رغم التنسيق الدائم.. هل تفاجئ إسرائيل أميركا بضرب إيران دون إخبارها بالموعد والأهداف؟
مع تصاعد التصريحات والتهديدات الإسرائيلية بشأن الرد المرتقب على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل مطلع شهر أكتوبر الجاري يعيش العالم حالة من القلق والترقب خوفا من انزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى أتون حرب شاملة تدخل فيها العديد من الأطراف وتهدد أمن واستقرار العالم أجمع لاسيما مع استمرار العداون الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة وفي الضفة الغربية وعلى لبنان وعدم وجود أفق لوقف إطلاق النار.
ورغم كثرة التصريحات والتهديدات الإسرائيلية برد قاتل وموجع ودقيق ومفاجئ لكن حتى الآن لم يتم الكشف عن ماهية الرد أو موعده أوكيف سيكون أو بنك الأهداف التي ستضربها إسرائيل خاصة في ظل تصريحات بعض المسئولين بأن الضربة ربما تطال النووي الإيراني أو منشآت النفط، وهو ما تسعى الولايات المتحدة لتجنبه عن طريق التنسيق الدائم، لكن مصادر مطلعة تشير إلى أنه ربما تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة لطهران دون إخبار قادة أميركا بموعد الرد والأهداف التي ستقوم بضربها وهو ما تخشاه واشنطن خوفا من تدهور الأمور وزيادة التصعيد ومن ثم انزلاق المنطقة كلها في حرب شاملة.
تنسيق دائم ومستمر
بحث اليوم الأربعاء الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر الهاتف، خطط إسرائيل للرد على الهجوم الإيراني، وانضمت نائبة الرئيس كامالا هاريس أيضاً إلى هذه المكالمة الهاتفية، بحسب موقع "أكسيوس"، كما أفاد مكتب نتنياهو بأن المكالمة استمرت 50 دقيقة، دون أن يوضح أي تفاصيل عنها.
من جانبه قال المتحدث باسم البنتاجون باتريك رايدر، إن الولايات المتحدة تنسق بشكل دائم مع الجانب الإسرائيلي بشأن الخطوات المتعلقة بالرد المتوقع على الهجوم الإيراني الذي نفذته طهران على إسرائيل.
وشدد رايدر، في مؤتمر صحفي أمس، على ضرورة تفادي تصعيد كبير في منطقة الشرق الأوسط، وقال: "نتفهم أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن لا نريد بعض التقديرات الخاطئة".
وحول إمكانية إقدام إسرائيل على رد منفرد بدون موافقة الولايات المتحدة، قال رايدر: "إسرائيل دولة ذات سيادة. لدينا تحالفات وشراكات للعمل على إيجاد حل الوضع الراهن في الشرق الأوسط. نريد حل المشكلة من جذورها، أي نريد وقفا لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن".
أميركا لا تعلم تفاصيل الرد
توعد نتنياهو بأن تدفع إيران ثمن هجومها الصاروخي، بينما قالت طهران إن أي رد انتقامي سيقابل "بدمار هائل"، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقاً في المنطقة المنتجة للنفط، والتي قد تنجر إليها الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن هناك حالة من الإحباط في الإدارة الأمريكية من إحجام إسرائيل عن مشاركة خطط الهجوم على إيران خاصة أنها تأمل في تجنب تكرار الهجمات المفاجئة مثل اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني.
وقال مسئولون أمريكيون إن إسرائيل رفضت حتى الآن الكشف لإدارة جو بايدن عن تفاصيل خططها للهجوم على طهران، حتى مع حث البيت الأبيض، إسرائيل، أقرب حلفائها في الشرق الأوسط، على عدم ضرب منشآت النفط الإيرانية أو المواقع النووية وسط مخاوف من اتساع نطاق الحرب الإقليمية، وأشاروا إلى أن قادةواشنطن لا يعرفون حتى الآن توقيت الضربة أو ما قد تستهدفه إسرائيل.
