رئيس الوزراء المصري: التزام الحكومة بالحياد التنافسي وفق الممارسات الدولية أبرز رسائل المؤتمر الاقتصادي
أكد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم /الثلاثاء/، أن الحكومة المصرية نظمت فعاليات (المؤتمر الاقتصادي - مصر 2022) استجابة لتكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمناقشة أوضاع الاقتصاد المصري ومستقبله بمشاركة واسعة من نخبة من كبار الاقتصاديين والمفكرين والخبراء المتخصصين ورؤساء الأحزاب.
وقال مدبولي -في كلمته خلال الجلسة الختامية للمؤتمر الاقتصادي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي- إن المؤتمر حظي بحضور واسع النطاق ومشاركة فعالة من قبل كافة الفئات الممثلة في المؤتمر، حيث تجاوز عدد المشاركين 1200 مشارك، كما شهد المؤتمر من خلال الموقع الإلكتروني والمنصات الإلكترونية، نسب تفاعل ومشاركة كبيرة، حيث تجاوزت نسبة المشاهدة 250 ألف مشاهدة في يومين، فضلًا عما ذكر في الفيلم التوثيقي، فقد وصلنا ما يعادل 600 مقترح أغلبهم من الشباب المصري، وكان هناك تفاعل شديد منهم، وعرضوا مقترحات كثيرة، وبالفعل تم التوجيه بتشكيل لجنة فنية بالتنسيق مع الوزارات المختلفة، لدراسة تلك المقترحات، وسنصيغ منها خططًا تنفيذية للاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة.
وأضاف:"كما تم خلال المؤتمر مناقشة كل التحديات الراهنة التي تواجه القطاع الخاص في مصر، بهدف الوصول إلى خارطة طريق توافقية للاقتصاد المصري في الفترة المقبلة".
وقال رئيس الوزراء إن المؤتمر خرج بعدد من الرسائل الرئيسية وفق مسارات المؤتمر وجلساته، من أبرزها تأكيد حرص الحكومة على نهج الشراكة الفعال مع القطاع الخاص، وهو ما عكسته بالفعل مداخلات مجتمع الأعمال في سياق الجلسة الخاصة بوثيقة سياسة الملكية، والتي أشارت إلى أن هذا النهج من قبل الحكومة قد رفع سقف التوقعات بالنسبة للقطاع الخاص، مؤكدًا أن الحكومة ملتزمة بهذا النهج في كل ما سيتم تبنيه ويخص مجتمع الأعمال في المرحلة القادمة.
وأضاف رئيس الوزراء أن من أبرز رسائل المؤتمر اهتمام الحكومة بخفض كلفة أداء الأعمال على القطاع الخاص من خلال العديد من الآليات وتوفير كافة سبل الدعم للقطاع الخاص، فعلى سبيل المثال، تم التأكيد خلال جلسات المؤتمر على أن مجلس الوزراء قد أصدر قرارًا يُلزم الجهات الحكومية بعدم فرض أي رسوم جديدة إلا بعد الرجوع لمجلس الوزراء، وخلال جلسات المؤتمر تم دعوة المصنعين ورجال الأعمال للتواصل مباشرة مع مجلس الوزراء حال فرض أي رسوم جديدة لم تكن مفروضة من قبل أي جهة حكومية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن رسائل المؤتمر تتضمن التزام الحكومة بالحياد التنافسي وفق أفضل الممارسات الدولية وهو ما ترجمته التعديلات التي تم تبنيها مؤخرًا في الأطر التشريعية والمؤسسية والتنظيمية لتعزيز دور جهاز حماية المنافسة ومن بينها صدور قرار تأسيس اللجنة العليا للحياد التنافسي برئاسة رئيس الوزراء، وقرار إلزام الجهات الحكومية بعدم تبني أي قرارات تؤثر على الحياد التنافسي والرجوع إلى جهاز حماية المنافسة في هذا الصدد قبل إصدار أي قرارات بهذا الشأن، وذلك إلى جانب التزام شركات الدولة بالمبادئ التي تضمن الحياد التنافسي الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وأضاف مدبولي أن رسائل المؤتمر شملت التأكيد على أن الحكومة تستهدف تعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة من خلال شراكات ناجحة مع القطاع الخاص في عدد كبيرة من المجالات الأولوية من خلال آليات متعددة للشراكة سواء فيما يتعلق بالمشاركة في الملكية أو الإدارة أو التشغيل.. وبالتالي فكرة تخارج الدولة ليس معناها البيع.. إن البيع هو فقط آلية من آليات كثيرة جدا وتم التوافق على أن الدولة إذا كانت ستلجأ لهذا الموضوع فسوف يكون من خلال طرح الشركات المملوكة للدولة في البورصة لتوسيع قاعدة الملكية من قبل المواطنين.
ونوه مدبولي إلى حرص الدولة على تيسير فرص نفاذ القطاع الخاص للتمويل المحلي والدولي من خلال مواصلة سياسيات الانضباط المالي والاستدامة المالية لتقليل أثر مزاحمة الائتمان الممنوح للقطاع العام للائتمان الممنوح للقطاع الخاص، علاوة على دعم الحكومة لتعزيز فرص نفاذ القطاع الخاص المصري للتمويل من قبل المؤسسات الدولية بشروط ميسرة وآجال ممتدة لتمويل مشروعات يأتي على رأسها المشروعات ذات العائد التنموي.
وقال رئيس الوزراء إن رسائل المؤتمر تتضمن التزام السياسة المالية بتحقيق الانضباط المالي واستعادة مسارات انخفاض الدين العام، والتنسيق الكامل ما بين السياسة المالية والنقدية وفق أطر تضمن استقلالية السياسة النقدية وتوجه وزارة المالية إلى التحفيز المدروس للقطاع الخاص وفق تبني منظومة من الحوافز الاستثمارية التي تستند إلى الكفاءة والتنافسية.
