فصل جديد يشعل الصراع الروسي الاوكراني ويعقد سبل الحوار
تعقدت الازمة بين روسيا واوكرانيا واقتربت من الةصول لطريق مسدود وتخرج عن سيطرة كافة اطراف النزاع، في ظل ردود الفعل المخيبة للامال التي صدرت من قبل الطرفين على مبادرات التهدئة والوساطة التي غالباً لا تتماشى مع رغبة الدولتين.
ففي الوقت الذي يدفع الدب الروسي بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين في اتجاه وقف خطط حلف شمال الأطلسي (الناتو) التوسعية بضمّ دول جديدة، من بينها أوكرانيا، تسعى كييف إلى وقف خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم" الذي حتماً سيحرمها من مصدر رئيسي من مصادر دخلها القومي.
خطر لم تشهده أوروبا منذ الحرب الباردة
ويعد انغلاق آفاق الحلّ السياسي والتسوية السلمية للأزمة الدائرة بين أوكرانيا وروسيا السبب وراء نشاط دبلوماسي أوروبي غير عادي في الآونة الأخيرة، فقد توالت الزيارات الرامية إلى إيجاد حلٍّ للنزاع، أو صيغة مشتركة لتقليم مخالب الدب الروسي، إلّا أنّ ثمّة مخاوف تجعل أوروبا دائمة التردد خشية إقدام روسيا على قطع إمدادات الغاز الطبيعي للقارة العجوز.
المستشار الألماني أولاف شولتز
ومن أوروبا إلى العاصمة الأمريكية واشنطن التي شهدت مؤخراً توافد عدد من القادة الأوروبيين، في مقدمتهم المستشار الألماني أولاف شولتز، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي قال خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأمريكي مؤخراً: إنّ "أوروبا تعيش اللحظة الأكثر خطورة على أمنها منذ انتهاء الحرب الباردة".
وقال بوريل: إنّ "الاتحاد الأوروبي يناشد كبار مورّدي الطاقة لضمان توفير إمدادات كافية بأسعار معقولة"، مضيفاً أنّ "روسيا ستستخدم على الفور إمدادات الطاقة إلى أوروبا كسلاح خلال ارتفاع أسعار الوقود العالمية".
وتأتي كلمات بوريل قبيل مؤتمر صحفي مشترك بين شولتز والرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن أيضاً الإثنين الماضي، المؤتمر الذي عكس حجم الخلاف بين الأطراف الفاعلة فيما يتعلق بفرض عقوبات تشمل خط الغاز "نورد ستريم 2" ضدّ روسيا، فقد عارض المستشار الألماني تلك الخطوة، وسط تحذيرات لروسيا باستخدام الغاز كأداة للضغط السياسي في نزاعها مع أوكرانيا.
روسيا هي أكبر مُصدّر للغاز إلى أوروبا، وقد وفرت شركة "غازبروم" الروسية وحدها ما يقارب ثلث إجمالي الغاز المستهلك في أوروبا في العام 2020. وبحسب إحصائية نشرتها المفوضية الأوروبية العام 2019، فإنّ أوروبا تستورد 41.1% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا، بينما تستورد بقيّة احتياجاتها من النرويج بنسبة 16.2%، ومن الجزائر بنسبة 7.6%، ومن قطر بنسبة 5.2%.
الرئيس الأمريكي جو بايدن
ودفع الهلع الأوروبي من إقدام روسيا على قطع إمدادات الغاز، الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن بدائل للغاز الروسي، وتوجهت الأنظار نحو دول مثل قطر وأستراليا المصدرين الكبيرين للغاز المسال في العالم، إلّا أنّ تقريراً حديثاً لوكالة "بلومبيرغ" كشف أنّ دول الشرق الأوسط، بما فيها قطر، لن تكون قادرة على تعويض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بشكل كامل، في حال انقطاع هذه الإمدادات، أو شحّها.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخراً بأنّ "الولايات المتحدة في مفاوضات مع منتجي الوقود الرئيسيين لزيادة الإمدادات إلى أوروبا، بما في ذلك أوكرانيا"، إلّا أنّ مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أعلن يوم الأربعاء أنّ الاتحاد الأوروبي غير قادر في الوقت الراهن على استبدال الغاز الروسي، مشيراً إلى أنّ الاتحاد الأوروبي ليس لديه الإمكانيات لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير.
بينما قال تشيجوف، في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية: "المفوضية الأوروبية تبحث مع الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى إمكانية توسيع إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك فإنّ الولايات المتحدة لا تستطيع توفير الغاز بكميات من شأنها أن تغطي جميع احتياجات الاتحاد، بالإضافة إلى ذلك فإنّ قطاع الغاز في الولايات المتحدة قطاع خاص، عندما تكون الأسعار أعلى في آسيا، يذهب الغاز الطبيعي المسال إلى هناك، كما كان الحال في العام الماضي عندما لم يصل الكثير من الغاز المسال الأمريكي إلى أوروبا".
وقد فجّر تشيجوف مفاجأة بأنّ إمدادات الغاز الطبيعي المسال من قطر وبعض الدول الأخرى متعاقَد عليها بالفعل "لأعوام قادمة"، بموجب عقود طويلة الأجل.
أوكرانيا والطرق البديلة لإمدادات الغاز الروسي
لعلّ قطع إمدادات الغاز أيضاً هو السبب الرئيسي في مناورات أوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لأنّ كييف تخشى من حرمانها من "عائدات" مرور الغاز الروسي لأوروبا عبر أراضيها، وفقاً لتصريحات نقلتها وكالة نوفا الإيطالية عن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو.