خطر الفقر يحاصر اقتصاد إسرائيل
أسفر العدوان على قطاع غزة عن تداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي شملت التباطؤ وتراجع أنشطة قطاعات مختلفة، وصولا الى ارتفاع نسبة الفقر.
وقبل اندلاع الحرب في غزة كان اقتصاد الدولة العبرية يعاني أساسا على خلفية الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها البلاد على مدى أشهر ضد إصلاحات قضائية اقترحتها حكومة بنيامين نتانياهو، حسب وكالة أنباء فرانس برس.
لكن الاقتصاد تلقّى ضربة قاسية بفعل الهجوم والحرب التي أعقبته، والمتواصلة بلا أفق لحلّ يضع حدّا لها.
ويقول الخبير الاقتصادي جاك بنديلاك «الاقتصاد الإسرائيلي صلب، إلا أنه يعاني لتحمّل عبء هذه الحرب التي استمرت فترة طويلة»، محذّرا من احتمال دخول الاقتصاد في مرحلة ركود في حال تواصل المعارك لمدة زمنية أطول.
وبعدما تقلّص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 21% في الربع الأخير من العام 2023 الذي اندلعت الحرب خلاله، استعاد الاقتصاد بعضا من عافيته مطلع السنة الحالية. وزاد الناتج المحلي بنسبة 14% في الأشهر الثلاثة الأولى من 2024، بحسب بيانات رسمية.
إلا أن النمو تعثّر في الربع الثاني، واقتصر على نسبة 0، 7%.
وخفّضت وكالات التصنيف الدولية الثلاث الكبرى تقييمها لديون الاحتلال الإسرائيلي.
وتوقعت وكالة فيتش في أغسطس أن الحرب في غزة، وهي الأطول التي تخوضها الدولة العبرية منذ إقامتها في العام 1948، قد تمتد الى سنة 2025.
وحذّرت الوكالة من «مخاطر اتساع هذه الحرب الى جبهات أخرى».
وأثار العدوان على غزة على مدى الأشهر الماضية، مخاوف من تمدّدها الى جبهات أخرى. في الأيام الأخيرة، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير غاراتها الجوية في لبنان معلنة ضرب أهداف لحزب الله، بعد أكثر من 11 شهرا على تبادل الحزب المدعوم من طهران، والدولة العبرية، القصف بشكل شبه يومي عبر الحدود.ويردّ حزب الله بضرب أهداف في عمق إسرائيل.
مشاريع معلّقة
يعتمد الاقتصاد الاسرائيلي على دافعَين أساسيين للنمو هما التكنولوجيا التي تبقى في منأى نسبيا عن تأثيرات الحرب، والأسلحة المزدهر إنتاجها خلال كل حرب.
لكن المحرّكات الاقتصادية الأخرى مثل السياحة والزراعة والبناء «تذبل واحدة تلو الآخر»، وفق بنديلاك، الأستاذ الفخري في الجامعة العبرية بالقدس.
وأوقفت إسرائيل إصدار رخص عمل للفلسطينيين بعد هجوم أكتوبر 2023، ما أدى لنقص في اليد العاملة داخل الأراضي المحتلة، وفق جمعية حقوق العامل (Kav LaOved) الإسرائيلية.
قبل الحرب، كانت السلطات الإسرائيلية تصدر نحو 100 ألف من هذه التراخيص التي ساهمت في زيادة القوة العالمية لقطاعات البناء والزراعة والصناعة. وكان يضاف لهؤلاء، عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا يعملون بشكل غير نظامي في الأراضي المحتلة.
وقالت جمعية حقوق العامل إنه تمّ استثناء ثمانية آلاف عامل فلسطيني فقط من وقف إصدار التراخيص، وذلك للعمل في مصانع تعتبر حيوية.
في تل أبيب، باتت أعمال الإنشاء معلّقة في ظل توقف استكمال بناء ناطحات السحاب ومشاريع النقل.
كما تراجعت السياحة منذ اندلاع الحرب، مع انخفاض أعداد الزوار الآتين لتمضية إجازات أو لأغراض السياحة الدينية.
وزار إسرائيل 500 ألف سائح بين يناير و يوليو، وهو ربع عدد السياح في الفترة ذاتها من العام السابق، وفق أرقام وزارة السياحة.
ويقول المرشد السياحي المستقل هيليك والد (47 عاما) إنه ترك عمله الذي كان يؤمن له مدخولا شهريا معدله 18 ألف شيكل (4، 755 دولارا). ويعمل حاليا بدوام جزئي في مكتب المعلومات في محطة للقطارات. ولنحو ستة أشهر، تلقى هذا الأب لولدين معونة حكومية، لكنه لم يعد مؤهلا لنيلها.
تعافٍ بطيء
ويشير بنديلاك الى أنه خلال العقدين الماضيين، زاد بشكل ملحوظ في الأراضي المحتلة «استهلاك الائتمان، وفي الأزمات، تعجز العديد من العائلات عن سداد ديونها».
ويحذّر الخبير الاقتصادي من أن ارتفاع كلفة المعيشة وتباطؤ الاقتصاد «ستنتج عنهما حتما زيادة في الفقر».
وأفادت منظمات إنسانية في الأراضي المحتلة عن وجود حاجة متزايدة لخدماتها، مشيرة الى حضور أشخاص جدد يسعون للحصول على مساعدات غذائية أثناء توزيع الطعام.
في مرآب سيارات لمركز تجاري في مدينة ريشون لتسيون الساحلية في وسط الأراضي المحتلة، توزّع منظمة بيتشون ليف (القلب المفتوح) مجانا سلال الفاكهة والخضار واللحم مرتين أسبوعيا.
ويقول مؤسسها إيلي كوهين إنه منذ بداية الحرب «قمنا بمضاعفة أنشطتنا وأكثر»، مشيرا الى أن المنظمة تدعم أكثر من 200 ألف عائلة في إسرائيل.
اقرأ المزيد
الصين إلى إجراءات عاجلة لتحفيز الإقتصاد