هل ينتهي كابوس الوالي الفقيه في إيران وعصر التطرف برحيل خامنئي؟
كشفت صحيفة "تليغراف" البريطانية، السر وراء إصرار النظام الإيراني على تنصيب إبراهيم رئيسي في منصب رئيس الجمهورية، رغم الرفض الشعبي له لما له من انتماءات متطرفة ومتشددة.
وأشارت الصحيفة الى انه منذ تنصيب رئيسي، المقرب من المرشد الإيراني، علي خامنئي، تبرز مؤشرات على أنّ صعود الجناح المتشدد والراديكالي إلى الحكم، وهيمنته المباشرة على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، إنّما يرتبط بمحاولة تأمين انتقال السلطة في حال وفاة المرشد الإيراني، ومن ثم، حماية نظام "الولي الفقيه" من أيّ فراغ قد يتسبب في حدوث فجوة، يستغلها المعارضون أو حتى الجناح الإصلاحي.
"رئيسي" ومعضلة اختيار المرشد
تتعدد التكهنات بخصوص خلافة المرشد الإيراني، لا سيما مع الإشاعات التي تم تسريبها، قبل أعوام قليلة، حول تدهور صحة خامنئي. وسبق للصحفي الإيراني محمد أحوازي أن كتب عبر تغريدة في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "مصادر إيرانية تتحدث عن تدهور صحة خامنئي"، وتابع: "مقربون من خامنئي خائفون جداً على وضعه الصحي هذه المرة".
ووفق للصحيفة البريطانية، فإنّ "خامنئي على مشارف 82 عاماً من العمر، وقد ارتفعت وتيرة الإشاعات حول اعتلال صحته، كما تزايدت التكهنات بشأن من سيحل محله يوماً في منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية". كما توضح الصحيفة البريطانية "أنّ المزاعم حول اعتلال صحة خامنئي تنتشر منذ سنوات، وكان آخرها عندما ادعى الصحفي الإيراني المعارض، محمد أحواز، أنّ خامنئي المريض قد سلم السلطة إلى ابنه مجتبى البالغ من العمر 51 عاماً".
وبالتزامن مع الاستقطاب الحاد الذي شهدته الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة بين أجنحة النظام وتياراته، برز تصريح لافت من عضو مجلس خبراء القيادة في إيران، محسن آراكي، والذي تنحصر مهامه، بحسب الدستور الإيراني، في مسألة تعيين وعزل المرشد في إيران، إذ قال آراكي إنّ "قائمة خلفاء خامنئي المحتملين يعلمها 3 أشخاص فقط"، وأردف: "خلافة خامنئي أمر سري للغاية، والثلاثة المطلعون على القائمة ليس من الضروري أن يكونوا أعضاء في مجلس خبراء القيادة الإيراني".
إذاً، فإنّ "موت علي خامنئي سيحدث أكبر تغيير سياسي في الجمهورية الإسلامية، منذ وفاة المرشد الأعلى السابق الخميني، الأب الروحي للثورة، عام 1989، إذ إنّ المرشد الأعلى يعد أقوى شخص في إيران بامتلاكه نفوذاً على جميع أجزاء البلاد"، حسبما يوضح الكاتب سانام فاكيل في صحيفة "فورين أفيرز" الأمريكية، لافتاً إلى أنّ "الشخص الجديد في هذا المنصب يستطيع تغيير اتجاه ومغزى السياسات الداخلية والخارجية لإيران بشكل كبير".
وتؤكد الصحيفة الأمريكية أنّ الدولة العميقة ستضمن أنّ من يأخذ مكان المرشد الإيراني، سوف يحمل نفس وجهات نظرها المتشددة، ويكون ملتزماً بحماية مصالحها. ويردف: "عندما توُفِّي الخميني اعتبر المراقبون خامنئي مجرد واحد من حفنة من البدلاء المحتملين، حتى إنّهم لم يعتبروه البديل المرجح، وكان خامنئي، وهو رجل دين متوسط المكانة يبلغ من العمر 50 عاماً في ذلك الوقت، يفتقر إلى مكانة الخميني المرموقة. إلا أنّ علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أحد المقربين من الخميني، قال في اجتماع عقد في 4 يونيو عام 1989 بعد وفاة الخميني، إنّ الخميني اعتبر خامنئي مؤهلاً لهذا المنصب. وانتخبت المجموعة خامنئي بأغلبية 60 صوتاً مقابل 14 صوتاً".
قال المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني، نزار جاف، إنّه عندما رفع المرشد الإيراني حدة انتقاداته التي وجهها للرئيس السابق، وحكومته، فإنّه كان يعطي "الضوء الأخضر" للتيار المتشدد بفتح النار عليهما، بالإضافة إلى أنّه كان "يعد العدة من أجل إظهار النظام بمظهر البريء وغير المسؤول عن الأوضاع السلبية التي آلت إليها البلاد، خلال 8 أعوام الأخيرة، وبالتالي، يحمل الحكومة كل المسؤولية".
ويتابع: "يمكن القول إنّه كان من المجازفة التبشير، خلال العام الأخير من الولاية الثانية لروحاني، بـ"الحکومة الإسلامية الفتية"، حيث قام علي خامنئي بتهيئة الأجواء لتولي "رئيسي" للحكم، والمحسوب على مكتب المرشد الإيراني، والجناح المتشدد، واعتبر خامنئي أنّ الرجل الجديد في الرئاسة مثلما تمكن في لجنة الإعدامات من تنفيذ مجزرة عام 1988، بتصفية آلاف المعارضين من أعضاء وأنصار مجاهدي خلق، فإنّه سينجح، بالتبعية، في إدارة الأمور وإخراج النظام من أزمته الحادة، السياسية والاقتصادية، والتي وصلت إلى مرحلة بالغة الخطورة خلال عهد روحاني، كما بلغت درجة قصوى من التأزم والانسداد، حيث اندلعت احتجاجات عنيفة بين عامي 2017 و2019".
وعلى ما يبدو أنّ خامنئي کان يراهن على "قسوة" و"تشدد" رئيسي من الناحية السياسية والإجرائية في إدارة الحكم، وكذا ما يتصل بقراراته وتعاطيه مع کل من يقف بوجه النظام، بحسب المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني، وقد أمسى واضحاً بأنّ "رهان خامنئي هذا کان في غير محله، خاصة أنّ الفترة الأخيرة شهدت نشاطات وتحرکات مضادة عنيفة ضد النظام، کان من أبرزها احتجاجات أصفهان، وکذا احتجاجات وإضرابات المعلمين، إلى جانب صدور العديد من القرارات والتوصيات الدولية التي دانت الملالي، سياسياً وحقوقياً، الأمر الذي يؤكد على أنّه من الصعب جداً أن يكون خامنئي موفقاً في حساباته أو رهاناته".