النفاق الايراني.. محادثات دولية للاتفاق النووي ومحاولات لتخريب امن الخليج
في الوقت الذي تستمر فيه ايران في محادثاتها النووية الدولية مع العالم الغربي، تسعى من الناحية الأخرى لزعزعة أمن الخليج من خلال حزب الله في لبنان وميليشيا الحوثي في اليمن.
وبالرّغم من أنّ المفاوضات كانت تجري منذ عدّة أشهر، إذ تولّى دبلوماسيّون أوروبيّون الدّور القياديّ في المناقشات مع الوفد الإيرانيّ لأنّ الولايات المتّحدة وإيران لم تتّفقا بعد على إقامة حوار مباشر، فإنّ كلّ المؤشّرات تشير إلى أنّ التّقدّم بطيء للغاية.
واتّهم المفاوضون الغربيّون الإيرانيّين بتمديد الوقت وعدم الاقتراب من المفاوضات بجديّة كافية، وفضّلوا بدلاً من ذلك صبّ تركيزهم على أنشطة تخصيب اليورانيوم، التي تجاوزت الآن الحدّ المتّفق عليه أصلاً في اتّفاق 2015 المبرم بمساعدة إدارة أوباما.
وفي الواقع، مع توقّع وصول إيران إلى عتبة التّخصيب لإنتاج مواد تُستخدم في صنع الأسلحة في الأسابيع القليلة المقبلة، هناك قبول عامّ بأنّه إذا لم يُتوَصّل إلى اتّفاق قريباً، فإنّ المفاوضات ستنهار، مع كلّ التّداعيات التي يحتمل حدوثها على الأمن في منطقة الخليج.
بعد كلّ شيء، ليس هناك فائدة تُذكر في السّعي إلى صفقة لتقييد قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم إلى المستوى المطلوب لإنتاج أسلحة نوويّة إذا كان الإيرانيّون قد حقّقوا بالفعل هذا المعيار المقلق.
ومع وصول المفاوضات النّووية إلى منعطف حاسم، يعتقد مسؤولو الأمن الخليجيّون أنّ العديد من الهجمات التي ينفّذها المتمرّدون الحوثيّون في اليمن، والتي تلقّت دعماً عسكرياً كبيراً من إيران، يمكن ربطها بالمحادثات النّووية، وهي محاولة سافرة من قِبل طهران للضّغط على الغرب لتقديم تنازلات في محادثات فيينا.
أدلة تورط طهران
يتمثّل الموقف الرّسمي لإيران في أنّ الحوثيّين يتصرّفون بشكل مستقلّ عن إيران، وأنّ تأثير طهران ضئيل على أنشطتهم الإرهابيّة، لكنّ مسؤولي الأمن في الخليج يرسمون صورة مختلفة، وقد جمعوا قدراً هائلاً من الأدلّة التي تُشير إلى تورّط إيرانيّ عميق الجذور في العديد من الهجمات الإرهابيّة الّتي نفّذها الحوثيّون في المنطقة في الأعوام الأخيرة.
تشمل هذه العمليات الصّواريخ والطّائرات بدون طيّار المستخدمة في الهجمات ضدّ التّحالف الذي تقوده السعوديّة، والتي تحمل علامات تصنيع شركات إيرانيّة، والأسلحة إيرانيّة الصّنع التي ضُبطت في قوارب متّجهة من إيران إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيّون في اليمن، وتقارير عن خبراء فنيّين إيرانيّين يسافرون إلى اليمن لمساعدة المتطرّفين الحوثيّين في تجميع صواريخ باليستيّة إيرانيّة الصّنع تُستخدم بعد ذلك لمهاجمة أهداف تخصّ التّحالف في السّعودية والخليج.
مع تزايد الأدلة على تورّط إيران المباشر في تقديم دعم عسكريّ كبير للحوثيّين، بما في ذلك تسليم صواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيّار، لا يشكّ مسؤولو الأمن الخليجيّون في أنّ إيران تلعب دوراً نَشِطاً في المساعدة في توجيه الأنشطة الإرهابيّة للحوثيّين، بما في ذلك سلسلة الهجمات الّتي وقعت هذا الشّهر ضدّ الإمارات.
وفي أعقاب الهجوم المنسّق الأسبوع الماضي على عدد من الأهداف في الإمارات، والذي قتل فيه ثلاثة أشخاص وأصيب ستّة، إثر انفجار شاحنة وقود بالقرب من مطار أبوظبي الدّولي، تمّ اعتراض صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيّون على أبوظبي وتدميرهما.
وهناك اعتقاد متنامٍ بين الدبلوماسيّين الخليجيّين بأنّ التّصعيد الأخير في الهجمات ضدّ الإمارات، وكذلك استمرار الحوثيين في هجماتهم على مواقع سعوديّة، مرتبط بشكل مباشر بمحادثات فيينا، ومحاولات طهران للضّغط على المفاوضين الغربيّين للاتفاق على صفقة في صالح إيران.
وعلّق مسؤول أمنيّ خليجيّ بارز بأنّه "على الرّغم من أنّ الموقف الرسميّ لإيران هو أنّه ليس لديها سيطرة رسميّة على الحوثيّين، فإنّ الحقيقة هي أنّ إيران متورّطة بشدّة في أنشطة الحوثيّين الإرهابيّة".
وأضاف: "كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ إيران تنظّم هذه الهجمات لزيادة الضّغط على الغرب لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النّووي".