مصانع الصين تحت وطأة رسوم ترامب.. شلل مؤقت وقلق من المصير المجهول

مصانع الصين تحت وطأة رسوم ترامب.. شلل مؤقت وقلق من المصير المجهول

تصاعدت المخاوف في جنوب شرق الصين، وتحديدًا في مدينة قوانغتشو الصناعية، بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة بنسبة 125% على البضائع الصينية، في خطوة أثارت ارتباكًا واسعًا في أوساط آلاف المصانع الصغيرة التي تعتمد على التصدير، خاصة إلى السوق الأمريكية.

وحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، تمثل هذه المصانع الصغيرة، التي تنتشر على أطراف قوانغتشو، العمود الفقري للصناعة الصينية، حيث توظف ملايين العمال القادمين من مختلف أنحاء البلاد، وتتميّز بقدرتها على إنتاج أي سلعة تقريبًا بتكلفة منخفضة وسرعة كبيرة.

لكن الآن، ومع دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيّز التنفيذ، بدأت تداعيات الأزمة تظهر بشكل واضح. أُلغيت العديد من الطلبيات الأمريكية في اللحظات الأخيرة، وهو ما أوقع مديري مصانع الملابس والآلات في دوامة من القلق والخسائر، وأجبر بعضهم على تعليق أعمالهم مؤقتًا في انتظار اتضاح الرؤية.

إغلاق مؤقت وسوق محلية مشبعة

في أحد الأحياء الصناعية بقوانغتشو، أُغلقت بعض مصانع الملابس أبوابها بعد أن تعذّر تصريف المنتجات في الأسواق الخارجية، فيما هرع آخرون للبحث عن مشترين في أسواق بديلة أو حتى في السوق المحلية، التي تعاني أصلًا من فائض في الطاقة الإنتاجية.

لينغ ميلان، وهي شريكة في مصنع صغير للقمصان، أوضحت أن "الحرب التجارية لها تأثير مدمر"، مشيرة إلى أن الطلب المحلي لا يكفي لتعويض تراجع التصدير، خاصة في ظل الأسعار المتدنية التي أصبح السوق المحلي يفرضها.

أما السيدة "ياو"، مديرة مصنع آخر، فتقول إنها تعتمد في مبيعاتها على منصة أمازون، لكنها رصدت بالفعل تباطؤًا ملحوظًا في الطلبات، مؤكدة: "إذا بقيت الرسوم بهذه الوتيرة، فسنتجه حتمًا إلى أسواق جديدة".

خسائر بالجملة ومخزون عالق

في كثير من الحالات، دفع المستوردون الأمريكيون نصف قيمة الطلبيات مقدمًا، ثم تراجعوا عن استكمالها تجنّبًا للرسوم، ما ترك المصانع تغرق في مخزونات ضخمة من الملابس وحقائب اليد، دون تعويض يُذكر. ويؤكد مديرو مصانع أن الدفعة المقدمة لا تغطي تكاليف الإنتاج، ما يضعهم أمام خسائر محققة.

مصانع الآلات أكثر صمودًا

ورغم الصعوبات، تبدي بعض المصانع قدرة أكبر على التحمّل، خاصة تلك المتخصصة في الآلات والمعدات. إيلون لي، صاحب مصنع صغير لإنتاج أجهزة الطهي والمشاوي، يرى أن رسوم ترامب لن تُحدث فارقًا كبيرًا في أسعاره.

ويُرجع ذلك إلى أن تكلفة التصنيع في الصين منخفضة للغاية، وتشكّل جزءًا ضئيلًا من السعر النهائي في السوق الأمريكية. كما أن الصين تهيمن على إنتاج المكونات الكهربائية الأساسية، ما يمنحها أفضلية تنافسية يصعب تعويضها من قبل المصنّعين في آسيا أو أوروبا.

الرسوم لا تُعيد التوازن التجاري

رغم الرسوم المرتفعة، يوضح لي أن التأثير على الأسعار النهائية في السوق الأمريكية يبقى محدودًا، لأن هوامش الربح التي تضيفها العلامات التجارية والمتاجر الأمريكية تفوق بكثير كلفة التصنيع.

ويضيف أن انهيار قطاع العقارات في الصين خلق فائضًا في الفولاذ، وهو ما ساعد مصانع مثل مصنعه على تقليص التكاليف بشكل أكبر، مما يُبقيهم على قيد الحياة رغم العاصفة.

ختامًا.. .اقتصاد الصين في مفترق طرق

في ظل هذا التصعيد التجاري، تتجه الصين إلى مرحلة أكثر تعقيدًا، حيث باتت مصانعها الصغيرة - التي كانت يومًا رمزًا للنهضة الصناعية - تكافح للحفاظ على استمراريتها. ومع تزايد الضغوط، تتجه الأنظار نحو الحكومة الصينية لمعرفة ما إذا كانت ستتدخل لدعم هذه المصانع، أو ستترك السوق ليفرز الناجين من الضحايا في معركة تجارية لم تهدأ فصولها بعد.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار