استمرار الصراع في الشرق الأوسط يؤثر على مستقبل الاقتصاد العالمي.. تعرف على أبرز النتائج؟
تلقي الأحداث المتسارعة والمتزايدة للصراعات والتوترات في منطقة الشرق الأوسط بظلالها على مختلف مناحي الحياة، ليس فقط في المنطقة، بل يمتد تأثيرها إلى العالم بأسره. ولم تقتصر تداعيات هذه الصراعات على الخسائر البشرية وتدمير البنى التحتية فحسب، بل تأثرت الاقتصادات المحلية والدولية بشكل كبير جراء تلك الأحداث.
الاقتصاد العالمي لم يكن بمنأى عن آثار ما يحدث في المنطقة، خاصة مع تصاعد الحرب الشرسة بين إسرائيل من جهة، وإيران وعدد من الدول العربية من جهة أخرى. العديد من الدراسات والأبحاث تشير إلى أن التوتر المتزايد في الشرق الأوسط يعزز حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي، حتى مع محاولة صناع السياسات الحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية والتحكم في معدلات التضخم دون التسبب في ركود اقتصادي.
في هذا السياق، أرسلت إسرائيل قواتها إلى جنوب لبنان بعد غارات جوية مكثفة استمرت أسبوعين، ما أسهم في تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. وفي قطاع غزة، تواصل حركة حماس القتال مع إسرائيل منذ نحو عام. وفيما يتعلق بتأثيرات هذا الصراع، فإن أسواق المال العالمية شهدت اضطرابات، حيث لجأ المستثمرون إلى استثمارات الملاذ الآمن مثل الدولار الأميركي، الذي ارتفعت قيمته إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع.
أما بالنسبة لأسعار النفط، فقد ارتفعت بنحو 5% في أحد الأيام وسط مخاوف من أن يؤدي تصاعد الصراع إلى تعطيل تدفقات الخام من المنطقة. قد تتفاقم هذه المخاوف إذا استهدفت إسرائيل البنية التحتية النفطية في إيران، ما قد يؤدي إلى رد فعل عنيف من طهران. ومع ذلك، يرى المحللون أن تأثير هذا التصعيد على المستهلكين قد يكون محدودًا في الأمد القريب، نظرًا لمستويات المخزون الكبيرة في الولايات المتحدة، وقدرة الدول المنتجة في أوبك على التخفيف من آثار الاضطرابات.
من ناحية أخرى، يحرص محافظو البنوك المركزية على التركيز على الاتجاهات الاقتصادية طويلة المدى، دون تجاهل الأحداث الجيوسياسية بشكل كامل. فقد صرح محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، أن البنك قد يضطر إلى خفض أسعار الفائدة بصورة أسرع إذا استمرت الضغوط التضخمية في التراجع. وأشار بيلي إلى أن هناك التزامًا دوليًا بالحفاظ على استقرار أسواق النفط، لكنه لم يستبعد احتمال ارتفاع الأسعار إذا استمر التصعيد في المنطقة.
في السياق نفسه، قال صندوق النقد الدولي إن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط قد يكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والعالم، على الرغم من أن أسعار السلع الأساسية لا تزال أقل من أعلى مستوياتها في العام الماضي. وعلقت المتحدثة باسم الصندوق، جولي كوزاك، بأن من السابق لأوانه تحديد التأثيرات المحتملة على الاقتصاد العالمي بدقة.
في الوقت الحالي، يبلغ سعر العقود الآجلة لخام برنت حوالي 80 دولارًا للبرميل، وهو أقل من مستوى 84 دولارًا الذي وصل إليه بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر الماضي، وأقل بكثير من أعلى مستوياته البالغة 130 دولارًا بعد بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022.
أوروبا قد تكون الأكثر تأثرًا بارتفاع أسعار النفط، لأنها تعتمد على الاستيراد أكثر من الولايات المتحدة التي تمتلك إنتاجًا محليًا كبيرًا من الخام. ومع ذلك، يقدر صناع السياسات في أوروبا أن زيادة بنسبة 10% في أسعار النفط لن ترفع معدل التضخم إلا بنسبة 0.1%.
قد تكون التداعيات الاقتصادية أكثر وضوحًا في حالة اندلاع حرب شاملة، ما قد يؤدي إلى هجمات واسعة على البنية التحتية للطاقة في الشرق الأوسط والخليج، بالإضافة إلى اضطرابات كبيرة في طرق التجارة عبر البحر الأحمر. شركة "أكسفورد إيكونوميكس" قدّرت أن هذا السيناريو قد يرفع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل، ويقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 0.4 نقطة مئوية في العام المقبل، الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي حاليًا عند 3.3%.
ختامًا، ستظل التوترات والصراعات في الشرق الأوسط تهدد الاقتصاد العالمي وتزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية وأسعار الطاقة، مما يضع تحديات جديدة أمام الاقتصاد العالمي في المستقبل.