الإمارات على العهد.. هل يُعاد ترتيب البيت السوري من أبو ظبي؟
"فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة جمعاء".. بهذه الكلمات وصفالشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات، السبت الماضي.
ولاشك أن تلك الزيارة تحمل الكثير من الدلالات والرسائل، كما تعيد التذكير بالعديد من المحطات الدبلوماسية والإنسانية التي ساندت فيها أبوظبي الشعب السوري.
وتفتح زيارة الأسد لدولة الإمارات، مجددا الباب أمام احتمال عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، بعدما كان وزراء الخارجية العرب قد قرروا خلال اجتماع طارئ نهاية نوفمبر 2011 تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، عقب اندلاع أزمتها.
تلك الدلالات والرسائل تشير إلى محطات ومواقف إنسانية ودبلوماسية هامة ساندت فيها دولة الإمارات سوريا على الدوام.
حيث تؤمن دولة الإمارات بأن الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة السورية، من خلال المؤتمرات الدولية والمباحثات الثنائية، مشددة على استمرار دعمها الكامل لجهود الأمم المتحدة، إلى جانب مواصلة جهود الوساطة الدولية الأخرى الساعية إلى التوصل إلى اتفاق سلام في سوريا بناء على مؤتمر جنيف وقرار مجلس الأمن رقم 2254.
كما أكدت ومازالت الإمارات تؤكد رفضها للتدخل الأجنبي في الشأن السوري، والتشديد على أهمية وجود دور عربي فعال في سوريا، ومساعدة السوريين في العودة إلى محيطهم العربي.
مساعي الامارات لحل القضية السورية:
ظهر توجه دولة الإمارات إلى المساعي الدبلوماسية كحل للقضية السورية من خلال قرارها بإعادة افتتاح سفارتها في دمشق ديسمبر 2018.
كما تجلى ذلك من خلال اطلاق الامارات العديد من المبادرات الإنسانية رائدة، التي سعت من خلالها الامارات إلى إبراز التضامن الإنساني، مؤكدة أنها ستبقى على الدوام خير سندٍ لأشقائها وأصدقائها وللإنسانية جمعاء، إيمانا منها بأن التضامن الإنساني بين الشعوب هو الأبقى، والخلاف السياسي عابر مهما امتد.
مبادرات إنسانية
جاء الاتصال الهاتفي الذي أجراه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس السوري بشار الأسد في 27 مارس من عام 2020 مع بدء تفشي الفيروس، لبحث دعم الشعب السوري جراء تفشي جائحة كورونا دليلا جديدا على استمرار الدعم الانساني الذي تقدمه الامارات للشعب السوري.
كما تجلت في تاريخ الإنسانية كلمات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الاتصال، والتي أكد خلالها على أن "سوريا البلد العربي الشقيق لن يقف وحده في مواجهة هذه الظروف الدقيقة والحرجة".
عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية:
مبادرة إنسانية رائدة قادتها أبوظبي حينما دعا الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في مارس الماضي إلى ضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية.
حيث أكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، بالعاصمة أبوظبي، في ذلك الوقت، إنه من الخطوات المهمة على طريق عودة سوريا هو أن تعود لجامعة الدول العربية، وهو مايتطلب جهدا أيضا من الجانب السوري كما يتطلب جهدا من "الزملاء في الجامعة العربية".
وفي 20 أكتوبر الماضي، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالا هاتفيا من الرئيس بشار الأسد تناولا خلاله بحث علاقات البلدين الشقيقين وسبل تعزيز التعاون المشترك بكافة المجالات بما يضمن تحقيق مصالحهما المتبادلة.
زيارة بن زايد لسوريا:
استمرارا لسلسة حلقات المساعي الاماراتية على طريق عودة سوريا لأحضان محيطها العربي، توجه الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، زيارة إلى سوريا، في 9 نوفمبر الماضي، في زيارة هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ أكثر من 10 أعوام، تستهدف دعم عودة دمشق إلى حاضنتها العربية.
وهو مارأته دمشق "خطوة شجاعة" تمهد أجواء عودة سوريا المرتقبة إلى الحاضنة العربية.
زيارة الرئيس السوري للامارات:
تلك المسارات توجتها الإمارات، باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد، مساء الجمعة، في أول زيارة لدولة عربية.
وقد حرص الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، خلال مباحثاتهما مع الأسد على نقل رسائل إنسانية وسياسية كشفت عن دعم بلادهما للشعب السوي والدفع قدما بحل أزمته.
كما كشف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال لقائه الأسد، في استراحته في المرموم بدبي، عن خالص أمنياته لسوريا الشقيقة وشعبها الكريم أن يعم الأمن والسلام كافة أرجائها وأن يسودها الاستقرار والازدهار بما يعود على الجميع بالخير والنماء.
واستعرض اللقاء مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين نحو المستقبل، ويخدم مستهدفات التنمية الشاملة لدى الطرفين، وبما يدعم فرص السلم والاستقرار في سوريا والمنطقة على وجه العموم.
كما تطرق النقاش إلى استعراض الأوضاع الراهنة في سوريا، وكذلك مختلف المستجدات على الساحتين العربية والدولية، ومجمل الموضوعات محل الاهتمام المشترك.
من جانبه أوضح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حرص دولة الإمارات الشديد على اكتشاف مسارات جديدة للتعاون البنّاء مع سوريا، دفع أوجه التعاون المختلفة بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين.
فيما أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الأسد في قصر الشاطئ بأبوظبي عن امنياته أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا الشقيقة والمنطقة جمعاء.
كما ناقش الجانبان عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي حرص خلالها الجانبان على تأكيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية إضافة إلى استمرار دعم سوريا وشعبها الشقيق سياسياً وإنسانياً للوصول إلى حل سلمي لجميع التحديات التي يواجهها.
وشدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن سوريا الشقيقة تمثل ركيزة أساسية من ركائز تحقيقالأمن العربي وأن دولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون معها بما يلبي مساعي الشعب السوري الشقيق نحو الاستقرار والتنمية.