قصة "الثلث المعطل".. افسد الحياة السياسية اللبنانية ويهدد العراق
تواجه العراق ازمة سياسية تشابه تلك التي واجهتها لبنان على مدى السنوات الاخيرة بسبب ما يسمى بالثلث المعطل والذي يتسبب في فشل اختيار رئيس للجمهورية.
وكان البرلمان العراقي فد فشل يوم الاثنين الماضي في انتخاب رئيس الجمهورية، ويواصلُ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مناورتهُ السياسية لكسرِ قوى ما يسمى بـ "الثلث المعطل"، لقرارِ البرلمان في حال انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، بعيداً عن التوافقاتِ مع القوى المعترضة على التحالف الثلاثي القائم بينهُ وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، والقيادي السُنّي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وعلى الطريقةِ اللبنانية، وفي وصفة "الحُكم السعيد"، أفادت المحكمة الاتحادية العليا بوجوب حضور ثلثي أعضاء المجلس النيابي لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، المنصب المتنازع عليهِ بين مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، برهم صالح، ومرشح الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، الذي علّقتْ المحكمة ترشيحهُ بناءً على دعوةٍ قضائيةٍ من قبل خصوم الصدر، تتهمهُ بالفساد لدى استيزارهِ سابقاً.
وواجه الصدر موقف محرج بعد ثناءه على قرارٍ قضائيٍّ سابق بشأنِ ردّ طعون قوى "الإطار التنسيقي" بنتائج الانتخابات، التي حلَّ فيها بالمركز الأول "75 مقعداً"، ما جعلهُ في موقع الحرج من نقدِ القرار القضائي الجديد، والذي جاء لصالح خصومهِ في البيت السياسي الشيعي، لذا كان قرار تجميد مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة والاستحقاق الرئاسي، مناورةً صدريةً لتفويت الفرصة على "الإطار التنسيقي" من استخدام فيتو "الثلث المعطل"، في جلسةِ يوم السابع من يناير التي فشلت في انتخاب الرئيس الجديد.
ويتكوّن ثلثا البرلمان العراقي من 220 نائباً من مجموع 329 نائباً، بينما يجمع التحالف الثلاثي أقل من 200 نائباً فقط، فيما يحاول الزعيم الشيعي كسب الوقت وترميم الخلاف داخل البيت السياسي الكردي، لكسبِ الأصوات الـ 18 التي يمتلكها الاتحاد الوطني الكردستاني.
فشل جلسة انتخاب الرئيس
وأحالَ مجلس النواب العراقي جلسة انتخاب رئيس البلاد الجديد إلى جلسةٍ تداولية، بحضورِ 58 عضواً، تمخضت عن أداءِ نوابٍ جُدد لليمين الدستورية، وانتخاب مقررة لهيئة رئاسة المجلس، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا التشريعية والرقابية والتنظيمية.
ووجهت هيئة رئاسة البرلمان باستضافةِ وزيرَي الزراعة والتجارة، لمناقشةِ تأخر توزيع مستحقات الفلاحين والواقع الزراعي على وجه العموم، كما وجهت الأمانة العامة للبرلمان بمخاطبة مجلس الوزراء، للإسراع بإرسال الموازنة الاتحادية، ليتسنّى للمجلس الشروع بمناقشتها والتصويت عليها.
وفشل المجلس من جمعِ ثلثي أعضائهِ لانتخابِ رئيس الجمهورية، بعد مقاطعةِ الكتل الرئيسة، وفي مقدمتها، الكتلة الصدرية، وكتلة الديمقراطي الكردستاني، وكتلة السيادة، ومجموع كتل "الإطار التنسيقي"، التي أعلنت عدم حضورها، بمجرد أن أعلنت القوى الثلاث المتحالفة رفضها حضور جلسة الاثنين، ما يعني عدم تحقيق النصاب وفشل الجلسة في استكمال الاستحقاق الرئاسي الثاني، المتمثل في انتخاب رئيس الجمهورية، بعد انتخاب القيادي السنّي محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان، في التاسع من يناير الماضي.
القضاء يربك الحسابات السياسية
وتسبب ردُّ المحكمة الاتحادية العليا في ارباك مختلف الحسابات السياسية، بعد تفسيرها لنصٍ دستوريٍّ متعلقٍ بشأنِ الكتلةِ الأكبر، استفسرَ عنهُ نوابٌ في "الإطار التنسيقي"، وتفسير آخر تقدمَ بهِ رئيس الجمهورية المنتهية ولايته، برهم صالح، حيال المادة 76 من الدستور، والتي تنص على حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب لافتتاح جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وفق تفسير المحكمة الأخير.
ويعد التفسير الأول ضدّ طموحات "الإطار التنسيقي"، الذي أخذَ يصرّحُ أكثرَ من مرة، أنهُ الكتلة الأكبر في البرلمان، في حين لم يكن القرار لصالحِ الكتلة الصدرية، الفائز الأول في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لأنّ الأمر القضائي حدّدَ الكتلة الأكبر التي يكلفها رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة المرتقبة، بمعنى أنّ القضاء رمى الكرة ثانيةً في مرمى البيت السياسي الشيعي المتصارع على تشكيل الحكومة الجديدة، وأيضاً اعتبرَ القرار القضائي بحضور ثلثي أعضاء المجلس قبل انتخاب الرئيس في مصلحة الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يبحثُ عن وقتٍ إضافي لترتيب أوضاعهِ مع خصوم الديمقراطي الكردستاني، من القوى الشيعية والسنّية، لتجديد الولاية الثانية لمرشحهِ برهم صالح.