خليجيون تستكشف أبعاد المخاوف الأردنية من سيناريو «الوطن البديل»
لم يكن مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء هو هدف إسرائيل الوحيد، إذ يرى محللون أن الدولة العبرية تهدف إلى تقسيم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بين الأردن ومصر، وإقامة دولة فلسطينية منقسمة على الدولتين.
وندد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من «إمكانية تحوّل بلاده إلى وطن بديل للفلسطينيين»، مؤكدا «هذا لن يحدث أبداً. ولن نقبل أبداً بالتهجير القسري للفلسطينيين، فهو جريمة حرب».
وفي نوفمبر 2019، أعلن العاهل الأردني فرض سيادة الأردن الكاملة على أراضي منطقتي الباقورة والغمر، اللتين تقعان على طول الحدود الأردنية الإسرائيلية، واللتين استأجرتهما إسرائيل لمدة 25 سنة، بعد توقيعها اتفاقية وادي عربة للسلام مع الأردن عام 1994.
الأراضي الفلسطينية
ويعتقد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية أن «الاحتلال الإسرائيلي يُريد أن يلقي المسؤولية كاملة على آخرين». ويقول « ربما كان المخطط الإسرائيلي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين في غزة إلى سيناء المصرية، ومن الضفة الغربية إلى الأردن». ويعتبر الباحث السياسي في تصريح إلى «خليجيون» المخطط الإسرائيلي يعني «إخلاء الأراضي الفلسطينية واستيلاء الاحتلال عليها».
وتنص اتفاقية وادي عربة على استعادة الأردن 850 دونما من أراضي الباقورة، وباقي المسلحة البالغة ستة آلاف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) اعتبرتها أرضا مملوكة لإسرائيليين، لكنها تقع تحت السيادة الأردنية.
ويؤكد الدكتور إكرام بدر الدين «مخطط الدولة العبرية لن يتحقق» ويشير إلى «موقف مصر الرافض للانسياق وراء أهداف التهجير، وأيضًا موقف الفلسطينيين وتمسكهم بالأرض».
السيناريو العبري
ويعتبر أن السيناريو العبري صعب تحقيقه ويقول «الرد الأردني واضح وصارم» ويلفت إلى «العاهل الأردني يرفض تصدير المشكلة له».
وقال العاهل الأردني في كلمته أمام الأمم المتحدة «بعد مضي عام تقريباً على هذه الحرب، أثبت عالمنا فشله سياسياً، ولكنّ هذا لا يستوجب أن تخذل إنسانيتنا أهل غزة بعد الآن».
وفي السياق نفسه، يلفت الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية إلى «تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين منذ فترة وجيزة، التي تؤكد أن الأردن يُمثل الدولة الفلسطينية».
ويوضح في تصريحات خاصة إلى «خليجيون» «السيناريو الإسرائيلي يقول (إذا كان الفلسطينيين يريدوا دولة، فيذهبوا إلى الأردن لإقامتها)» مضيفا «لذلك جاء رد العاهل الأردني واضح بهذا الشأن».
ويعتبر الباحث السياسي المصري أن «ما يجري في الضفة الغربية من تصعيد ربما يكون الهدف منه اجبار الفلسطينين على مغادرة الضفة والذهاب إلى الأردن».
وكان الاحتلال الإسرائيلي جدد في أغسطس الماضي، الاقتحامات والاعتقالات في مناطق ومخيمات الضفة الغربية، في واحدة من أكبر الهجمات على الأراضي المحتلة منذ أشهر. ووصفت منظمة العفو الدولية تصعيد القتال في الضفة بأنه «مثير للقلق».
ويقول الدكتور كامل السيد «العاهل الأردني يُدرك أن الفلسطينيين في الضفة الغربية إذا هُجروا سيتجهون إلى الأردن، وكذلك الأمر بالنسبة للمتواجدين في رفح ستكون سيناء المصرية هي وجهتهم».
وكان رد مصر حاسم على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التي أعلن فيها أن إسرائيل تحتاج لإبقاء قوات في محور فيلادلفيا كي لا يصبح شريان حياة لحماس من خلال تهريب الأسلحة لداخل قطاع غزة. وأكدت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها أن التصريحات الإسرائيلية تهدف إلى عرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر.
ويؤكد الباحث السياسي المصري «المشروع الصهيوني يستهدف التخلص من الفلسطينيين في الإتجاهين المصري والأردني» ويلفت إلى «صعوبة الموقف العسكري بالنسبة للدولتين المصرية والأردنية» ويستبعد «وجود نية للتدخل العسكري ومواجهة الاحتلال من الطرفين».
ويشير إلى «احتمالية أن تُجبر سلطات الاحتلال الإسرائيلية الفلسطينيين على مغادرة الضفة الغربية بسبب كثرة أعدادهم ومقاومتهم».
ودعا العاهل الأردني المجتمع الدولي في حديثه إلى «تبني آلية لحماية الفلسطينيين»، مضيفاً أن «من شأن ذلك توفير الحماية للفلسطينيين والإسرائيليين من المتطرفين الذين يدفعون بمنطقتنا إلى حافة حرب شاملة».
ويؤكد الباحث السياسي مرة أخرى «مصر سوف تعرب عن تأييدها للموقف الأردني» ويستدرك بالقول «لا اظن أن هناك احتمالية للمساندة العسكرية».
وتقع منطقة الباقورة شرق نهر الأردن في الأغوار الشمالية التابعة لمحافظة إربد، وفي عام 1950 احتلت إسرائيل 1390 دونما منها، وفي مفاوضات اتفاقية السلام (وادي عربة عام 1994) زعمت أن 830 دونما منها تعد أملاكا شخصية لإسرائيليين.
أما منطقة الغمر فتقع في صحراء وادي عربة بمحافظة العقبة (جنوبي الأردن)، وتبعد عن العاصمة عمان نحو 168 كيلومترا، وهي أرض مملوكة لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية، وتبلغ مساحتها 4235 دونما (نحو أربعة كيلومترات مربعة)، وتمتد على طول خمسة كيلومترات باتجاه الحدود.
أقرأ المزيد
أرقام صادمة لوفيات الأطفال في دارفور.. واستغاثة عاجل من الدعم السريع