"المقاومة أنثى".. "شيرين أبو عاقلة" و "دلال مغربي" بصمات باقية على جدار القضية الفلسطينية
تمتلئ الذاكرة الفلسطينية بالنساء اللاتي تسلحن بالإرادة والمقاومة، وتركن خلفهن بصمات واضحة، مما جعل الفلسطينيون يعتبرون أن "المقاومة أنثى".
ولم يقتصر دور المرأة على المساندة المعنوية في القضية الفلسطينية، ولكن ساهمت بشكلٍ واضح بقضية بلدها ومقاومتها، على الصعيد السياسي، وحتى العسكري وحمل السلاح والانخراط في صفوف المجموعات الفدائية الفلسطيني، ولعل الشهيدة دلال مغربي التي سطرت ملحمة من النور كانت أبرز النماذج، لتلحق بركاب نورها في الجنة اليوم الشهيدة الصحفية "شيرين أبو عاقلة".
خليجيون.. يرصد قصة امرأتين برهنا أن "لا أحد يحتكر مجد الحياة ولا مجد الموت" كما قالت دلال مغربي.
الصحفية شيرين أبو عاقلة
عملت في العمل الصحفي حوالي ثلاثة عقود من عمرها، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، في آخر تغطية ميدانية، دفعت فيها حياتها، لتطوي آخر صفحة من مسارها المهني الطويل.
ولدت شيرين أبو عاقلة في مدينة القدس الشرقية عام 1971، وترجلت في مخيم جنين عن عمر يناهز 51 عاما في خبر صدم الفلسطينيين بكافة أطيافهم.
وعرف الفلسطينيون أبو عاقلة بشكل خاص خلال تغطيتها أخبار الانتفاضة الفلسطينية الثانية حيث كانت تتنقل من القدس الشرقية إلى مدن الضفة الغربية كافة.
ويقول الصحفيون الذين تعاملوا معها إنها تتميز بخلقها الرفيع واحترامها للجميع.
أصول شيرين أبو عاقلة وديانتها
تعود أصول شرين أبو عاقلة لعائلة مسيحية في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، ولكنها ولدت وترعرعت في القدس الشرقية.
درست في مدرسة راهبات الوردية في القدس الشرقية قبل أن تلتحق بجامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن لدراسة الهندسة المعمارية.
لكن أبو عاقلة رأت نفسها أقرب إلى ميدان الإعلام، من الديكورات والتصميم، فحصلت على درجة البكالوريوس في جامعة اليرموك في الأردن.
عادت بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو، ولاحقًا انتقلت للعمل في قناة عربية
دلال المغربي
ولدت المناضلة المغربي عام 1958 في أحد مخيمات الفلسطينيين في بيروت، وهي ابنة لعائلة من مدينة يافا لجأت إلى لبنان عقب نكبة عام 1948.
درست الابتدائي والإعدادي في المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في المخيم.
كما قررت الالتحاق بصفوف الثورة الفلسطينية والعمل في صفوف الفدائيين في حركة “فتح”، وهي على مقاعد الدراسة.
وتلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في الحرب الميدانية، تدربت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، وعرفت خلال اجتيازها هذه الدورات بجرأتها وشجاعتها وحسها والوطني الرفيع وإخلاصها لفلسطين ولحركة “فتح”.
وكان لاغتيال القادة الفتحاويين الثلاثة، كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار على أيدي الإسرائيليين عام 1973 أثر سيء على دلال، كما ترك ما كانت تتعرض له المخيمات الفلسطينية من عدوان مستمر ومقيت، في داخلها شعورا بالمرارة، وكذلك البؤس الذي كانت تعيشه أسرتها شأن سواد قاطني المخيمات، نتيجة هجرتهم القسرية التي ما كانت لتحدث لولا الاحتلال الإسرائيلي لبلدها فلسطين.
لذا أخذت تراود دلال، كغيرها من أترابها ورفاقها في الأسى من سكان المخيمات مشاعر سلبية جياشة ولدت تصميما على الإتيان بأمر تطفئ معه غليلها.
وضعت فرقة دير ياسين الخطة على يد الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد)، وكانت تقوم على أساس القيام بعملية إنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه الى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست، حيث تسابق الفدائيون الفلسطينيون على المشاركة فيها وعلى رأسهم دلال المغربي التي كانت في العشرين من عمرها.
تم اختيارها رئيسة للمجموعة التي ستنفذ العملية والمكونة من عشرة فدائيين، وقد عرفت العملية بعملية “كمال عدوان”، والفرقة باسم “دير ياسين”.
وفي صباح 11/3/1978 نزلت المغربي مع فرقتها من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني واستقلت المجموعة قاربين، ونجحت عملية الإنزال والوصول، دون أن يتمكن الإسرائيليون من اكتشافها لغياب تقييمهم الصحيح لجرأة الفلسطينيين.
وقد نجحت دلال وفرقتها في الوصول نحو تل أبيب واستولت على الحافلة بجميع ركابها الجنود، في الوقت الذي تواصل الاشتباك مع عناصر إسرائيلية أخرى خارج الحافلة، حيث أدت هذه العملية إلى إيقاع مئات القتلى والجرحى في الجانب الإسرائيلي.
وعلى ضوء الخسائر العالية قامت حكومة الاحتلال بتكليف فرقة خاصة من الجيش يقودها أيهود باراك بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها، فاستخدمت الطائرات والدبابات لحصار الفدائيين، الأمر الذي دفع المغربي إلى القيام بتفجير الحافلة وركابها مما أسفر عن قتل الجنود الإسرائيليين.
وما إن فرغت الذخيرة أمر بارك بحصد جميع الفدائيين بالرشاشات فاستشهدوا جميعًا
يذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما زالت حتى الآن تحتجز جثمان الشهيدة دلال المغربي في “مقابر الأرقام”.