مرحبا بن زايد.. زيارة تاريخية تُرسخ أواصر الأخوة وتفتح آفاق التعاون بين الكويت والإمارات
حلّ ضيفٌ كريمٌ في الكويت، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي حظي بترحيبٍ استثنائي من سمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وأهل الكويت أجمعين، مؤكدين على مكانة الإمارات في قلوب الشعب الكويتي واعتزازهم بالعلاقة التي تربط القيادتين والشعبين.
وبالفعل قد استقبل الشيخ مشعل الأحمد أخاه الشيخ محمد بن زايد بحفاوة أهل البيت، في دلالة واضحة على العلاقة الراسخة والأخوية التي تُنير سماء البلدين، وتُبرز الكويت كالمحطة الثانية لكل إماراتي يجد في ربوعها دفء الانتماء وروابط الدم والنسب والتاريخ المشترك.
وكما تابعت، ففي قصر بيان حيث عُقدت جلسة المحادثات، دار الحديث بين القائدين حول جوانب التعاون المختلفة التي تجمع البلدين، في مشهد يعكس حرص القيادة الكويتية والإماراتية على تطوير آفاق العمل المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية. ولم يقتصر الحديث على المصالح الثنائية فحسب، بل امتد ليلامس طموح البلدين في مستقبل واعد، تظلله رؤية مشتركة نحو الاستقرار والنمو، حيث استعرضا مسارات التعاون المتزايد وكيفية تعزيزها بما يواكب التطلعات التنموية. فكلا البلدين، الكويت والإمارات، يعلمان تمام العلم أن هذا التعاون هو أساس للتقدم الذي يعود بالنفع على الجميع، ويخلق بيئة زاخرة بالفرص للأجيال القادمة.
أيها السادة إن ما يجمع الإمارات والكويت ليس مجرد تعاون اقتصادي وسياسي، بل تاريخ طويل من الأخوّة والمواقف المشتركة، والتي تجسدت منذ أيام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، والذي كان يحرص على أن تكون الكويت والإمارات شركاء في السراء والضراء، ورغم مرور السنوات وتغير الظروف، لم تتبدل هذه العلاقة، بل ازدادت صلابةً وتجذرًا، مستندةً إلى روابط العائلة الواحدة التي تتقاسم التطلعات والهموم وتعمل معاً لتجاوز التحديات، مجسدين بذلك رؤيتهم المشتركة للمصير الواحد.
وحسب ما هو متوقع في مثل هذه اللقاءات المهمة بين الأشقاء، تطرّق القائدان الكريمان إلى مستجدات الساحة الدولية والإقليمية، حيث توافقا على ضرورة العمل المشترك لإحلال السلام والاستقرار في مناطق النزاع، لا سيما في قطاع غزة ولبنان، وقد شددا على أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني. هذا الموقف يعكس سياسةً ثابتة تتجاوز الأجندات السياسية لتضع في الصدارة القيم الإنسانية التي يدعمها البلدان، تأكيداً على التزامهما الأخلاقي تجاه شعوب المنطقة، التي تدفع ثمن النزاعات.
أيضا أكّد الشيخ محمد بن زايد والشيخ مشعل الأحمد أن الحفاظ على وحدة لبنان وسيادته أمر لا يحتمل التأجيل، خاصةً في ظل الأوضاع المعقدة التي يعيشها الشعب اللبناني الشقيق، وضرورة وقف إطلاق النار لحماية المدنيين هناك. تأتي هذه الدعوة كرسالة واضحة على التزام البلدين بمتابعة التطورات والعمل على مساعدة لبنان في تجاوز محنته، إذ يحمل كل من الكويت والإمارات هموم لبنان وأمانيه في القلب، ويدعوان دائماً إلى دعم سلامه ووحدته في مواجهة التحديات المتصاعدة.
وفي الواقع فإن هذه الزيارة ليست إلا امتداداً لمسيرة العمل الخليجي المشترك، والتي تشكل صمام أمان للمنطقة بأكملها. فلا يخفى على أحد أن دول الخليج العربي تواجه تحديات غير مسبوقة في ظل التحولات السريعة على الساحة الدولية، مما يجعل من الضروري تعزيز التعاون وتوحيد الصفوف، ليس فقط للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، بل أيضاً لتحقيق تطلعات الشعوب نحو الازدهار والرخاء. إن الكويت والإمارات تدركان أن الاتحاد هو القوة الحقيقية، وأن البيت الخليجي الواحد هو الداعم الأساسي للمصالح الوطنية والإقليمية، وعليه، فهما ملتزمتان بإرساء قواعد هذا التعاون البناء.
وفي لفتة كريمة ومتوقعة عبّر الشيخ محمد بن زايد عن امتنانه للحفاوة التي استُقبل بها في الكويت، وأكد على متانة العلاقات الأخوية التي تربط الشعبين، مشيراً إلى القيم والمصالح المشتركة التي تجعل هذه العلاقة فريدة من نوعها. كذلك، أكد سموه أن الكويت هي شريك رئيسي للإمارات في مسيرة التقدم والتنمية، ليس على مستوى الخليج فحسب، بل في نطاق العالم العربي ككل، بما يحقق آمال الشعوب ويعزز الروابط القوية التي تجمع الأشقاء.
وفي الختام، فبالأصالة عن نفسي ونيابة عن كل الكويتيين، أرحب بالضيف الكريم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في بلده الثاني الكويت، ونؤكد أن مثل هذه اللقاءات الأخوية بين القادة العرب هي ما تحتاجه الأمة العربية والإسلامية في هذه الأوقات العصيبة، فهي تُعزز أواصر التعاون وتعيد الأمل بقدرتنا على مواجهة التحديات بروحٍ موحدة.. إن لقاءات القادة على أسسٍ من الأخوة والاحترام والتفاهم المشترك هي الطريق الأمثل لبناء مستقبلٍ أكثر استقراراً وازدهاراً لشعوبنا.