وأضاف رئيس الوزراء أن السياسة النقدية حريصة على تحقيق الاستقرار السعري وفق سياسة استهداف التضخم رغم الضغوط التضخمية الحالية، قد نتجت بالأساس عن الصعوبات العديدة التي تفرضها البيئة الاقتصادية الدولية والتي ارتفعت على إثرها معدلات التضخم في عدد من الدول إلى ما يفوق 100%، وتوجه البنك المركزي المصري قريبًا إلى الإعلان عن المستهدف المستقبلي لمعدل التضخم علاوة على تطوير مؤشر لرصد التطور في قيمة الجنيه المصري مقابل سلة من العملات والأصول بما يعكس قيمته الحقيقية وليس فقط مقابل عملة واحدة إنما مقابل عدد من العملات الأخرى لهذا الشأن.
وأكد مدبولي أهمية مواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي لرفع وتيرة النمو وزيادة مستويات شموليتها واستدامتها والمدفوعة بالأساس بنمو مستمر في الاستثمارات المنُفذة سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، لزيادة مساهمة القطاع الخاص في توليد الناتج وفرص العمل والصادرات.
ونوه إلى أن الحكومة المصرية كلها أمل في أن جلسات هذا المؤتمر سوف تسفر عن عدد من المخرجات خلال الفترة المقبلة، والتي يأتي على رأسها تعزيز متنامي ومستدام لمسارات الاستثمارات الخاصة المُنفذة، ودفع مسارات النمو الاقتصادي المُحفزة بالأساس بنمو القطاع الخاص، فضلا عن خلق المزيد من فرص العمل المنتج، لكافة شرائح وفئات المصريين من خلال شركات واعدة للقطاع الخاص وأيضا شراكات ما بين الدولة والقطاع الخاص في هذا الشأن، وأخيرا وليس أخرا زيادة مستويات مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات الاقتصادية.
وقال رئيس الوزراء إن الحكومة ستعمل خلال الأجل القصير على تنفيذ الإجراءات التالية:
أولًا: تبني آلية تواصل مستمرة ما بين الحكومة وكافة الفئات الأخرى للتعرف على أهم العقبات التي تواجه القطاعات المختلفة للاقتصاد المصري ووضع حلول عاجله لها بطريقة غير تقليدية.
ثانيًا: في ضوء ما طلبه كل المشاركين سيتم اقتراح عقد مؤتمر سنوي اقتصادي وفي نفس الوقت الترويج للاستثمار في مصر يتم من خلاله دعوة الشركات العالمية وعرض فرص الاستثمار المختلفة لهذه الشركات، وأن يكون المؤتمر فرصة لنا جميعًا لمراجعة وتقييم ما تم الاتفاق عليه من خارطة طريق وعرضها أمام الرأي العام والمتخصصين، ونستهدف أن يكون أول مؤتمر في هذا الشأن في النصف الأول من عام 2023.
ثالثًا: تدقيق الصياغة النهائية لوثيقة سياسة ملكية الدولة والحياد التنافسي وعرضها على مجلس الوزراء في خلال الأسابيع القليلة القادمة تمهيدًا لاعتماد الرئيس عبد الفتاح السيسي لها.
رابعًا: تبني حزمة من الحوافز الاستثمارية التي تم اعتمادها خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير وعلى رأسها تحديد عدد من الصناعات والأنشطة الاستراتيجية للدولة المصرية والتي ستتمتع بعدد من الحوافز وعلى رأسها رد جزء كبير من ضريبة الدخل وتصل قيمة الرد إلى حوالي 55% من ضريبة الدخل على ألا تتجاوز المدة لرد هذه الضريبة أو الجزء من الضريبة 45 يومًا من تقديم الإقرار الضريبي، وهذا معناه أننا كدولة سنكون ملتزمين في أقل من شهر ونصف برد لغاية 55% من ضريبة الدخل لعدد من المشروعات التي نرى أن لها أهمية استراتيجية عبر قرارات من مجلس الوزراء.
خامسًا: في ضوء تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بإعداد حزمة للحماية الاجتماعية في ضوء ظاهرة التضخم وعملية التضخم العالمية الكبرى، فإن مجلس الوزراء خلال الفترة القليلة القادمة سيعمل على وضع هذه الحزمة والإعلان عنها والبدء في تطبيقها من الشهر القادم.
سادسًا: إلغاء العمل بنظام الاعتمادات المستندية خلال أقل من شهرين بالتوافق مع البنك المركزي بحيث يتم رفع القيود التي اشتكى منها كل رجال الصناعة في هذا الشأن.
سابعًا: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية خلال مدة لا تتجاوز 3 أشهر بحيث تضع خارطة طريق للصناعة المصرية للعشر سنوات القادمة.
وأعرب رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في ختام كلمته عن أمله في أن ينجح المؤتمر الاقتصادي في إعطاء رسالة طمأنينة للمواطن المصري بأنه رغم كل التحديات غير المسبوقة فإننا قادرون على المُضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذ المشروعات التنموية والخدمية في طريقنا لبناء جمهورية جديدة يتمتع فيها المواطن المصري بجودة الحياة التي ننشدها جميعًا.
وقال مدبولي موجهة رسالته للخارج: "مصر ترحب بالاستثمارات في مختلف القطاعات بما لديها من بنية تحتية متطورة وهو ما يترجمه حرص الحكومة على تبني سياسيات اقتصادية منضبطة وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص بما يضمن النجاح للاقتصاد المصري في اجتياز الرحلة الوعرة التي يمر بها العالم في هذه الفترة"