منذ 120 مليون عام.. أول طائر يهز ريش ذيله في التاريخ
تعتمد العديد من الطيور على ريشها اللامع اللافت للنظر وذلك عندما يحين الوقت لإثارة إعجاب أنثي للتزاوج.
تلك الطيور تقدم عرضاً ملوناً مبهرا لإثار إعجاب الأنثى ولكن في بعض الأحيان قد يصيح العرض فخما لدرجة أنه قد يصبح عائقا وعبئا علي تلك الطيور. مثل الذيل الهائل لذكر طائر الطاووس و ذكر طائر الجنة (مجموعة من الطيور توجد في الغالب في أستراليا وإندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة). ولكن يتضح أن تلك الاستراتيجية لجذب أنثي للتزاوج هي استراتيجية قديمة للغاية.
في هذا الأسبوع أورد بعض علماء الأحافير عن اكتشاف أحفورة طائر تبلغ من العمر ما يقارب 120 مليون عام تملك ما يبدوا أنه أول مثال علي ذيل كبير لغرض الاستعراض أطلقوا عليه أسم الذيل الدبوسي. هذا الذيل عبارة عن مروحة من الريشات القصيرة و ريشتين مركزيتين طولهما أطول من الطائر نفسه، وهو ما يشبه ذيل بعض الطيور المعاصرة مثل طائر الكويتزال.
تتقول أمين قسم احافير الزواحف بمتحف فيلد للتاريخ الطبيعي في شيكاغو السيدة جينمايا أوكونور " ان ريش الذيل لتلك العينة الأحفورية هو الشيء المميز في تلك العينة، ويمكننا أن نفترض أنه نظراً لأن هذا الذيل الكبير سيزيد من صعوبة التنقل لهذا الطائر، فلابد أنه كان غرضه هو الزينة "
قامت السيدة أوكونور وزملائها في 16 سبتمبر 2021 بوصف النوع الجديد المكتشف وقاموا بتسميته باسم يوانهوافيس كومبسوسورا Yuanchuavis kompsosoura وذلك نسبة لطائر خرافي صيني قديم.
تقول السيدة أوكونور ان هذا الطائر كان في حجم يقارب طائر الغراب الحالي وينتمي الطائر لمجموعة منقرضة من الطيور تسمي إنانتيورنيثينيس enantiornithines كانت هي المجموعة السائدة من الطيور في العصر الطباشيري، وهي في الغالب كانت طيور صغيرة الحجم تسكن الأشجار.
لون تلك الريشات القديمة لذلك الذيل الطويل سيبقي سراً يحير العلماء للأبد
ذلك الطائر كان جزءاً من النظام البيئي في منطقة جيهول في الصين، وهي منطقة غنية بالأحافير وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من الصين، والعينة التي قامت السيدة أوكونور وفريقها بفحصها كانت بلا أجنحة الطائر ولكنها تقول أن العينة رغم ذلك كانت بحالة ممتازة مع ريش ذيل "رائع ومحفوظ بشكل جميل للغاية".
ومروحة الريش في قاعدة الذيل كانت تشابه تلك الموجودة في الطيور الحالية كطيور الحمام وطيور الدوري.
وشكلها الأيروديناميكي الانسيابي كان يساعد الطائر في توليد الرفع اللازم للطيران، وذلك علي خلاف تلك الريشتين الطويلتين في منتصف الذيل الذين كانوا يقللوا من إمكانية الطائر علي المناورة ويمثلوا عبئاً في الطيران. فحسب قولها فأن هذا الريش كان كبير و مسبب للمشاكل.
وتمكن الباحثون من فحص الهياكل الخلوية المتحجرة في الريشات والمحتوية علي صباغ الألوان، ووجد الباحثون أن تلك الهياكل تشبه تلك الموجودة في طيور الحديثة و التي تنتج اللون الأسود والرمادي.
ولكن هذا لا يعني أن تلك الطيور القديمة لم تكن ملونة بألوان براقة، فتلك الريشات تمتلك بنية ميكروسكوبية من الكيراتين لتعكس الضوء عند أطوال موجية ملونة، تشبه تلك الموجودة في الريش الأزرق لطائر أبو زريق والتي تمتص كل الأطوال الموجية للضوء ما عدا اللون الأزرق، ولسوء الحظ فإن الكيراتين يتحلل بسرعة ونادراً ما يتم حفظه في الأحافير وذلك فأن لون ريش هذا الطائر الحقيقي سيبقي للأغلب سراً أبدياً.
الهياكل العظمية لطيور ما قبل التاريخ تفتقد الكثير من الصفات المتخصصة التي تجعل من الطيور الحديثة اليوم قادرة علي القيام برحلات هجرة لمسافات تتجاوز آلاف الأميال والكثير من الإمكانيات الجوية الأخرى، فتبقي حقيقة أن استثمار طائر اليوانهوافيس في هذا الذيل الفخم ولكن المرهق بدلا من تطوير ذيل من شأنه أن يجعل طيرانه أسهل أمر يوضح ويبرز مدي أهمية الانتقاء الجنسي في تشكيل ريش تلك الطيور القديمة.
وهذا الذيل المبهرج يمدنا أيضا بدلائل عن نوع موطن تلك الطيور، فالطيور البحرية المعاصرة فشكل عام لا تمتلك أي ميزات زينة فهي تعيش في مناطق مكشوفة فيجب أن تكون طيور ذات أمكانيات طيران قوية.
ولكن طيور الغابات يمكنها أن تتحمل تكلفة أن تكون مبهرجة، فليس هناك فائدة في أن تكون طائر بارع في الطيران في بيئة نباتية كثيفة حيث لا تحتاج تلك الطيور إلا الرفرفة بجناحيها قليلاً للانتقال من غصن لأخر للخروج من أي مأزق تواجهه.
لقد عاش هذا الطائر في فترة بداية ظهور النباتات المزهرة، فلربما لم تكن الغابات حينها في مثل كثافة تلك الموجودة اليوم ومع ذلك فالحفرية تسلط الضوء علي كيفية استجابة تلك الطيور القديمة لنفس الضغوط البيئية وضغوط التكاثر التي تواجهها أقاربها في العصر الحاضر.
وتقوم السيدة أوكونور وفريقها بفحص جمجمة هذا الطائر وخاصة المنقار، حيث يأملون في كيفية فهم تطور الطيور الحديثة لتصبح قادرة علي تحريك المنقار العلوي بالنسبة ألي العظام الحاوية للمخ. والتي تعرف باسم الحركة القحفية والتي تسمح لها بتناول أنواع مختلفة من الطعام.
فتقول" أن هناك الكثير من الأشياء الفريدة والتي حدثت لجماجم الطيور أثناء تطورها والتي تسوف تسمح تلك الحفرية بإلقاء الضوء عليها، تلك أوقات مثيرة للحماسة"