علاج جيني جديد يعيد النظر لكفيف منذ 40 عاماً
أستطاع بعض العلماء وللمرة الأولي في أستعادة حاسة البصر بشكل جزئي لرجل يعاني من العمي لأربعين سنة وذلك بإستخدام بروتين مستخرج من الطحالب، فيما يمثل علامة فارقة في علاج العمي الجيني.
وذلك في دراسة جديدة نشرت في مجلة الطبيعة في شهر مايو 2021وتم علاج العمي الوراثي للرجل الذي فضل عدم الإفصاح عن شخصيته بإستخدام بروتين مستخرج من الطحالب للتحكم في خلايا البصر داخل العين.
فمنذ أربعين عام تم تشخيص حالة الرجل الذي يقطن في فرنسا بإلتهاب الشبكية الصباغي "retinitis pigmentosa" وهي حالة جينية نادرة تسبب تكسر الخلايا المستقبلة للضوء في شبكية العين، وهي حالة تصيب شخص من كل 4000 شخص علي مستوي العالم وذلك طبقا للمعهد الأمريكي الوطني للعين..
الرجل ذو الثمانية والخمسين عاماً كان أعمي كلياً في العشرين سنة الماضية وذلك بعد تتدهور حالة خلاياه المستقبلة للضوء في الشبكية والتي لم تعد قادرة علي أرسال أي إشارات للمخ. ولكن في خلال سنة من إنضمامه لتلك التجربة السريرة الرائدة إستعاد بصره بشكل جزئي.
علم البصريات الوراثي والذي يستخدمه علماء الأعصاب بشكل عام يتضمن معالجة الخلايا لتصبح حساسة للضوء، ولكن في تلك الحالة إستخدم العلماء هذا العلم لإستعادة حاسة البصر جزئياً لهذا الرجل وجعل أحدي عينيه قادرة علي إستكشاف الضور مرة أخري.
تعتمد التقنية المستخدمة علي بروتينات الطحالب والتي تستجيب لمصادر الضوء بالحركة.
وفي تلك التجربة العلاجية أخذ العلماء هذه الجينات وحقنوها في الخلايا العاملة المتبقية في الشبكية لجعلها تنتج البروتين الحساس للضوء والمسمي كريمسون أر" chrimsonR".
وما أن تتكون هذه البروتينات فإنها تستجيب للضوء وترسل اشارات الصورة للمخ.
وبروتينات كريمسون أر" chrimsonR" هي حساسة للضوء الأصفر الكهرماني بشكل خاص، لذلك قام الباحثين بتطوير نظارات مخصوصة لإلتقاط وعرض الصور عند الطول الموجي للون الأصفر الكهرماني.
وخلال فترة الحظر بسبب جائحة فيروس كورونا كان الرجل يرتدي تلك النظارات في المنزل وخلال تنقلاته وبعد فترة سبعة أشهر من أستخدامه لتلك النظارات صدم عند إكتشافه انه يمكنه رؤية خطوط ممر عبور المشاه في الشارع. وبعد ذلك تمكن العلماء من أختباره في المعمل في فترة أنحسار الجائحة في فترة الصيف.
وأثناء أرتداء تلك النظارات، كان المريض قادر علي إدراك وتحديد عدد ولمس بعض الأشياء الصغيرة متضمنة دفتر ملاحظات وصندوق دبابيس و كأس زجاجي صغير موضوعة أمامه علي طاولة بيضاء. وفي حين كان قادر علي التعرف علي دفتر الملاحظات في 92% من المرات، فأنه كان قادر علي لمس الأشياء الصغيرة كعلبة الدبابيس 36% فقط من المرات.
وبإستخدام قراءات تخطيط كهرباء المخ EEG وجد فريق العلماء أن النشاط في القشرة البصرية في الدماغ قد تغير بناءاً علي إذا ما كان هناك جسم أمامه علي الطاولة أم لا - مما يؤكد أرتباط هذا النشاط بشبكيته وقدرته علي الرؤية ووصفت تلك النتائج بأنها رائعة للغاية.
بدون تلك النظارات فإن المريض لا يزال لا يمكنه الرؤية.
ويقول قائد فريق الباحثين البروفيسير خوسيه آلان " الأعتياد علي تلك النظارات يستغرق بعض الوقت، ففي بداية التجربة لم يجد المريض النظارات ذو فائدة، ولكن بعد بضعة أشهر بدأ في رؤية الخطوط البيضاء في ممر عبور المشاة وبعد عدة جلسات تدريبية تمكن من التعرف علي أشياء أخري متعددة كبيرة و صغيرة."
يقول الباحثين أنه هذه أول مرة يتم إستخدام العلاج البصري الجيني بشكل ناجح علي بني البشر. وذلك بعد مايزيد عن عقد كامل من الأبحاث، والأبحاث السريرة المتستمرة حالياً سوف تختبر وتؤكد مدي سلامة هذا العلاج الوراثي علي المرضي الأخرين.
ويقول البروفيسير خوسيه آلان " من المحتمل أن يكون المكفوفون الذين يعانون من أنواع مختلفة من الأمراض التنكسية العصبية للمستقبلات الضوئية ولديهم عصب بصري سليم مؤهلين للعلاج، لكن الأمر سيستغرق وقتًا قبل أن يكون من الممكن تقديم هذا العلاج"
وفي حين ان هذا العلاج لا يجعل المريض قريباً حتي من الرؤية الكاملة، إلا أنه يعتبر نقطة إنطلاقة واعدة جداً للباحثين.
ويقول الباحثين " أن النتائج تقدم دليلاً ملموسا علي أن إستخدام العلاج البصري الوراثي لإستعادة الرؤية جزئياً هو أمر ممكن"
فالهدف من البحث هو إيجاد علاج لأمراض المستقبلات الضوئية الجينية أو الموروثة وهي من أحد الأسباب المسببة للعمي عند بني البشر. ويأمل العلماء في أختبار المزيد من المرضي في عدة مدن أوروبية بمجرد رفع القيود الناتجة عن الجائحة الحالية وإكمال تجاربهم بحلول نهاية عام 2025.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك