بعد تصريحات السيسي ومدبولي وعبد العاطي.. هل تقوم مصر بخطوات جادة لانتزاع حقها في مياه النيل؟
يبدو أن أزمة سد النهضة الإثيوبي وما يشكله من تهديد حقيقي لمياه النيل أصبحت مسألة هامة بالنسبة للقيادة المصرية، خاصة بعد التعنت الإثيوبي في المفاوضات المتعلقة بطريقة ملء السد.
في الوقت الحالي، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي العديد من التصريحات الهامة التي تؤكد حق مصر في الحفاظ على أمنها المائي.
يلقي موقع «خليجيون نيوز» في التقرير التالي الضوء على موقف القيادة المصرية من أزمة السد وتحركاتها للحفاظ على أمنها المائي وحقوقها في مياه النيل.
الحفاظ على نهر النيل مسألة وجودية لمصر
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، أن بلاده تضع المياه على رأس أولوياتها، معتبرًا نهر النيل تحديدًا قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، حيث يشكل المصدر الرئيسي للمياه في مصر بنسبة تتجاوز 98%.
وأضاف السيسي، خلال افتتاح النسخة السابعة من أسبوع القاهرة للمياه، أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي مسألة وجودية تتطلب التزامًا سياسيًا دؤوبًا، وجهودًا دبلوماسية، وتعاونًا مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.
ودعا السيسي المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه لجهود الدول الأفريقية في مجال إدارة الموارد المائية، وتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمة لتنفيذ المشروعات التي تهدف إلى تحقيق الأمن المائي والتنمية ونشر السلام في القارة.
كما أشار إلى أن مصر، في إطار التزامها العميق بهويتها الأفريقية، تبنت العديد من المبادرات والبرامج القارية ذات الصلة بالمياه.
ورغم عدم تطرق السيسي مباشرة إلى الخلاف مع إثيوبيا حول سد النهضة خلال كلمته التي استغرقت نحو 5 دقائق، إلا أنه أشار إلى أزمة شح المياه العالمية وندرتها لأسباب، منها "المشروعات العملاقة التي تقام لاستغلال مياه الأنهار الدولية بشكل غير مدروس".
عبد العاطي: رفض السياسات الأحادية الإثيوبية
وفي أول سبتمبر الماضي، وجه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ردًا على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بشأن المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة.
أكد عبد العاطي في الخطاب "رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي"، واعتبرها خرقًا واضحًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021، بحسب بيان الخارجية المصرية.
واعتبرت القاهرة أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي بشأن احتجاز كمية من مياه النيل الأزرق واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد تُعد غير مقبولة تمامًا. وأشارت إلى أن اكتمال بناء السد يعكس استمرار إثيوبيا في نهج "يثير القلاقل مع جيرانها ويهدد استقرار المنطقة".
مدبولي: التشغيل الأحادي للسد قد يؤدي إلى عواقب وخيمة
من جانبه، حذر رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، الأحد، من أن "التشغيل الأحادي غير التعاوني" لسد النهضة قد يؤدي إلى "عواقب وخيمة"، خاصة في ظل فترات الجفاف المطول.
جاء ذلك في كلمة لمدبولي خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات "أسبوع القاهرة للمياه" في نسخته السابعة، بحضور عدد من الوزراء الأفارقة، السفراء، ورئيس المجلس العالمي للمياه، وممثلي الاتحاد الأوروبي ومجلس وزراء المياه الأفارقة.
أشار مدبولي إلى "المخاطر الناتجة عن التحركات الأحادية التي لا تلتزم بمبادئ القانون الدولي المتعلقة بأحواض الأنهار المشتركة"، مؤكدًا أن السد الإثيوبي تم إنشاؤه دون التشاور الكافي أو الدراسات المطلوبة حول التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأوضح أن هذه التحركات تمثل انتهاكًا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان في 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن في 2021، معتبرًا أن استمرار تلك التحركات يمثل تهديدًا وجوديًا لأكثر من 100 مليون مواطن مصري.
عبد العاطي: مصر جاهزة لاتخاذ أي تدابير
أما الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، فقد أكد أن القاهرة مستعدة لاتخاذ أي تدابير لحماية حقوقها في مياه النيل.
وأضاف عبد العاطي أن مصر تهتم بقضية المياه باعتبارها قضية وجودية، مشددًا على أن سياسة الدولة المصرية تقوم على التعاون الدولي الفعال للحفاظ على تدفق المياه، والالتزام بقواعد القانون الدولي.
مصر في مواجهة أزمة سد النهضة
في ختام التقرير، يبقى السؤال قائمًا: هل تقوم مصر بخطوات جادة وحاسمة لانتزاع حقوقها المائية في مواجهة تعنت إثيوبيا في ملف سد النهضة؟
الأيام المقبلة قد تحمل الإجابة عن هذا السؤال، في ظل استمرار الجهود الدبلوماسية والسياسية المصرية لضمان حقوقها التاريخية في مياه النيل.