في ذكري تأسيسها.. هكذا وضعت فكرة الجامعة العربية!
على الرغم من أن جامعة الدول العربية هي منظمة تعني بقضايا الوطن العربي ودوله في كافة أرجاء العالم، حيث نشأت من دافع قومي في توحيد الصفوف العربية أثناء مقاومة الاستعمار، ودعم استقلال الدول، غير أن الكثير من الدهشة ستصيبك حينما تعرف أن فكرة انشاء الجامعة نبعت في الأصل من الدول الغربية، وتحديدا بريطانيا ووزير خارجيتها أنتوني إيدن وذلك في عام 1943
بيان الخارجية البريطانية:
في 29 من مايو لعام 1941 أصدر بيان وزير الخارجية البريطاني إيدن أعلن فيه تأييد حكومة بلاده مساعي الوحدة العربية مبديا استعدادها لتقديم الدعم للعرب، وكان مما تضمنه البيان: "كثيرون من مفكري العرب يتمنون للشعوب العربية تحقيق درجة من الوحدة أكبر مما هي عليه الآن، وحكومة صاحب الجلالة من ناحيتها ستؤيد كل التأييد أية خطة تلقى من العرب موافقة عامة".
وظهر جليا من البيان موافقة الوزير البريطاني على روح عامة لدى "المفكرين العرب" ويؤيد هذا الاتجاه الذي قد تتولد عنه "خطة" وهو بمثابة إقرار سياسي للعرب للبدء في تنفيذ المشروع.
مشاورات 1942
في تلك الأثناء كان مصطفى النحاس رئيس الوزراء المصري حينها قد ألقى خطابا في مجلس الشيوخ عام 1942 أعلن من خلاله عن سعي مصر إلى تنظيم مؤتمر للقادة العرب لمناقشة مسألة الوحدة العربية، وهو الأمر الذي لقي قبولا واسعا من قيادة الأردن متمثلة في تصريحات الملك عبد الله الأول.
في 5 سبتمبر عام 1942 بدأت الفكرة تنتقل لمرحلة التنفيذ بعدما قامت مصر بدعوة كلا من السعودية و لبنان والعراق وشرق_الأردن وسوريا واليمن لإرسال مندوبين عنها للتشاور حول مسألة الوحدة، وتشكلت من هؤلاء المندوبين، إلى جانب ممثل عن الفلسطينيين، لجنة تحضيرية قامت بعقد اجتماعاتها متواصلة على مدار أسبوعين في الإسكندرية، وهي المرحلة التي عرفت باسم "مشاورات الوحدة العربية".
واصل وزير الخارجية البريطاني التأكيد على تأييد الفكرة حيث أصدر بيانا ثانيا في فبراير عام 1943 يؤكد فيه مساعدة بريطانيا لقيام الجامعة_العربية.
بعد ذلك قام مصطفى النحاس رئيس الوزراء المصري بعقد اجتماعا مع كل من جميل_مردم_بك رئيس الوزراء السوري و بشارة الخوري رئيس الكتلة_الوطنية في لبنان الذي أصبح رئيسا للجمهورية اللبنانية فيما بعد.
وكان الهدف من الاجتماع هو إنشاء جامعة عربية تحتضن كافة الدول العربية وترعى مصالحهم، وقد بدأت هذه الفكرة في الانتشار، وبدأ تحضير الأفكار حول الصورة التي سوف يظهر بها هذا الكيان الوليد.
بروتوكول الإسكندرية سنة 1944
في السابع من أكتوبر 1944 جاء التنفيذ الفعلي من خلال التوقيع على بروتوكول الإسكندرية الذي قام بالتوقيع عليه رؤساء حكومات مصر ولبنان وشرق الأردن وسوريا والعراق.
وتضمن وثيقة الإسكندرية عدد من المبادئ حول إنشاء وتسيير المنظمة التي ستجمع الدول العربية المستقلة، وهي المبادئ التي تضمنها ميثاق الجامعة فيما بعد، ومن بينها دعم مبدأ اقامة وطن عربي واحترام سيادة الدول الأعضاء.
وقد أقيمت مراسم التوقيع على البروتوكول بمقر إدارة جامعة فاروق_الأول (جامعة الإسكندرية حاليا)، فيما طلب وفدا السعودية واليمن تأجيل التوقيع حتى إطلاع حكومتيهما على نص البروتوكول، فقامت السعودية بالتوقيع على هذه الوثيقة في 3 يناير 1945 واليمن في 5 فبراير 1945.
تأسيس الجامعة سنة 1945
خرجت الجامعة رسميا للنور في 22 مارس عام 1945، بعدما كانت اللجنة السياسية الفرعية التي أوصى بروتوكول الإسكندرية بتشكيلها، قد انتهت من أعمالها، وذلك في 3 مارس، بعد أن عقدت 16 اجتماعاً بدار وزارة الخارجية المصرية بالإسكندرية. وقد انتهي أعضاؤها من اعداد صيغة ميثاق جامعة الدولالعربية معتمدين على "بروتوكول الإسكندرية".
في 22 مارس/آذار 1945 كان التوقيع على الصيغة النهائية لنص "ميثاق جامعة الدول العـربية" والذي قام بالتوقيع عليه رؤساء حكومات خمس دول عربية هي لبنان ومصر والعراق وشرق الأردن وسوريا، ثم وقعت السعودية فيما بعد على النسخة الأصلية.
أول أمين عام
تألف الميثاق من 20 مادة حددت أهداف الجامعة والأطر الأساسية لنظام عملها، واقيمت مراسم التوقيع على هذه الوثيقة التاريخية في البهو الرئيسي لـ قصر_لزعفران في القاهرة.
وكان رأت اللجنة التحضيرية أن تحمل المنظمة الوليدة مسمى "جامعة الدول العربية"، بعد مناقشات موسعة لثلاث تسميات مقترحة، كان أولاها "التحالف العربي"، وثانيتها الاتحاد العربي، وثالثتها الجامعة العربية.
وفي يوم 22 مارس تم الاعلان عن اختيار عبد الرحمن عزام أميناً عاماً للجامعة ليكون أول أمين عام في تاريخ الجامعة العربية وتولى المنصب إلى سنة 1952، وذلك بعد دوره البارز الذي لعبه في انشاء الجامعة.