هيا نعيد الضوء إلى لبنان
زرت لبنان بعد غياب دام نحو تسع سنوات، لكن وأسفاه لم أجد لبنان الذي أعرفه وأحبه، لبنان الجمال والنشاط والحيوية، لبنان المشرق مثل شمس الربيع إذ تبدد ما تبقى من ظلام الليل، لبنان عروس الشرق وزينته، لؤلؤة البحر المتوسط ودرته، محط أنظار العالم، عشق الأقرباء والغرباء.
للأسف أظلم لبنان، أطفئت أنواره، فما أن تغيب الشمس وتسحب نورها وترحل خلف الأفق، يرحل معها ضوء لبنان، تنام شوارعه، يصمت صوته، تسكت ألحانه، يئن ألما تحت عباءة الظلام، بسبب انقطاع الكهرباء.
وأسال نفسي، أهذا لبنان الذي تغنى به الشعراء، ورتل الفنانون أغانيهم في جماله.. يعتصرني ألم شديد على ما جرى في هذا البلد الطيب وشعبه المحب للحياة، من تردي اقتصادي واجتماعي وثقافي وفني، فكل شيء في لبنان بات يعتريه الخلل.
للأسف لم تكن الكهرباء أول المآسي التي رأيتها في هذه البلد الحبيب، فقد بدأت المعاناة منذ أن حطت الطائرة في مطار رفيق الحريري ببيروت، حيث مضينا نحو ثلاث ساعات كاملة لختم جوازات السفر والخروج من المطار، بسبب قلة الموظفين الذين يقومون بإنهاء مثل هذه الإجراءات، وكما استقبلنا لبنان بهذه المعاناة، ودعنا بها أيضا، فقد بقينا ثلاث ساعات أخرى في المطار كي نمر إلى المغادرة.
مكثت في لبنان ستة أيام، قمت خلالها بتوقيع برتوكول بين "خليجيون" و"الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان" برئاسة الأخ والصديق العزيز مارون الخولي، كما زرت جمعية "نادي جاد الرياضي" التي يرأسها الصديق جوزف حواط، وهي جمعية لها جهد مشكور في التصدي للمخدرات والتدخين وكل ما هو مضر بصحة الإنسان، ويتضمن برنامج الرياضة ضد المخدرات معرضا متنقلا ومطبوعات خاصة لشرح أهمية الرياضة في مواجهة الادمان والعابا تثقيفية، وقد تشرفت بتعييني من قبل الهيئة الإدارية الرئيس الفخري للنادي، وهذا شيء أعتز به وأشكر أصحابه كل الشكر على هذه الثقة الغالية.
عقب ذلك قمنا بجولة في متحف التدريب، ثم عرض المهندس جوفاني حواط شريط تعريفي عن ابرز الأنشطة الثقافية والخاصة بجمعية جاد ونادي جاد الرياضي، وتم الاتفاق بينا على أن يقوم المتحف بزيارة للكويت، للتوعية بخطورة المخدرات وما تسببه من أضرار فادحة على صحة شبابنا واستقرار وأمن مجتمعاتنا.
ولا أنسى بالطبع مقابلتي وتشرفي بلقاء معالي السفير عبد العال الجناعي سفير دوله الكويت في الجمهورية اللبنانية، الدبلوماسي المخضرم صاحب الرؤية والفكر والثقافة، المحب لوطنه والعاشق لعمله، الذي خدم الكويت في كل مكان عمل به، وقد ساهم طيلة 15 عاما قضاها سفيرا للكويت في بيروت، في توطيد العلاقات بين البلدين، وبذل كل جهده في دعم اشقائه في لبنان، فله مني كل تحية وشكر على خدمته لوطنه وحسن مقابلته لي ولكل الكويتيين الذين يزورون لبنان.
كما شهدت الزيارة أيضا اجتماعا مع مجموعة من الهيئة الإدارية للتحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة في الصناعات الاستخراجية، برئاسة الأخ مارون الخولي، وقد تم تعيني نائبا لرئيس مجلس الأمناء، كما عقدنا اجتماعا للهيئة التأسيسية لجمعية "خليجيون في حب لبنان".
ولأننا أصحاب تجربة ناجحة في الدبلوماسية الشعبية التي مارسناها بمصر، وآتت ثمارها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية، عبر "جمعية خليجيون في حب مصر"، فإننا نتمنى ونطمح في أن ننجح في لبنان أيضا.
ومن هنا نعلن عن باكورة أعمال "خليجيون في حب لبنان"، وهو الدعوة لمشروع خيري إنساني، يتمحور حول "إنشاء صندوق لدعم الكهرباء في لبنان"، تحت شعار "هيا نعيد الضوء إلى لبنان"، وأعرف جيدا أن الشعوب في دول الخليج لن تتواني عن دعم اشقائهم في لبنان.
ومن هذه النافذة أتوجه بالمناشدة إلى أصحاب الفخامة والجلالة والسمو قادتنا في دول مجلس التعاون الخليجي:
- حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.
- جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية.
- جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.
- صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
- جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين.
- صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
أناشد قادة الخليج بدعم هذا الصندوق الخيري ودعم لبنان حتى يتعافى ويخرج من كبوته.
كما أناشد رجال الأعمال في دول الخليج بدعم صندوق دعم الكهرباء في لبنان، وأناشد أيضا المجتمع المدني والمؤسسات الشعبية في دول الخليج بالوقوف مع الشعب اللبناني بكل قوة، وأبسط ما يمكن فعله في العاجل، هو دعم السياحة في لبنان حتى تجرى الدماء مرة أخرى في عروق الاقتصاد اللبناني، فلا يخفى على أحد أن لبنان بلد سياحي، كانت تأتيه الأفواج السياحية من كل مكان، والسياحة لاشك قاطرة اقتصادية ذات فعالية كبرى في تحريك الاقتصاد.
كما ندعو رجال الأعمال اللبنانيين في الداخل والخارج، والمغتربين اللبنانيين في الخارج إلى مد يد العون لإخوانهم بالداخل، وأقول لهم: تعالوا نتكاتف جميعا لإنقاذ هذا البلد الجميل، فكفى ما لاقاه من ألم.
ومن جانبنا أخذنا هذه الخطوة بتدشين صندوق دعم كهرباء لبنان وسوف نسعى لتحقيق المرجو منها بالتنسيق اتحاد عمال نقابات لبنان، وبإذن الله نستطيع طالما خلصت النوايا، وبذلنا كل في مكانه الجهد المطلوب.
ولا يسعني في النهاية سوى التقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان لكل من استقبلنا واحتفى بنا، في لبنان الحبيب.. ولن أقول وداعا.. ولكن إلى لقاء.