أسعار النفط تحت الضغط.. والأسواق الناشئة أمام اختبار اقتصادي معقّد.. إلى أين تتجه الانظار؟

تشهد الأسواق الناشئة تحديات اقتصادية متزايدة على خلفية التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية، الذي أثار مخاوف جدية بشأن تأثيراته المتباينة على الدول المصدّرة والمستوردة للخام، في ظل أجواء من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
وتعزو تقارير اقتصادية الانخفاض الأخير في أسعار النفط إلى التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة في الثاني من أبريل، ما أدى إلى هبوط خام برنت بأكثر من 20% خلال أسبوع، ليصل إلى أدنى مستوى له في أربع سنوات، قبل أن يتعافى لاحقًا إلى نحو 66 دولارًا للبرميل.
وبينما من المتوقع أن تستفيد دول مثل تركيا والهند وباكستان والمغرب، إلى جانب عدد من الاقتصادات الأوروبية الناشئة، من تراجع أسعار النفط عبر خفض فواتير الاستيراد، إلا أن الصورة تبدو أكثر قتامة بالنسبة للدول المصدّرة، التي تواجه ضغوطًا متزايدة على موازناتها العامة واحتياطاتها من النقد الأجنبي.
ويقول توماس هاوجارد، مدير محفظة ديون الأسواق الناشئة لدى "جانوس هندرسون إنفستورز"، إن الأضرار المحتملة على الدول المصدّرة ستكون أكبر من المنافع التي قد تحصدها الدول المستوردة، لاسيما أن إيرادات النفط تمثل ركيزة أساسية في الموازنات العامة لهذه الدول، مما سينعكس على مستويات المخاطر الائتمانية.
ووفقًا لحسابات "مورغان ستانلي"، فإن الأسعار الحالية للنفط تقل كثيرًا عن المعدلات التي بنت عليها الدول المصدّرة موازناتها السنوية، والتي تراوحت حول 69 دولارًا للبرميل، ما يضع دولًا مثل أنغولا والبحرين في صدارة المتضررين.
وفي حالة تعكس هذا الضغط، كشفت وزارة المالية الأنغولية أنها اضطرت مؤخرًا لدفع 200 مليون دولار استجابة لـ"نداء هامش" أصدره بنك "جيه. بي. مورغان"، بسبب تدهور أداء سندات أنغولا في الأسواق الدولية، وهو ما يعكس هشاشة الوضع المالي في البلاد وسط تزايد ديونها الخارجية لمقرضين تجاريين ودول مثل الصين.
وفي السياق ذاته، حذر "جيه. بي. مورغان" من أن استمرار تراجع أسعار النفط من شأنه أن يؤثر سلبًا على سوق أدوات الدين في الأسواق الناشئة، والتي أظهرت صمودًا نسبيًا خلال الفترات السابقة.
ومن الأمثلة على ذلك، ما تواجهه نيجيريا من مخاطر متصاعدة، حيث يشكل النفط نحو 90% من صادراتها، وكانت الحكومة تراهن على سعر 75 دولارًا للبرميل في موازنة 2024، لكنها باتت مضطرة لإعادة النظر في توقعاتها التمويلية.
كما حذر البنك من إمكانية تراجع قيمة العملة المحلية النيجيرية (النيرة)، في ظل ارتفاع التدخلات من قبل البنك المركزي لتوفير الدولار ومنع تحركات سعرية غير منضبطة، ما قد يعرض المستثمرين لخسائر فادحة في أدوات الدين المحلية.
ويؤكد محللون أن تراجع أسعار النفط، رغم فوائده النظرية على مستوردي الخام من حيث تقليص العجز وتحسين الحساب الجاري وخفض التضخم، إلا أنه لا يخلو من مخاطر قد تؤثر على الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها تلك الدول في السنوات الأخيرة.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك