الكويت والإمارات.. علاقات وثيقة يرسخها الحرص الدائم على تعزيزها في كل المجالات
عززت الزيارات المتبادلة بين قيادتي دولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الشقيقين، وأضفت أبعاداً وآفاقاً أعمق على الشراكة الاستراتيجية المتجذرة على مدى عقود، في عام حافل بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات. وتمثل زيارة دولة التي يقوم بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى دولة الكويت غداً الأحد خطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين الشقيقين، التي وطدها حرصهما الدائم على تطويرها في كل المجالات.
وتأتي الزيارة استكمالاً لما نهجته القيادات الحكيمة في البلدين الشقيقين على مدار العقود الماضية من تبادل الزيارات الدورية، تعزيزاً للروابط الوطيدة التي تجمع بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين وتأصيلاً للعلاقات الثنائية والمصير المشترك والشراكة الاستراتيجية بينهما. وشهد تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الممتد نحو ستة عقود زيارات متبادلة لكبار المسؤولين فيهما، استهدفت تطوير العلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة من التعاون المثمر بين الجانبين، وتعزيز التعاون والتنسيق حيال الملفات ذات الاهتمام المشترك إقليمياً وعالمياً.
وازدادت تلك العلاقة رسوخاً في ظل القيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، الذي زار الإمارات في الخامس من مارس الماضي في زيارة دولة، حيث عقد محادثات مع سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بحثا خلالها العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات كافة. وصدر عقب تلك الزيارة بيان مشترك، أشاد فيه الجانبان بالتعاون الوثيق بينهما في المجال السياسي والقنصلي والدبلوماسي والاقتصادي والتجاري والمالي والاستثماري والقطاع الخاص والطاقة والأمن السيبراني والاتصالات والتكنولوجيا والنقل البحري والموانئ، إضافة إلى مجالات التعاون الأخرى العديدة.
وأشاد الجانبان في البيان بنمو العلاقات التجارية والاستثمارات الثنائية، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية السلعية غير النفطية بين البلدين في العام 2023 نحو 12.2 مليار دولار أمريكي بنمو نسبته 2 في المئة مقارنة بعام 2022، مؤكدين أهمية توسيع آفاق التعاون والشراكة الاقتصادية بينهما واستثمار الفرص المتاحة في البلدين، واستكشاف وتطوير الفرص الاقتصادية في ضوء "رؤية كويت جديدة 2035" و"رؤية نحن الإمارات 2031" التنمويتين.
وفي الجانب الدفاعي والأمني، أكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون الدفاعي وتطوير العلاقات والشراكات الاستراتيجية لحماية أمن واستقرار البلدين والمنطقة، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الجرائم بكل أشكالها والتصدي للإرهاب وتبادل الخبرات في مجال أمن الحدود، مشيدين بمستوى التعاون والتنسيق الأمني القائم بين البلدين.
ورحب الجانبان في البيان المشترك بقيام المستثمرين والشركات الإماراتية والكويتية بتوسيع أعمالهم والاستفادة من الفرص المتاحة في المشروعات التي تشهدها جميع القطاعات الحيوية في البلدين ضمن الاستعدادات لاستضافة الأحداث والفعاليات الكبرى في السنوات المقبلة.
وفي الثاني من سبتمبر الماضي، زار وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا الإمارات العربية المتحدة، حيث اجتمع مع رئيس الدولة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبحث معه العلاقات الأخوية الراسخة ومسارات التعاون والعمل المشترك وسبل تعزيزها في مختلف المجالات التي تخدم مصالح البلدين المتبادلة. وافتتح الوزير اليحيا خلال تلك الزيارة، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، المقر الجديد لسفارة دولة الكويت في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وفي الثامن من أكتوبر الماضي، استقبل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، رعاه الله، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الإماراتي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال زيارته الرسمية للبلاد.وجرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث الودية الطيبة التي عكست عمق العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين وسبل تعزيزها في المجالات كافة بما يخدم مصالحهما المشتركة، إضافة إلى بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وتتميز العلاقات بين البلدين على المستوى الثنائي أو من خلال مسيرة مجلس التعاون الخليجي وعلى الصعيد العربي بوجود تنسيق متبادل في المحافل الإقليمية والدولية، وتبادل وجهات النظر تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يصب في خدمة مصلحة الجانبين وأهدافهما المنشودة، ويعزز أواصر المحبة والتعاون، ويحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.
وتستذكر الكويت بكل الوفاء والتقدير الموقف الرسمي والشعبي لدولة الإمارات أثناء الغزو العراقي للكويت في أغسطس عام 1990، حيث استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها، كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.
وفي عام 1952، زار أمير الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح الشارقة، ووجه بإرسال بعثة تعليمية كويتية إلى الإمارات، حيث وصلتها في عام 1955، وبدأت بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها ودعمها بالكتب والأدوات المدرسية للطلبة، فيما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في الإمارات عام 1962، وأنشأت العديد من المراكز والمستشفيات. وساهمت دولة الكويت مالياً وإدارياً في تقديم تلك الخدمات والإشراف عليها، وأنشأت أيضاً محطة إرسال تلفزيوني في إمارة دبي، بدأ العمل بها عام 1969، وأطلق عليها "تلفزيون الكويت من دبي".
ويعتبر توقيع اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة للتعاون الثنائي بين البلدين بتاريخ 24 أبريل 2006 في الكويت، والاجتماع الأول للجنة المنعقد في أبو ظبي في الأول من مارس عام 2008، إحدى المراحل المهمة في تاريخ العلاقات الوثيقة القائمة بين البلدين.
وفي الثاني من يونيو عام 2013، عقدت الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة، وتم خلالها التوقيع على عدة برامج واتفاقيات، منها البرنامج التفعّيلي في مجال البيئة لعام 2014-2015، والبرنامج التنفيذي للاتفاق الثقافي والفني بين البلدين للأعوام 2013، و2014، و2015، إضافة إلى برنامج تعاون في مجال التدريب الدبلوماسي والبحوث، وبروتوكول تعاون مشترك بين غرفة تجارة وصناعة الكويت واتحاد غرف التجارة والصناعة في الإمارات.
وعقدت الدورة الثالثة للجنة العليا المشتركة في ديسمبر عام 2014 بدولة الإمارات، تم خلالها توقيع مذكرة تعاون بين هيئة الأوراق المالية والسلع بين البلدين، ومذكرتي تفاهم للتعاون الصناعي وفي مجال النفط والغاز والبتروكيماويات ومصادر الطاقات الجديدة والمتجددة، إضافة إلى برنامج تنفيذي للتعاون في مجال المكتبات والثقافة والفنون بين هيئة أبو ظبي للثقافة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت.
وفي الخامس من نوفمبر عام 2015، عقد اجتماع الدورة الأولى للجنة القنصلية المشتركة بين البلدين في الإمارات، فيما عقد الاجتماع الثاني في الكويت في 12 فبراير عام 2017، والاجتماع الثالث في الإمارات في السادس من نوفمبر عام 2019، في حين استضافت الكويت الاجتماع الرابع في الخامس من نوفمبر عام 2020 عبر تقنية الاتصال المرئي.
وتمضي مسيرة العلاقات بين الدولتين نحو مزيد من التعزيز والترسيخ في جميع المجالات بتوجيهات من القيادة الحكيمة فيهما، وبما يسهم في خدمة مصالحهما المشتركة، وتحقيق الأمن والأمان والتنمية والازدهار في ربوعهما.