العلاقات المصرية الكويتية.. عقود من المودة والتلاحم والنضال المشترك
تحظى الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى دولة الكويت على اهتمام عربي ودولي كبير، خاصة وأنها تأتي في ظل تحديات كبيرة تواجهها المنطقة العربية في الوقت الراهن.
كما أنها تمثل امتدادا للعلاقات المصرية الكويتية وماتحمله من ترابط وتلاحم ورؤى مشتركة وتطلعات نحو مستقبل افضل، كما شهدته تلك العلاقة على المستويات كافة، والتي تجلت في عدة مواقف تعرضت لها الدولتان:
العلاقات السياسية
جاءت انطلاقة العلاقات السياسية بين مصر والكويت مع بداية الحراك السياسي والشعبي الذي شهدته مصر بعد الحرب العالمية الأولى حين توجه الشيخ الراحل حمد الجابر الصباح لزيارة القاهرة، يليها زيارة الشيخ الراحل عبد الله الجابر الصباح القاهرة في عام 1953 حيث كان في استقباله في المطار كل من اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر.
تأسست العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر والكويت، عقب الإعلان عن استقلال الكويت رسميا عام 1961، بدأت العلاقات بين الجانبين في التنامي المستمر، حيث سرعان ما تم تبادل السفراء، والتنسيق السياسي بين البلدين الشقيقين على أعلى المستويات، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من أوائل الرؤساء الذين هنأوا الكويت باستقلالها عام 1961.
ولايمكن تناسي موقف القيادة المصرية المؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقي عام 1990.
وفي المقابل نجد دعم لايتوقف من الكويت لمصر في مختلف المواقف والأزمات التي تمر بها، وهو ما اتضح جليا وقت اعلان الوحدة "المصرية - السورية" عام 1958، حيث أكدت الكويت وقتها على دعمها لتلك الوحدة بالكامل، واستعداد الكويت لمساندة مصر في مواجهة عدوان يونيو 1967، وكذلك حرب أكتوبر عام 1973، مرورا بالموقف الكويتي في تأييد إرادة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013.
فدائما ماتقوم العلاقات بين الشعبين المصرى والكويتي على "المحبة والود المتبادل من منطلق الأخوة والعروبة، وتحظى الجالية المصرية المتواجدة في الكويت باهتمام ورعاية كبيرين من جانب القيادة والشعب الكويتي".
دعم الكويت لمصر خلال العدوان الثلاثي
سعى الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الراحل، لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر خلال العدوان الإسرائيلى على مصر عام ٦٧، حيث أكد على دعم الكويت لمصر بالكامل خلال هذه الأزمة، وسارعت الكويت بتقديم مبلغ ٥٥ مليون دينار كويتى فى إطار مؤتمر القمة العربى الذى عقد فى الخرطوم فى أغسطس عام ١٩٦٧.
حرب أكتوبر
أما في حرب أكتوبر فلم يختلف الموقف الكويتي عن سابقه حيث سارعت الكويت بدعم مصر خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣، فقدمت الكويت لواء اليرموك الكويتى للاشتراك مع القوات المصرية، حيث كان لواء اليرموك يعادل ثلث الجيش الكويتى، قدمته الكويت إلى مصر لدعمها فى حربها ضد الكيان الإسرائيلى، كما أرسلت ثلثى تسليح الجيش الكويتى إلى مصر.
كما اتخذت الكويت موقفا مشرفا ايضا حين قررت حظر النفط عن إسرائيل، وخفضت تصديره إلى بعض الدول الأخرى الداعمة لها.
لكن ثمة توتر شديد شهدته العلاقات المصرية الكويتية بعد زيارة السادات لتل أبيب 1978، لبدء مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل، لتعود المواقف الكويتية مرة اخرى خلال محنة الإرهاب التي تعرضت لها مصر في السنوات الماضية، حيث كانت الكويت تسارع بإدانتها للأعمال الإرهابية والتعبير عن آلامها لأرواح الضحايا الأبرياء وإعلان التضامن مع الحكومة المصرية في مكافحة الاعمال الارهابية.
