السودان.. من لم تقتله رصاصة يقتله الجوع

السودان.. من لم تقتله رصاصة يقتله الجوع
محمد الحمادي كاتب صحفي - الإمارات

تتشابك الأزمات السياسية في السودان مع النزاعات المسلحة، وبعد عشرين شهراً تقريباً من الحرب الأهلية انهارت الخدمات الأساسية وانقطعت سلاسل الإمداد الغذائية. وفقاً لتقارير أممية، يعاني ملايين السودانيين من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يموت الأطفال والنساء بسبب سوء التغذية في ظل غياب حلول حقيقية وعملية، وتتفاقم الكارثة مع انعدام الاستقرار السياسي، حيث تزداد معاناة المدنيين العالقين بين الصراعات المسلحة والفساد الإداري الذي يعطل وصول المساعدات الإنسانية.

بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن نحو نصف سكان السودان، أي نحو 26 مليون نسمة، يواجهون حالياً انعدام الأمن الغذائي، ويلوح خطر المجاعة في جزء كبير من البلاد.

وذكر التقرير أن عدد النازحين داخل البلاد في السودان تجاوز 11 مليون شخص، مؤكداً أن الصراع الدائر كان له تأثير خطير على هذا الوضع.

وأوضح التقرير الأممي أنه منذ منتصف أبريل 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا شعواء خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 13 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

ورغم الجهود الإنسانية التي تقوم بها بعض المنظمات، يبقى المجتمع الدولي عاجزاً عن تقديم حلول جذرية وفعّالة، ومن ينجو من الموت برصاص أيٍ من الطرفين المتحاربين فإنه يجد نفسه فريسة للجوع والعطش والأمراض!

ويعكس هذا العجز من جديد تسييس المساعدات الإنسانية، حيث يتم التعامل مع معاناة المدنيين كورقة ضغط من قبل جميع الأطراف وكذلك في المفاوضات الدولية، بدلاً من اعتبارها أزمة أخلاقية تتطلب تدخلاً فورياً، والمؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لا تتوقف عن إعلان إدانتها وتقديم الوعود دون أن تحقق إنجازات سريعة وملموسة لإنقاذ الأرواح.

وفقاً للقانون الدولي الإنساني، فإن الدول والمجتمع الدولي تتحمل مسؤولية حماية المدنيين أثناء النزاعات وضمان وصول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية بجميع أشكالها دون عوائق، إلّا أن هذا الالتزام لم يُترجم إلى أفعال، مما يطرح تساؤلات عميقة حول فاعلية النظام الدولي في حماية حقوق الإنسان.

محمد الحمادي

أهم الأخبار