وتوقع مسئولون أمريكيون، في حديث مع موقع "أكسيوس"، أن ترد إسرائيل على هجمات إيران بشن غارات على أهداف عسكرية إيرانية وعمليات سرية على غرار اغتيال مدير المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
كما قال مسئولون أمريكيون لشبكة NBC NEWS إن قادة إسرائيل لم يُطلعوا الولايات المتحدة حتى الآن على تفاصيل ردهم العسكري المرتقب على الهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران على الرغم من أن مسؤولين عسكريين أميركيين ناقشوا إمكانية دعم الرد الإسرائيلي بمعلومات استخباراتية أو ضربات جوية.
وأشاروا إلى أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ناقش مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في مكالمة، الأحد، الردود المحتملة، في الوقت الذي لم تتخذ إسرائيل قراراً نهائياً بشأن طبيعة الرد أو توقيته، وأضافوا أن "الخيارات المطروحة التي يتم النظر فيها تشمل استهداف البنية التحتية العسكرية والاستخباراتية الإيرانية، والدفاعات الجوية، ومنشآت حيوية للطاقة"، وأشاروا إلى أنه لم يتم مناقشة المنشآت النووية كأهداف محتملة.
رد قاتل ومفاجئ
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، اليوم الأربعاء، إن الهجوم الإيراني الأخير "كان عدوانياً، لكنه غير دقيق"، معتبراً أن "الرد الإسرائيلي القادم سيكون قاتلاً ودقيقاً ومفاجئاً للغاية، لدرجة أنهم لن يدركوا ما حدث وكيف حدث".
وجاءت تصريحات جالانت خلال زيارة "الوحدة 9900" التابعة للاستخبارات العسكرية، وهي مختصة بجمع المعلومات الاستخباراتية البصرية. وتابع قائلاً: "كما فعلنا حتى الآن في كل الجبهات، من يهاجمنا سيتعرض للضرر وسيدفع الثمن، هجومنا سيكون قاتلاً، دقيقاً، ومفاجئاً، ولن يفهموا ما حدث حتى يروا النتائج".
لا توجد ضمانات
في هذا السياق أكد مسئولون أمريكيون أن قادة الولايات المتحدة لم يحصلوا على تأكيدات من إسرائيل بأن واشنطن سوف يتم إخطارها قبل الضربة الإسرائيلية المتوقعة على إيران، بل أشاروا إلى محادثات متكررة بين كبار المسؤولين للتنسيق بشان معظم القضايا العسكرية.
وفي الشهر الماضي، نفذت إسرائيل ضربة ضد زعيم حزب الله حسن نصر الله دون إبلاغ الولايات المتحدة مسبقًا حيث فاجأ القصف كبار المسؤولين في الإدارة، ووقع بينما كانت واشنطن تأمل في الانتهاء من خطة وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.
وقال مسؤولون دفاعيون إن وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن كان محبطًا لأن الولايات المتحدة لم يكن لديها الوقت الكافي لوضع قواتها للدفاع عن إسرائيل أو حماية القوات الأمريكية القريبة.
محاكاة لضرب النووي الإيراني
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن عشرات الطائرات المقاتلة الإسرائيلية قامت، قبل عامين، بمحاكاة ضربة على المنشآت النووية الإيرانية، وهي التدريبات التي أعلنت عنها قوات الدفاع الإسرائيلية علناً باعتبارها تمريناً على "التحليق لمسافات طويلة والتزود بالوقود جواً وضرب أهداف بعيدة" وفقا ل
ولم يكن الهدف من التدريبات مجرد ترهيب الإيرانيين بل كان الهدف أيضاً إرسال رسالة إلى إدارة بايدن حيث كانت القوات الجوية الإسرائيلية تتدرب على إجراء العملية بمفردها، على الرغم من أن فرص النجاح ستكون أعلى بكثير إذا انضمت الولايات المتحدة بترسانتها من "الصواريخ الخارقة للتحصينات".
وكان نفتالي بينيت، رئيس الوزراء السابق، قد كتب مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي: "تتمتع إسرائيل الآن بأعظم فرصة لها منذ خمسين عامًا، لتغيير وجه الشرق الأوسط. يتعين علينا أن نتحرك الآن لتدمير البرنامج النووي الإيراني، ومرافق الطاقة المركزية، وشل هذا النظام الإرهابي بشكل قاتل".
وشن المسؤولون الأميركيون، بدءا من بايدن، حملة لسحب مثل هذه الضربات من على الطاولة، قائلين إنها من المرجح أن تكون غير فعالة وقد تدفع المنطقة إلى حرب شاملة.