العلاقات الاقتصادية
شهدت العلاقات الكويتية ـ المصرية ازدهارا كبيرا على المستوى الاقتصادي، حيث احتلت الكويت المركز الثاني كأكبر دولة عربية مستثمرة في مصر بعد السعودية، وبلغت استثماراتها بنحو 1.5 مليار دولار وهو ما مثل نحو 25% من إجمالي الاستثمارات العربية وفقا لبيانات وزارة الاستثمار المصرية، والتي أكدت فيها إن رجال الأعمال الكويتيين يساهمون في نحو 38 مشروعا تمويليا وخمسة مشروعات إسكان، وخمسة مشروعات مقاولات، وخمسة مشروعات بنية تحتية، وخمسة مستشفيات، و45 مشروعا سياحيا، إلى جانب 98 مشروعا صناعيا، و22 منها في مجال الصناعات الهندسية و15 في قطاع الصناعات الغذائية إضافة إلى مشروعات غذائية وكيماوية ومعدنية بنظام المناطق الحرة.
أما عن الصادرات المصرية للكويت فتتمثل فى كابلات كهربائية، ومنتجات غذائية ومنتجات ألبان وملابس جاهزة ورخام وجرانيت وفحم حجرى، فيما تتمثل أهم الواردات المصرية من الكويت فى بوليميرات بولي إيثيلين وبوليميرات بولي بروبيلين، وسيارات سياحية، وملابس بأنواعها، وأجزاء لوازم السيارات.
بدأت علاقات التعاون بين الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومصر منذ عام 1964، حيث شارك الصندوق في تمويل 52 مشروعا ضمن قطاعات متنوعة، منها برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء (المرحلة الأولى) من خلال 7 مشروعات فى قطاعات التحلية ومعالجة المياه والطرق وإنشاء منظومة مياه بحر البقر، وإنشاء 9 محطات تحلية مياه البحر بجنوب سيناء.
أما في ثورة 30 يونيو فقد سارعت الكويت بتقديم حزمة مساعدات اقتصادية لمصر على مرحلتين بقيمة 8 مليارات دولار، فضلا عن توقيع عدة اتفاقيات مع الصندوق الكويتى للتنمية لتطوير قطاعى الكهرباء والنقل، ليصل إجمالى مساهمات الصندوق إلى 4، 3 مليار دولار عبر أكثر من 50 قرضا كان من أبرزها توقيع اتفاق بقيمة 100 مليون دولار لتمويل جزء من حصة مصر فى مشروع الربط الكهربائى مع المملكة السعودية.
العلاقات السياحية
سجلت أعداد السائحين الكويتيين فى مصر ارتفاعا إلى 160 ألف سائح خلال عام 2019، حيث تعد مصر مقصدا سياحيا تقليديا بإنفاق إجمالى يزيد عن 600 مليون دولار سنويا بمتوسط 150 دولارا في الليلة، وفى المقابل هناك 150 ألف مصرى يقيمون فى الكويت كملتحقين بعوائلهم ولا يعملون ويمثلون سياحا دائمين بإنفاق يتجاوز 1.3 مليار دولار سنويا وبمتوسط 10 آلاف دولار سنويا ونحو 28 دولارا يوميا للفرد.
الدعم الكويتى لمصر بعد ثورة ٣٠ يونيو
كانت الكويت من أوائل الدول التي قدمت يد العون لمصر عقب ثورة ٣٠يونيو، حيث بدأت المساعدات الكويتية لمصر في سبتمبر 2013 عندما قامت بتحويل ملياري دولار إلى البنك المركزي المصري، كوديعة بدون عائد لمدة خمسة أعوام بهدف تعزيز احتياطي النقد الأجنبي المصري، الذي تراجع بشكل كبير منذ "25 يناير" 2011.
كما قامت بتحويل مليار دولار، كمنحه لا ترد للبنك المركزي المصري بعد مفاوضات استمرت عام كامل بين الجانبين المصري والكويتي، ولم تقتصر إسهامات الكويت على الناحية المالية، وإنما سارعت الكويت لحل أزمة الطاقة في مصر وتقديم مساعدات بترولية لحل أزمة انقطاع التيار الكهربائي خلال 2013.