رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين يقدم روشتة النهوض بالاقتصاد..

علي عيسى لـ"خليجيون نيوز": قرارات الاعتمادات المستندية أدت إلى تقلص النشاط الاقتصادي

علي عيسى لـ"خليجيون نيوز": قرارات الاعتمادات المستندية أدت إلى تقلص النشاط الاقتصادي
حوار - عبد الناصر محمد

أكد علي حلمي عيسى، رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، أن قرارات الاعتمادات المستندية أدت إلى تقلص النشاط الاقتصادي، مشيراً إلى أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبرى، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم وندرة العملة الصعبة.

وأوضح عيسى أن جمعية رجال الأعمال المصريين تعمل على تقديم حلول وتوصيات لتحسين الوضع الاقتصادي. وفي حوار أجرته معه "خليجيون نيوز"، تناول الواقع الحالي لرجال الأعمال ودورهم في ظل التحديات الراهنة.

ما واقع رجال الأعمال في الوقت الحالي؟

رجال الأعمال المصريين يمثلون جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، وهم يتأثرون بشكل مباشر بالظروف الاقتصادية سواء كانت إيجابية أو سلبية. والمرحلة الحالية تشهد صعوبات كبيرة تتطلب تعاوناً مكثفاً بين القطاع الخاص والحكومة للتغلب على الأزمات. وجمعية رجال الأعمال تسعى لتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات وتقديم حلول مبتكرة لدعم الاقتصاد المصري واستعادة الاستقرار.

** ما هي أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في رأيكم؟

الاقتصاد المصري مر بعدة تحديات كبيرة منذ عام 2019، بدأت مع أزمة جائحة كورونا التي أدت إلى تعطل سلاسل الإمداد العالمية، وارتفاع تكاليف النقل، وندرة السلع، وهي تأثيرات لم تقتصر على مصر بل شملت العالم أجمع.

وهناك تحديات داخلية تعمقت بمرور الوقت، من أبرزها العجز المزمن في الميزان التجاري بالعملة الأجنبية، الذي ظل يتزايد على مدار سنوات طويلة. هذا العجز أدى إلى ندرة العملة الصعبة، مما دفع البنك المركزي المصري لاتخاذ إجراءات طارئة، من بينها قرارات الاعتمادات المستندية التي صعبت عمليات فتح الاستيراد، مما أثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي، حيث أصبحت حركة التجارة أكثر تعقيداً، وتقلصت فرص التوسع والاستثمار. هذه التحديات تتطلب حلولاً شاملة، تجمع بين تحسين السياسات الاقتصادية وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة النمو وتحقيق الاستقرار المالي.

** وماذا عن أبرز المشكلات التي تواجه الاقتصاد المصري؟

تمثل ندرة العملة الأجنبية التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد المصري، حيث انعكست آثارها بشكل مباشر على مختلف القطاعات الاقتصادية. وهذه الأزمة تتفاقم بسبب العجز المزمن في الميزان التجاري، الذي يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجات السوق المحلي.

الحلول المؤقتة التي اعتمدت عليها مصر في السابق، مثل الاقتراض من السوق الحر أو الاعتماد على ما يُعرف بـ"الأموال الساخنة"، لم تعد فعّالة. فمع الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع قيمة الدولار واليورو، فضلت رؤوس الأموال الاتجاه نحو الأسواق الآمنة، مبتعدة عن الأسواق الناشئة ذات المخاطر المرتفعة مثل السوق المصري.

وقد أدت ندرة العملة الصعبة إلى تدهور قيمة الجنيه المصري، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النشاط الصناعي، ولكن يجب وضع حلول مستدامة لمواجهة هذه التحديات، من خلال تعزيز الإنتاج المحلي، تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، لزيادة التدفقات النقدية من العملات الأجنبية.

** هل يعني ذلك أن الوضع الاقتصادي أصبح حرجاً؟

نعم الوضع الاقتصادي المصري أصبح في حالة حرجة نتيجة لعدة عوامل مترابطة. أبرز هذه العوامل هي زيادة التضخم، وندرة العملة الأجنبية، ورفع أسعار الفائدة، حيث اضطر البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة عدة مرات لمحاربة التضخم، وهو ما انعكس سلباً على النشاط الاقتصادي، إذ تسبب في زيادة تكلفة التمويل بالنسبة للشركات والمستثمرين، مما أدى إلى تقلص الإنتاج وتراجع النمو.

** ما تعليقكم على إيقاف مبادرة البنك المركزي بفائدة 8%؟

بعد توقف المبادرة ورفع أسعار الفائدة، أصبح القطاع الإنتاجي الآن يتحمل فوائد تصل إلى 20%، وهو رقم مرتفع للغاية بالنسبة للوحدات الإنتاجية.

** هل تقدمت جمعيات رجال الأعمال بمقترحات للحكومة للتغلب على هذه الأزمات الاقتصادية؟

نحن في القطاع الخاص لدينا رؤية واضحة للحلول. نقدم ملاحظاتنا وتوصياتنا إلى الحكومة ونعرض وجهات نظرنا بشأن الحلول المحتملة. لكن في النهاية، القرار يعود إلى الجهات الحكومية. على سبيل المثال، لطالما ناقشنا مسألة سعر العملة الأجنبية في مصر، وأكدنا ضرورة تركه يتحدد وفقاً لقوى العرض والطلب. لو تم تبني هذا الاقتراح، كان من الممكن أن يساهم في تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد المصري حالياً.

** هل هناك خطة لمواجهة الوضع الاقتصادي الحالي؟

هناك خطة، لكنها ليست سهلة وتتطلب إجراءات صعبة. أولاً، يجب أن تفكر الحكومة في كيفية جذب الاستثمارات الأجنبية بشكل فعّال، من خلال توفير بيئة آمنة ومحفزات وتسهيلات حقيقية للمستثمرين، مثل تسهيل إجراءات إنشاء الشركات وتوفير الأراضي بشكل فعلي، وليس مجرد تصريحات. كما يجب معالجة مشكلة البيروقراطية المتجذرة في مصر. نؤكد أن الأزمة الاقتصادية ستستمر ما لم يتم جذب استثمارات مباشرة، إذ لا يوجد في مصر ما يكفي من استثمارات، وقد اختفت العملة الأجنبية.

من الضروري تسريع تنفيذ خطط بيع الأصول التي تم الإعلان عنها، إذ لم يتم اتخاذ خطوات حقيقية حتى الآن. لجذب العملات الأجنبية، يجب العمل على جذب الصناديق السيادية الخليجية والمستثمرين الأجانب لشراء الأصول المصرية. ولكن هذه الصناديق والمستثمرين ما زالوا يترددون بسبب تقلبات سعر العملة، إذ يخشون من استثمارات قد تتعرض لخسائر في حال تدهور سعر الجنيه.

من المهم أيضاً توضيح كيفية تقييم الشركات المطروحة للبيع وطريقة إدارتها، فهذا أمر حاسم للمستثمرين. في الوقت نفسه، يجب تشجيع المستثمرين المصريين والمنتجين المحليين على زيادة إنتاجهم وتقليل تكاليف الإنتاج، إذ أن الحلول الحكومية الحالية التي تركز على ضخ الأموال تعتبر غير فعّالة. أي زيادة في الأعباء على المنتجين تؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي والنمو.

** وما هو المطلوب الآن؟

من الضروري تقديم حوافز وإعفاءات للمستثمرين، خصوصاً في ما يتعلق بالرسوم، لكي يتمكنوا من العمل والإنتاج بحرية. الحكومة ستحصل على كامل ضرائبها من أرباح الشركات والعمالة والقيمة المضافة، لذلك يجب تمكين المستثمرين من زيادة الإنتاج، مما يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد وزيادة الإيرادات للدولة.

من المهم تشجيع الاستثمار والإنتاج عن طريق إعفاءات تجعل من الممكن للمستثمر تحقيق أرباح، وبالتالي تحقق الدولة إيرادات ضريبية أكبر. إضافة إلى ذلك، فإن رجال الأعمال يتحملون عبئاً كبيراً، حيث أنهم المسؤولون عن تشغيل العمالة. إذا تأثر القطاع الخاص، فإن الاقتصاد ككل سيتأثر. لا يمكن الفصل بين رجال الأعمال والعمال، فمن يقول ذلك لا يرى الصورة كاملة. الكل في نفس القارب، فلا يمكن لشركة أن تنجح دون دعم من العمال، ولن يحصل العاملون على حقوقهم ما لم تنجح الشركات. في النهاية، مصير رجال الأعمال والعمال مشترك.

** لماذا لا يزال دور رجال الأعمال في حل المشاكل الاقتصادية محدوداً؟

القطاع الخاص المصري بدأ مع تجربة الانفتاح الاقتصادي في عام 1979، ورغم أن هناك بعض التجارب التي لم تكن ناجحة، إلا أن القطاع الخاص في مصر لا يزال في مرحلة التكوين. هو ما يزال محدود الحجم، مقارنة بالقطاع الخاص في الدول المتقدمة الذي يتكون من مئات الشركات، بينما نحن نعدّه بالعشرات فقط.

على الرغم من أن مصر بدأت في نفس الفترة تقريباً مع كوريا الجنوبية في الستينات وكان بينهما تقارب اقتصادي، إلا أن كوريا بدأت في الاتجاه الصحيح، حيث قدمت جميع التسهيلات اللازمة للاستثمار والنمو الاقتصادي. هذا الأمر ساعدها على أن تصبح من أكبر الاقتصادات في العالم. كان بإمكان الاقتصاد المصري أن يكون من أقوى الاقتصاديات العالمية، ولكن للأسف، لم نتمكن من استغلال الفرص التي كانت متاحة لنا.

** ما هي الروشتة التي تقترحها لتجاوز الأزمة الاقتصادية؟

أولاً، تواجه الحكومة مهمة صعبة تتمثل في تقليل الإنفاق الأجنبي بكل الوسائل الممكنة. أي إنفاق لا يحقق عائداً يجب وقفه، مع ضرورة تجنب التأثير على القطاعات الحيوية. كما يجب أن تسرع الحكومة في توضيح كيفية مشاركة المستثمرين الأجانب في الشركات المطروحة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، مع طمأنتهم بأن استثماراتهم ستكون مجزية وليست مجرد محاولة لجذب أموالهم دون فائدة.

أطالب أيضاً البنوك بأن تكون أكثر مرونة مع المقترضين، وأن تسهل الإجراءات الخاصة بالشركات قدر الإمكان. البنوك تلعب دوراً حاسماً في تحديد ما إذا كانت الأزمات الاقتصادية ستتفاقم أو إذا كان سيتم تجاوزها بنجاح.

أخيراً، يجب على رجال الأعمال تحمل هذه المرحلة الصعبة والعمل على زيادة الإنتاج بكل السبل المتاحة، وتسهيل العقبات التي قد تواجههم. كما يجب أن يحرصوا على رعاية العاملين في شركاتهم، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها جميعاً.

أهم الأخبار