سوريا تتحرر.. عودة للحضن العربي بعد عقود من الظلم والطغيان

سوريا تتحرر.. عودة للحضن العربي بعد عقود من الظلم والطغيان
الدكتور يوسف العميري
بقلم - د.يوسف العميري

ها هي سوريا، شام العروبة وقلبها النابض، تستعيد روحها بعدما نفضت عن شوارعها ومدنها غبار الظلم والقهر الذي استمر لعقود طويلة تحت حكم آل الأسد.حكمٌ بدأ مع الأب حافظ الأسد واستمر مع الابن بشار، ليُغرق البلاد في ظلام دامس استمر 55 عاما، كان خلالها السوريون أسرى الجوع والدمار، وشهودا على تهجير سبعة ملايين من أبنائهم، وتغيير التركيبة السكانية بفعل احتلال إيراني سافر لم يرحم حرمة أرض أو شرف.

يا رفاق اسمعوها من رجل شهد بعينه على امتداد سنوات عمره، سوريا ليست مجرد دولة عربية، إنها مهد الحضارات وموطن الثقافات التي ساهمت في صياغة التاريخ الإنساني.. دمشق، أقدم عاصمة مأهولة في العالم، كانت منارة العرب وملتقى الفكر والحضارة. من أرض سوريا خرجت ثورات الحرية والفكر، وازدهرت بها العلوم والفنون، واحتضنت شعبا كريما ظل دائما فخورا بعروبته.

لكن هذا الوطن العظيم وقع تحت وطأة الاستبداد، حيث امتلأت السجون بالأبرياء، وشُرّد الملايين من منازلهم، واعتُقلت الحرائر ممن طالبن بحقوقهن الأساسية في الحياة الكريمة. كل ذلك تم تحت أعين العالم الصامت لسنوات وسنوات..

اليوم، وبعد عقود من الألم والنضال، يقف السوريون على عتبة أمل جديد.تحرير سوريا ليس فقط انتصارا لأبنائها، بل هو انتصار للأمة العربية كلها، التي لا يمكن أن تكتمل قوتها دون استعادة سوريا لدورها الطبيعي في قلب العروبة.

ما حدث في سوريا ليس مجرد كارثة وطنية، بل هو جرح في ضمير كل عربي. لذلك، نحن كعرب، مطالبون بعدم السماح بضياع سوريا مرة أخرى. تحريرها لا يعني فقط إسقاط النظام، بل يعني إعادة بناء الإنسان السوري الذي تحمّل ما لا يُطاق.

وأقولها بكل فخر إن على مصر، التي فتحت ذراعيها لمليوني لاجئ سوري واحتضنتهم كأبناء لها، وعلى دول الخليج، التي لم تبخل بدعمها السياسي والإنساني، أن تتصدر مشهد دعم سوريا الجديدة. الآن هو وقت إعادة الإعمار وبث الأمل في نفوس السوريين.

كما أن على العالم العربي أن يكون حائط صد أمام أي محاولة لإعادة سوريا إلى مستنقع النفوذ الأجنبي الإمبريالي المقنع تحت زيف الديمقراطية والحريات الكاذبة أو الطائفية البغيضة. ببساطة المطلوب هو تعاون اقتصادي وسياسي واجتماعي يعيد لسوريا توازنها، ويدفع بشعبها نحو بناء دولة حرة ومستقلة.

إذا صحت الأخبار عن لجوء بشار الأسد إلى روسيا، فإن من واجب موسكو، كدولة عظمى تحترم القانون الدولي، تسليمه للعدالة ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم بحق شعبه. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسمح بإفلاته من العقاب، فالمحاسبة ليست فقط حقا للسوريين، بل درسا لكل من تسوّل له نفسه استعباد شعبه.

وإلى أبناء سوريا الأشقاء أقول: أنتم اليوم أمام مسؤولية عظيمة. عليكم أن تحافظوا على بلادكم وأمنها، وألا تسمحوا لأي قوة كانت أن تسرق فرحتكم بالتحرير.

إلى الأمة العربية: سوريا بحاجة إلى دعمكم أكثر من أي وقت مضى. هذا وقت الوحدة والعمل المشترك لإعادة بناء سوريا واقتصادها ومجتمعها.

ولتكن هذه اللحظة بداية حقبة جديدة من التضامن العربي، حيث لا يترك العرب إخوانهم يعانون وحدهم. سوريا، التي دفعت ثمنا باهظا للحرية، تستحق أن تعود كما كانت دائما: قلب العرب النابض.

اللهم احفظ سوريا وشعبها وامنحهم الأمن والسلام بعد سنوات من الألم والمعاناة. اللهم اجعل أرضها طاهرة من كل ظلم وطغيان، وبارك في شعبها الذي صبر وناضل من أجل حريته. اللهم احفظ كل أوطاننا العربية، واجمع شمل شعوبنا على المحبة والإخاء، ووفقنا للعمل من أجل رفعة أمتنا ووحدتها. أنت ولي ذلك والقادر عليه يا أرحم الراحمين.

أهم الأخبار