية المتحدة، على نسبة 18% من إجمالي تدفق التحويلات إلى الهند.
في السياق ذاته، سجلت تحويلات العمالة الفلبينية من دول الخليج بالفترة من مطلع يناير إلى ختام يوليو 2024 نحو 3.20 مليار دولار، حسب التقرير الشهري الصادر عن بنك الفلبين المركزي.
القطاع الخاص
ويحمل الخبير الاقتصادي العراقي وضاح الطه زيادة أعداد العمالة الأسيوية إلى القطاع الخاص الذي يستقدم هذه العمالة الرخيصة لتعزيز التنافسية الاستثمارية وتقليل التكلفة، مشيرا إلى أن «عامل الأجور يهيمن على معايير اختيار العمال سواء آسيويين أو عرب».
ويقول الطه في تصريح إلى «خليجيون» إن منطقة الخليج من أهم الدول المصدرة لتلك التحويلات بسبب سهولة التطبيقات التكنولوجية والهندسة المالية والتقنية المالية مما أدى إلى يسر في التحويلات لدول العاملين خاصة في الإمارات والسعودية.
وضاح الطه: عامل الأجور يهيمن على معايير اختيار العمال سواء آسيويين أو عرب
ويضيف الخبير الاقتصادي العراقي أن تبويب العمالة من حيث المهارة معظمها في مجال المقاولات الإنشاءات، ولكنه يعتقد أن الوضع سيتغير مع تنامي وظهور قطاعات اقتصادية مهمة مثل الذكاء الاصطناعي و مجالات ابداعية خاصة مع تسهيلات استضافة الموهوبين والمختصين في هذا المجال. ويعتبر الطه في الوقت نفسه أن «قوانين العمل في دول الخليج كافية لفرض السيطرة الأمنية عليهم وإلزامهم باتباع القانون واحترام الدولة التي يعيشيون فيها».
اقرأ المزيد
سلطان عمان يصدر توجيهات عاجلة بشأن هجوم الوادي الكبير