استثمارات رأس المال المخاطر تشهد حالة تباطؤ عالميا خلال 2022
أظهر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن استثمارات رأس المال المخاطر تشهد عالميا حالة من التباطؤ خلال عام 2022، عقب الطفرة الكبيرة التى حققتها عام 2021، جاء ذلك خلال التحليل الذى أصدره مركز المعلومات حول رأس المال المخاطر على المستوى العالمى وتأثره بركود اقتصادى عالمى محتمل.
وأوضح أن المستثمرون ابتعدوا عن تمويل الشركات الناشئة بسبب ظروف الاقتصاد الكلى غير المؤكدة، واضطراب سوق الأوراق المالية، ويعد رأس المال المخاطر شكلا من أشكال تمويل الشركات الناشئة ذات فرص النمو الكبيرة لبدء نشاطها التجارى، ويختلف اختلافا جوهريا عن القروض البنكية، حيث تقوم فكرة رأس المال المخاطر على المشاركة فى الأرباح والخسائر، أى أن عوائد المستثمرين المخاطرين تعتمد كلية على نمو الشركة، وقدرتها على تحقيق أرباح أو خسائر، وهو ما يلائم طبيعة الشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما فى حالة القروض البنكية، فإن من حق الدائن المطالبة بماله بغض النظر عن نمو الشركة أو مركزها المالى.
وأفاد تحليل المركز بأن هناك طفرة فى استثمارات رأس المال المخاطر عام 2021، حيث بلغ حجم الأموال التى جرى ضخها فى الشركات التكنولوجية الناشئة على مستوى العالم نحو 620.8 مليار دولار أمريكى عام 2021، مقارنة بنحو 171.4 مليار دولار أمريكى عام 2015، وفى الولايات المتحدة الأمريكية بلغ حجم الأموال التى تم ضخها فى الشركات التكنولوجية الأمريكية الناشئة العام الماضى نحو 330 مليار دولار أمريكى، أى ضعف ما تم ضخه فى عام 2020، وهو فى حد ذاته ضعف المستوى الذى كان عليه قبل ثلاثة أعوام.
وأورد أن صحيفة "فايننشال تايمز" تناولت تأثير تراجع استثمارات رأس المال المخاطر فى النصف الأول من عام 2022، مشيرة إلى أن سوق رأس المال المخاطر يواجه حالة من الانهيار الصامت، الأمر الذى سيكون له تأثير عميق فى الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا.
كما أشارت وكالة "رويترز" إلى انخفاض استثمارات رأس المال المخاطر فى الولايات المتحدة الأمريكية فى النصف الأول من عام 2022 إلى نحو 144.2 مليار دولار أمريكى، ويرجع ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، مقارنة بنحو 158.2 مليار دولار أمريكى خلال الفترة نفسها من عام 2021.
وعلى الصعيد ذاته، أشارت وكالة "بلومبرج" إلى أن أصحاب رأس المال المخاطر يشهدون أسوأ أداء لهم منذ ما يقرب من عقد من الزمان، حيث دفعت حالة عدم اليقين الاقتصادى والعوائد الهشة المستثمرين إلى التراجع بعد طفرة تمويل الشركات الناشئة فى عام 2021، فقد انخفض إجمالى التمويل العالمى للشركات الناشئة بنسبة 23% فى الربع الثانى مقارنة بالربع الأول من عام 2022، حيث وصل إلى 108.5 مليارات دولار أمريكى.
وأشار المركز إلى تظاهر الكثير من المستثمرين ورواد الأعمال -الذين حققوا ازدهارا تاريخيا فى استثمارات رأس المال المخاطر- بعدم وجود انهيار على الإطلاق، إلا أن هناك دلائل على حدوث هذا الانهيار، منها ما حدث لشركة "كلارنا السويدية" التى تقدم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا، والتى أرسلت موجات من الصدمة عبر السوق لشركات التكنولوجيا المالية الخاصة فى شهر يوليو الماضى، حيث جمعت نحو 5.9 مليارات دولار أمريكى، وهو أقل بنسبة 87% من رأس المال المخاطر الذى اعتقد داعموها أنها تستحقه قبل عام.
وذكر التحليل أن حجم صناديق الاستثمار المخاطر قد ارتفع، وذلك نظرا لقيام المستثمرين المخاطرين بنشر رهاناتهم على نطاق واسع عبر قطاعات بأكملها بدلا من تحديد عدد من القطاعات التقليدية التى حظيت بالنصيب الأكبر من أرباح استثمارات رأس المال المخاطر، ومن بين هؤلاء المستثمرين الجدد صندوق "Softbank’s Vision fund" الذى استثمر 100 مليار دولار أمريكى فى هذه السوق، وصندوق "Tiger Global" الذى بلغت حصته أكبر من حصة أى مستثمر آخر فى شركات ناشئة بقيمة مليار دولار أمريكى، وقد سجل الصندوقان خسارة لعام واحد قدرها 27 مليار دولار أمريكى، و17 مليار دولار أمريكى على الترتيب فى شهر مايو 2022.
كما جرت الإشارة إلى نمو المشروعات عالية المخاطر بوتيرة سريعة، حيث دفعت وفرة رأس المال المخاطر إلى نمو سريع فى المشروعات عالية المخاطر فى مجالات التقنيات، مثل: الحوسبة الكمومية، والسيارات ذاتية القيادة، ومشروعات «إطلاق القمر»، والتى عادة ما تستغرق من سبع إلى ثمانى سنوات، كما تضاعف حجم استثمارات رأس المال المخاطر للشركات الناشئة فى مجال الفضاء التجارى عام 2021، لتسجل أكثر من 15 مليار دولار أمريكى، وفى منتصف العقد الماضى، بلغت الاستثمارات السنوية حوالى 3 مليارات دولار فى السنة، وفقا لشركة "BryceTech".
وتكمن أهمية عامل "الوقت" بالنسبة لاستثمارات رأس المال المخاطر، فصندوق الاستثمار المخاطر الذى تم جمعه فى عام 1996، والذى تزامن مع انتشار الإنترنت، بلغ عائده السنوى نحو 41%، وفقا لـ "Greenwich Associates"، التى تتعقب أداء الصناديق، أما الصندوق الذى تم جمعه فى عام 1999، قد عانى من خسارة بنسبة 3% فى العام، ومن المتوقع فى حال تكرار خسارة صناديق رأس المال المخاطر، أن يدفع كبار المستثمرين المخاطرين للبحث عن أدوات أخرى للاستثمار، الأمر الذى يعنى استمرار المنافسة على الاستثمارات على نطاق واسع.
ولفت التحليل إلى وجود حاجة ماسة لإعادة ضبط توقعات نمو رأس المال المخاطر، وذلك مع استمرار اضطراب الاقتصاد العالمى نتيجة لجائحة "كوفيد- 19" والأزمة الروسية الأوكرانية، فقد تتمكن فقط الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا التى لديها أعمال مستقرة وغير معرضة مباشرة لمخاطر الاقتصاد الهش، من الاستمرار فى الحصول على التمويل من رأس المال المخاطر، فقد جمعت شركة الفضاء "SpaceX" نحو 125 مليار دولار أمريكى فى يونيو 2022، مقابل نحو 74 مليار دولار أمريكى فى أبريل عام 2021.
وأورد المركز فى نهاية التحليل، أن هناك وجهة نظر تفاؤلية للكثير من المستثمرين المخاطرين، مفادها أن إعادة ضبط توقعات نمو استثمار رأس المال المخاطر قد تجلب فرصة لدعم الشركات الناشئة الأكثر انضباطا من الناحية المالية، ومواجهة منافسة أقل من الشركات الناشئة المنافسة الممولة من قبل المستثمرين الأثرياء مثل SoftBank""، ولكن ما زال من غير الواضح كم ستستغرق عملية إعادة ضبط التوقعات، أو عدد المستثمرين والشركات الناشئة حاليا الذين سيظلون صامدين
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | تويتر | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك