مؤتمر المناخ القادم يواجه تحدى ارتفاع تكنولوجيا الأسعار الخاصة بإزالة الكربون
يواجه العالم العديد من التحديات فى التحول الأخضر بمجال الطاقة، خاصة فى ظل أزمة التغيرات المناخية التى تتزايد كل يوم، ولكن هناك تحديا مهما آخر وهو ارتفاع تكنولوجيا الأسعار الخاصة بإزالة الكربون والعمل على توفير التمويل اللازم فى هذا الشأن، هذا الملف الذى سيفرض نفسه بقوة خلال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP 27) المقرر عقده فى شهر نوفمبر القادم بمدينة شرم الشيخ وتخصيص يوم خلال المؤتمر "لإزالة الكربون" من العمليات الخاصة بقطاع البترول، واستعرض تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم السبت، التكنولوجيات الخاصة بإزالة الكربون وتكلفتها، وكيف سيتم نقل هذه التكنولوحيا للدول النامية ومتى سيتم نقلها؟.
ومن جانبه، قال الدكتور سمير طنطاوي استشاري التغيرات المناخية عضو الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ IPCC ومدير مشروع الإبلاغ الوطني الرابع التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، فى تصريحات للوكالة، إنه فيما يخص التكنولوجيات المتاحة لعملية إزالة الكربون فحتى الآن لايمكن قنص أو تخزين أو فصل أى غاز من غازات الاحتباس الحرارى بخلاف غاز ثانى أكسيد الكربون وهذه التكنولوجيات مكلفة جدا وهناك منها نوعان، الأول هو قنص غاز ثانى أكسيد الكربون وتخزينه فى التكوينات الجيولوجية الصخرية، والآخر هو قنص غاز ثانى أكسيد الكربون وتخزينه فى طبقات البحار والمحيطات بالمياه المالحة على أعماق معينة بحيث لايسمح بتسريبه مرة أخرى نتيجة ضغط المياه، لكن تقارير ودراسات الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ أوضحت أن تخزين ثانى أكسيد الكربون تحت طبقات المياه المالحة غير مجد بيئيا، أما تخزينه فى التكوينات الجيولوجية يكون ذات جدوى بيئية أو اقتصادية.
وأضاف طنطاوى أنه فى الوقت الحالى فهذه التكنولوجيات مازالت تكنولوجيات جديدة وبالتالى فهى تكنولوجيات مكلفة وغير متوفرة فى دول العالم النامى ويتم استيرادها وهو الأمر شديد الخلاف فى العملية التفاوضية بين الدول النامية والدول الصناعية، لذلك سيتم التركيز فى"cop 27" على العمل لصياغة ورقة عمل توضح التكنولوجيات والدراسات وتكلفة هذه التكنولوجيا، وكذلك العمل على جذب الاستثمارات فى مجالات إزالة الكربون من خلال استخدام تكنولوجيات رخيصة الثمن يمكن تمويلها من البنوك، بحيث تكون ذات جدوى اقتصادية.
وحول كيفية نقل التكنولوجيات للدول النامية، أشار الدكتور سمير طنطاوى إلى أن هذا الموضوع هو ما ستركز عليه المفاوضات وكيف سيتم نقل التكنولوجيا بأسرارها المعرفية وحقوق الملكية الفكرية فهو أحد الموضوعات شديدة الاهتمام وشديدة الخلاف فى العملية التفاوضية بين الدول الصناعية والدول النامية خاصة وأن الدول الصناعية تؤكد دائما أن هذه التكنولوجيات هى نتاج البحث والتطوير الذى قام به القطاع الخاص لديها وأنفق عليها الكثير من الأموال وأن الحكومات فى الدول الغربية لا يمكنها الضغط على القطاع الخاص باعتباره المالك لهذه التكنولوجيات، والدول النامية تطالب بتوفير هذه التكنولوجيات لها بأسرارها المعرفية وبحقوق الملكية الفكرية حتى يمكنها استخدام هذه التكنولوجيات فى عملية خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى.
وأوضح طنطاوى أن موضوع تسويق التكنولوجيات الحديثة ينظر إليه من منظور تسويقى بحت من خلال الدول الغربية بأن هذه التكنولوجيات ملك للقطاع الخاص الذى يحتاج أن يسترجع الأموال التى تم صرفها على البحث والتطوير ويحقق الأرباح، وفى المقابل فإن الدول النامية هى المتضررة من الآثار السلبية للتغيرات المناخية رغم أنها غير المتسببة فى هذه المشكلة.
وحول إزالة الكربون ودوره في حل مشكلة التغيرات المناخية، أكد الدكتور سمير طنطاوي، أنه إذا تم إزالة الكربون لن تحدث ظاهرة التغيرات المناخية الجامحة الناتجة عن زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري.. منوها بأنه إذا تم إزالة الكربون ستقل حدة الظواهر المناخية الشديدة مثل الحر الشديد والبرد والأمطار الشديدة والفيضانات وموجات التصحر وكل هذه الآثار السلبية فإزالة الكربون والوصول إلى اقتصاد معزول الكربون ممكن أن يؤدى إلى حل مشكلة التغيرات المناخية وتحقيق ما تم الاتفاق عليه في اتفاق باريس للمناخ، بعدم ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوى إلى 5ر1 درجة مئوية مما يتطلب خفضا كبيرا في الانبعاثات.
يذكر أن التعريف العلمي لإزالة الكربون هو إزالة الكربون بالطرق الطبيعية من الغلاف الجوى من خلال عمليات كيميائية أو فيزيائية أو حيوية وأن الانتشار الأوسع خلال الفترة الأخيرة يشمل عزل الكربون من خلال عمليات صناعية أو بشرية، ومن أشهر طرق عزل الكربون المعروفة هو قنص وتخزين ثاني أكسيد الكربون في مختلف المجالات أشهرها محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري، ويتم تعزيز المحطات بتكنولوجيات قنص ثاني أكسيد الكربون بحيث أن كمية ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الخاص بتشغيل المحطة لا تنطلق إلى الغلاف الجوى، ولكن يتم قنصها ثم تخزينها في تكوينات جيولوجية بمواصفات معينة وغالبا ما تكون آبار نفطية ناضبة حتى تكون الصخور غير مسامية، وبالتالي يضمن عدم تسرب ثاني أكسيد الكربون الذي يتم تخزينه في هذه التكوينات الجيولوجية فإزالة الكربون هو عملية تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لنشاط معين وهذا ينتج عنه ما يسمى باقتصاد منزوع الكربون.