محمود محيى الدين: إفريقيا ضحية أزمة تغير المناخ
أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، أنه لا يجب التحجج بالأزمات الراهنة مثل أزمة "كورونا"، والأزمة الأوكرانية، لتبرير التقاعس عن تنفيذ مشروعات التنمية المستدامة، ومنها مشروعات المناخ، موضحا أن العالم كان بعيدا عن مسارات التنمية المستدامة وتحجيم التغير المناخي حتى قبل وقوع هذه الأزمات، حيث كانت هناك قيود على التجارة، ومشكلات مرتبطة بالديون.
واعتبر محيي الدين في كلمته أمام مؤتمر "نحو الدورة 27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (COP27) وما بعده"، الذي انطلق اليوم الاثنين، أن التغيرات المناخية يمكن أن تجمع العالم رغم مشاكله الاقتصادية، وأن العمل المشترك لا بديل له في معالجة مشكلة المناخ، وهذه الأزمة يمكن أن تكون جزءا من حل المشكلات في العالم.
وقال محيي الدين، إن مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، الذي تستضيفه مصر في شهر نوفمبر المقبل، يجب أن يعطي إفريقيا المساحة المناسبة لها لأنها يمكن أن جزءا مهما في حل الأزمة، حيث تمثل القمة فرصة لتسليط الضوء على الظروف والاحتياجات الخاصة لإفريقيا.
وأضاف أن إفريقيا تحتاج لتحقيق التوازن بين التصدي لظاهرة التغير المناخي وتحقيق النمو لاقتصادات القارة من أجل التغلب على مشكلات انعدام الأمن الغذائي والفقر، فضلا عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وشدد على أن القارة السمراء لديها تصميم على إظهار ريادتها في العمل المناخي من خلال المساهمة الفعالة في الجهود الدولية ذات الصلة، ودورها في تيسير العمل المناخي وحشد الجهود في هذا الصدد على نطاق واسع، ورؤيتها لمستقبل عادل ومستدام لأبنائها ولسكان العالم أجمع.
وأوضح الدكتور محيي الدين، أن إفريقيا أكثر المتضررين من هذه الأزمة، وهي ضحية للانبعاثات في العالم، وأنه على الرغم من أن القارة الإفريقية تاريخيا لها حصة ضئيلة من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إلا أنها تتأثر بتغيرات المناخ بشكل ملحوظ، فهي مسؤولة فقط عن 3% من انبعاثات الكربون في العالم، في حين أن روسيا وحدها تساهم بـ4%، والهند بـ8%، والولايات المتحدة 16%، والصين 30%.
وأفاد بأن الدول الإفريقية مهتمة بالسير بإجراءات التكيف على قدم المساواة مع إجراءات التخفيف، وتعزيز قدرات العمل المناخي عبر مشاركة كافة أطراف المجتمع، موضحاً أن القارة لديها وفرة في رأس المال الطبيعي مثل الأرض والغابات والمحيطات مما يمكنها من جذب الاستثمارات مع ضرورة الاعتماد على تكنولوجيات صديقة للبيئة، وهو ما يجعلها جزءا مهما من الحل.
وأكد محيي الدين أن إفريقيا شهدت تحولا في مجال الطاقة المتجددة، مشيرا في هذا الصدد إلى مجمع بنبان للطاقة الشمسية بمحافظة أسوان في مصر والذي يوصف بأنه أضخم محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على مستوى العالم، كما أن هناك دولا إفريقية قطعت خطوات مهمة في موضوع الطاقة المتجددة.
ولفت إلى أن سياسات التمكين التي يتم رسمها بشكل مشترك بين الحكومات وقطاعات الأعمال المختلفة ستساعد في زيادة تدفق رؤوس الأموال ومن ثم زيادة مكاسب الشركات والأعمال السباقة إلى تحقيق هذا التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وهو ما يعني أن الإجراءات التي ستتخذها الشركات والأعمال في إفريقيا لتحجيم أزمة المناخ سيعود بالنفع عليها عن طريق تلبية احتياجات المنتفعين منها، فضلا عن تحقيق نمو بأسلوب مرن قائم على العمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية.
وأكد محيي الدين أن النمو الاقتصادي مرتبط بضرورة العمل على تخفيض نسبة الكربون والحد من أضراره، موضحاً أن التنمية المستدامة تعد الحل الوحيد طويل المدى لخلق استراتيجيات عمل منخفضة الكربون في مجالات العمل الرئيسية مثل الزراعة والبنية التحتية والاتصالات والتي تمر بمرحلة نمو قوي، مبينا أن جهود مواجهة تحديات التغير المناخي يجب أن تأتي في إطار التوجه إلى التنمية المستدامة الشاملة.
وبين أن اجتماعات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، تمثل نافذة تستمر أسبوعين، وأجندتها غنية بالفعاليات، لكن الأهم من ذلك هو العمل على مدار العام من أجل تحويل أنظمة أعمالكم إلى أنظمة صديقة للبيئة، معبرا عن طموحه بأن يمثل المؤتمر علامة فارقة في هذا العقد الحاسم فيما يتعلق بقضية المناخ، وذلك من خلال أجندة تحول طموحة وعاجلة ومؤثرة فيما يتعلق بالعمل المناخي.
ولفت إلى أنه في ضوء أهداف وغايات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وكذلك اتفاقية باريس، وبناء على مخرجات مؤتمرات الأطراف للتغير المناخي السابقة، فسيركز مؤتمر شرم الشيخ على التنفيذ الفعلي للعمل المناخي، وتحويل الالتزامات إلى أفعال، وترجمة تعهدات قمم ومؤتمرات المناخ السابقة إلى حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وحذر الدكتور محيي الدين من تبعات تغيرات المناخ، مشيرا إلى التقارير التي صدرت خلال الأشهر القليلة الماضية من المؤسسات المعنية وكذلك الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التي أوضحت أنه كان المفترض أن يتم خفض الانبعاثات بنسبة 45% بحلول عام 2030 ولكن ما حدث في الواقع أن الانبعاثات زادت بنسبة 14% ليصل التخفيض المستهدف حوالي 60%.
وأوضح الدكتور محيي الدين أن قضايا التكيف والتخفيف والتمويل وجميع القضايا المتعلقة بالخسائر والأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية ضمن أولويات قمة المناخ القادمة، مشددا على ضرورة تسريع وتيرة إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية.. مشددا على ضرورة دمج قضايا التمويل والابتكار فيما يتعلق بمستقبل تمويل المناخ.
وبدأت اليوم الاثنين أعمال مؤتمر "نحو الدورة 27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (COP27) وما بعده"، والذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع البنك التجاري الدولي، وتستمر فعالياته على مدار يومين، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين من مصر وعدد من الدول.