في ذكرى وفاتها.. أسرار جديدة في كوكب الشرق
تحل اليوم الذكرى ٤٧ لوفاة كوكب الشرق ام كلثوم، فرغم رحيلها منذ ٤ عقود مازالت فاطمة ابراهيم السيد البلتاجي ايقونة الفن العربي.
ورحلت ام كلثوم في ٣ فبراير من عام ١٩٧٥، بعد معاناة مع المرض، تاركة خلفها إرثاً فنياً عظيماً لا يزال حاضراً حتى اليوم وبقوة، ليملأ صوتها الدنيا طرباً وغناءً وكأنها لم تغب يوماً.
وتحمل حياتها منذ ولادتها في ٣١ ديسمبر ١٨٩٨ بقرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية، وبدأت الغناء في الموالد الشعبية وانتهت بالوقوف على أكبر مسارح باريس، الكثير من الاسرار.
رغم اختلاف المؤرخين حول توقيت إطلاق هذا اللقب على أم كلثوم، إلا أنّ العديد منهم يتفق على أنّ لقب "كوكب الشرق" كان هدية فلسطينية لدرة الغناء العربي
قبل منتصف العشرينيات، استقرت أم كلثوم في القاهرة، بعدما أنهت مرحلة التأسيس في قريتها وما يجاورها من أرياف الدلتا، وفي القاهرة، بدأت مسيرة صعودها، الذي لا قبل لأحد بإيقافه أو منافسته، بعد أن أدركت النخب الثقافية والفنية أنّ الصوت القادم من ريف الدقهلية ليس كالأصوات، وأنّ الفتاة القروية تغني غناء فيه من القوة والجلال والإحكام والفصاحة ما لا يجتمع في أصوات كبيرات الطرب المعاصرات.
وانحاز الشيخ مصطفى عبد الرازق علناً إلى الفتاة "المعجزة"، ولم تمنعه مكانته الأزهرية من أن يكتب مشيداً بصوتها وطريقتها، بل استخدم نفوذه المعنوي لإقناع والدها بقبول التخت الموسيقي.
مثّل النصف الثاني من عقد العشرينيات، وفق مقال للكاتب هيثم أبو زيد، مرحلة تثبيت الأقدام في القاهرة، وخلاله تجاوزت أم كلثوم عقبات التثبيت إلى مطالب الإثبات.. .إثبات التفوق والأولية والتجاوز، وتم لها كل ذلك عبر ألحان ثلاثة صائغين: أبو العلا محمد، ومحمد القصبجي، وأحمد صبري النجريدي.
"كوكب الشرق".. هدية فلسطينية
تشير الكثير من المصادر إلى أنّ لقب "كوكب الشرق" أطلق لأول مرة على أم كلثوم خلال إحدى حفلاتها في فلسطين، التي كانت سوقاً رائجة للفن والأفلام المصرية.
وأُطلق على أم كلثوم لقب كوكب الشرق عندما ذهبت إلى فلسطين عام 1928، حيث زارت أم كلثوم مدينة القدس وغنت على مسرح "عدن" أمام جمهور غفير من عشاق الطرب والشعر العربي القديم، وبعد الحفل تم الإعلان عن منح أم كلثوم لقب " فاتنة الجماهير ومطربة الشرق الوحيدة".
ومن القدس انطلقت أم كلثوم إلى حيفا عبر القطار لإحياء حفلين، الأول كان في شارع الملوك والثاني في مسرح الانشراح، وعلى مسرح الانشراح صعدت سيدة حيفاوية تدعى أم فؤاد وقالت لأم كلثوم أنت "كوكب الشرق" بأكمله، كما يشير بعض المؤرخين، فى حين أشار آخرون إلى أنّ هذه السيدة الفلسطينية أطلقت هذا اللقب على أم كلثوم فى إحدى زيارتها لفلسطين عام 1946، بعد أن غنّت أغنية "أفديه إن حفظ الهوى".
منديل أم كلثوم
واشتهرت أسطورة الطرب، بالعديد من الطقوس التي كانت تقوم بها قبل وأثناء حفلاتها الأمر الذي ميزّها أكثر عن باقي الفنانات، وأكثر ما ينسب إليها هو المنديل الذي كانت تحمله في يدها.
وكانت كوكب الشرق الراحلة كشفت بنفسها عن هذا السر خلال مقابلة إذاعية قديمة عندما سألها المذيع عن هذا اللغز الذي حيّر كل محبيّها، فردّت أم كلثوم بكل صراحة أنّ السبب هو خوفها من الجمهور.
وصرّحت: "كلما كبر الفنان ازداد خوفه من الجمهور احتراماً له، لذلك أنا أمسك المنديل في يدي لأنها تبدأ بالتعرق من شدة التوتر لحظة فتح الستارة… فأمسك المنديل بيدي الذي يريحني من التوتر والبرودة".
وفي سياق منفصل، كانت تعرف أم كلثوم أنها في بداية حفلاتها تحيي الجمهور ثم تجلس على كرسي على المسرح لحين انتهاء الفرقة من عزف مقدمات أغانيها،
وتبين أنّ السبب يعود لتجنب مشيها أمام الجمهور فهي لا تقوى على ذلك بسبب خوفها الشديد، فكانت عندما تفتح الستارة تحيي الجمهور وتجلس تتأمل الوجوه وتألفها كي تستطيع الغناء براحة، وفق ما أورد موقع "الفن".
أم كلثوم وعبد الحليم حافظ
كان يعتقد أنّ هناك خلافات حادة بين عبد الحليم وأم كلثوم، ولكن الأمر لم يتعد كونه سوء تفاهم حدث مع الفنان عبد الحليم حافظ، جعلهما في حالة خصام لمدة 5 أعوام.
جاء الخلاف بسبب تعاقد كل من أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، على إحياء إحدى الحفلات الرسمية، وقد طلبت "كوكب الشرق"، بأن تصعد إلى المسرح أولاً، لتستمر فى إحيائه وعرض فقراتها حتى ساعة متأخرة من الليل، وهو ما أغضب "عبد الحليم"، وعلّق فى الميكروفون قائلاً: "على ما يبدو أنه مقلب"، وهو ما أثار غضب كوكب الشرق ليستمر الخلاف 5 أعوام، إلى أن تصالحا فى إحدى الحفلات بعدما قبّل عبد الحليم حافظ يدها.
علاقتها بالملك فاروق وناصر والسادات
كانت العلاقة بين أم كلثوم والقصر في ظل الحكم الملكي وطيدة جداً، وكان الملك فاروق يقدرها ويعرف قيمتها، إذ غنت له ما يقرب من 14 أغنية، أطلق عليها "الفاروقيات".
وبلغ تقدير فاروق لكوكب الشرق أن ذهب لحضور حفل ليلة العيد عام 1944 بشكل مفاجئ وعندما اكتشفت كوكب الشرق الأمر غيرت في كلمات الأغنية التي تشدو بها وقالت: "يا نيلنا ميتك سكر، وزرعك في الغيطان نور، يعيش فاروق ويتهنى ونحيي له ليالي العيد".
عندما قامت ثورة 1952 تعرضت أم كلثوم للاضطهاد بسبب علاقتها بالقصر وتم عزلها من منصب نقيب الموسيقيين وتم أيضاً منع أغانيها من الإذاعة المصرية بصفتها مطربة العهد البائد، وقررت أم كلثوم الاعتزال بسبب هذه المضايقات.
وبعد شهرين من المنع عرف جمال عبد الناصر تفاصيل الأزمة عن طريق الصاغ أحمد شفيق، ومن فرط تقدير عبد الناصر لفن وتاريخ كوكب الشرق اصطحب عبد الحكيم عامر وصلاح سالم من مجلس قيادة الثورة لإقناعها بالتراجع عن الاعتزال.
ومن ثم باتت علاقة أم كلثوم بعبد الناصر وطيدة جداً، وهو الأمر الذي منحها قوة ونفوذاً كبيراً في عهده، وكانت تحبه لدرجة أنها أعلنت اعتزالها بعد وفاته، لكنها عادت بعدما بذل الرئيس الجديد أنور السادات جهداً كبيراً لإعادتها للمسرح.
8 رجال في حياة "أم كلثوم"
الرجل الأول في حياة "كوكب الشرق"، هو الشيخ عبد الرحيم، وهو أحد أصدقاء والدها، الذي تزوج منها بشكل صوري، حتى تتمكن من السفر للعراق لإحياء 4 حفلات هناك، حيث كان القانون يمنع سفر الفنانات غير المتزوجات إلى الخارج، اضطرت لتلك الحيلة حتى تتمكن من السفر، واستمرت هذه الزيجة 3 أسابيع وهي الفترة التي قضتها "أم كلثوم" خارج البلاد.
الرجل الثاني، هو الشاعر "أحمد رامي"، الذي وقع في غرام "كوكب الشرق" من أول لقاء، واتخذ على عاتقه مهمة كتابة ما يشعر به في أشعار تجسدها بصوتها، لكنها لم تستجب لحبه.
وعندما سُئلت "أم كلثوم" عن حب "رامي" لها، قالت: "أعلم أن رامي يعشقني، وكتب فيّ من القصائد ما لا كتبه شاعر قديم في حبيبته، لكني لو تزوجته ستنطفئ نيران الشعر في أعماقه".
الرجل الثالث، كان الموسيقار "محمد القصبجي"، الذي جسّد عشقه لها في ألحانه، وفي موافقته على الجلوس خلفها على كرسي خشبي وفي يده العود، فقد ارتضى أن يعيش صامتاً في حبه لا يرغب سوى في البقاء بجانبها، فهو لم يتحمل فراقها على الرغم من رفضها عدداً من ألحانه.
أما الرجل الرابع، فكان شريف صبري باشا، شقيق الملكة نازلي، الذي وقع أسير حبها، والذي حاول الزواج منها لكن عائلته رفضت هذه الزيجة بشدة مما جعله يتراجع عن قراره ويبتعد، إلا أنّ حبه لها جعله يعود مرة أخرى ليطلب منها الزواج ولكن بشكل سري وهو ما رفضته كوكب الشرق.
والرجل الخامس، والذي كان أول رجل خفق له قلب أم كلثوم، هو طبيب الأسنان والملحن "أحمد صبري النجريدي" الذي أيقظ مشاعر الأنوثة بداخلها ودفعها لارتداء الفساتين والتخلص من العقال الذي كان يشبهها بالرجال، وعندما تأكد من مشاعرها نحوه، طلب الزواج منها، لكن والدها رفض طلبه، وهنا شعر "النجريدي" بالإهانة فانسحب من حياتها.
الرجل السادس، هو الملحن "محمود الشريف"، الذي نشأت بينهما قصة حب كبيرة في منتصف الأربعينيات، وانتهت بالزواج لكنه لم يستمر سوى أسابيع قليلة، حيث طلبت الطلاق منه بعدما فوجئت بأنه لا يزال محتفظاً بزوجته الأولى.
الرجل السابع، هو الكاتب الصحفي "مصطفى أمين"، الذي ظن البعض أنّ علاقتها به توقفت عند حد الصداقة القوية، إلى أن أكدت الدكتورة "رتيبة الحفني" زواجهما بعقد عرفي، لمدة 11 عاماً.
الرجل الثامن، وهو الدكتور حسن الحفناوي، الذي كان يصغرها بنحو 17 عاماً، والذي تزوجت منه بشكل مفاجئ ربما لرغبتها في الاحتفاظ به كطبيب خاص طول الوقت، واستمر زواجها منه حتى وفاتها.