فلسطين ليست ورقة تفاوض.. والموقف السعودي مشرف وتاريخي

فلسطين ليست ورقة تفاوض.. والموقف السعودي مشرف وتاريخي
الدكتور يوسف العميري
بقلم - د.يوسف العميري

في زمن تتكاثر فيه الأصوات المضللة وتتكشف فيه الأقنعة، يطل علينا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات أقل ما توصف به أنها عبث سياسي وسذاجة دبلوماسية وحماقة تاريخية، حينما تحدث عن إقامة دولة فلسطينية في السعودية!!

هذا التصريح السخيف الذي أدلى به عبر القناة 14 الإسرائيلية ليس سوى محاولة يائسة لصرف الأنظار عن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى إقرار الهدنة الهشة.

لكن الحقيقة أقوى من الدعاية، لقد جاء الرد السعودي حاسمًا وقاطعًا، ليؤكد للعالم أن فلسطين ليست صفقة ولا ورقة تفاوض.

إن المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أثبتت مرة أخرى أن القضية الفلسطينية ليست مجرد بند في أجندة سياسية، بل قضية عربية وإسلامية ثابتة في وجدان الشعوب قبل الحكومات.

وحقيقة فإن الموقف السعودي الرافض لتصريحات نتنياهو ليس مجرد بيان دبلوماسي، بل تأكيد على أن فلسطين للفلسطينيين، وأرضهم ليست للبيع ولا للمساومة.

وأنا من هنا ضمن مئات الملايين من العرب والمسلمين، نعلن كامل تضامننا مع الموقف السعودي المشرف، في وجه الغطرسة الصهيونية والأمريكية، فلا صوت يعلو فوق صوت الحق ولو طال الزمن.

وهنا أود أن أشير إلى أمر غاية في الخطورة وهو جلي للجميع، ولابد لنا كعرب شعوبًا وحكومات وجامعة عربية أن ننتبه إلى أن نتنياهو ليس رجل سلام ولا داعية له، ولا يؤمن به ولا يريد حل الدولتين الذي ندعو له. بل هو مستعمر عاشق للدماء والحروب، يسعى لتحقيق حلمه بإقامة "إسرائيل الكبرى" من خلال التوسع والاحتلال، ليس فقط في فلسطين، بل يتطلع لابتلاع سيناء وغزة وأجزاء من الأردن وسوريا. هذا الرجل ليس إلا وقودًا لنار الحروب، لا يعرف معنى السلام، ولا يسعى له، بل يرى في الحروب وسفك الدماء وسيلته الوحيدة لتحقيق أطماعه الاستعمارية.

ولا يمكن في هذا السياق إلا أن ننحني احترامًا أمام صمود الشعب الفلسطيني في غزة، هذا الشعب العظيم الذي يواجه حرب إبادة جماعية منذ أكثر من عام كامل، كيف يمكن أن نصف صبرهم وجلَدهم؟ لقد علّمونا معنى الشجاعة الحقيقية والثبات رغم الحصار والدمار والموت. تحية من القلب لكل أم فلسطينية ودّعت أبناءها، ولكل طفل فقد عائلته، ولكل رجل وامرأة ما زالوا يقاومون الاحتلال بكرامة تفوق حدود الكلمات.

وهذه التصريحات الوقحة من نتنياهو تذكرنا بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ودعوته السخيفة لتهجير أهل غزة قسرًا إلى مصر والأردن، بحجة أن القطاع لم يعد صالحا للحياة، مقترحا خطة للاستثمار في هذه الأرض الطاهرة وتحويلها إلى منتجعات سياحية!!

هذه الدعوة المريضة قوبلت برفض عربي قاطع، لتؤكد مرة أخرى أن الأمة العربية ليست ضعيفة كما يتوهم البعض، هذا الرفض لم يكن مجرد رد فعل سياسي، بل كان تعبيرًا عن وحدة الضمير العربي الذي يرفض الظلم ويدافع عن الحق مهما كانت الضغوط.

إن أي محاولة لتقرير مصير الشعب الفلسطيني من قبل الغرباء هي محاولة فاشلة لا يمكن قبولها. فلسطين ليست بحاجة لمن يمنحها "حقها"، فشعبها راشد، يعرف طريقه، ويدرك تاريخه جيدًا.

إن الحق الفلسطيني ليس هبة من أحد، بل هو حق تاريخي ثابت، دفع الشعب الفلسطيني ثمن الدفاع عنه الكثير من الدماء والتضحيات.

في النهاية، فلسطين ليست مجرد أرض على الخريطة، بل قضية شرف وهوية، ومن يعتقد أنه يستطيع تغيير هذه الحقيقة بتصريح أو اتفاق فهو واهم.

المجد لفلسطين، والتحية لكل من وقف معها بصدق وإخلاص، وحفظ الله وطننا العربي الكبير على امتداده.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار