إتزان.. يفتح قضية القتل الرحيم لأول مرة فى الدراما

فى حواركاشف بين الأبنة والأم قالت الثانية للأولى: أنا عارفة إنك زعلانة منى عشان كنت بدافع عن أبوكى لما يضربك أو يزعلك وهو قهرنى فيكى مرتين الأولى لما جاب بنت أخوه تعيش معانا وفضلها عليكى والثانية لما رفض ارتباطك بباسل وترد الأبنة: عشان كده قتلته!

ولكن الأم فريدة - صفاءالطوخى - تطمئن رحمة - ركين سعد -: أنتى مقتلتيش أبوكىة، كدا كدا هو كان ميت المسألة كانت أيام فقط، أنا اللى قتلته، كنت بقلل جرعات الدواء شوية بشوية بعد متأكدت أن الدواء مش جايب نتيجة، رغم اللى عمله مقدرتش أشوفه والمرض بيكسره، قتلته شفقة مش أنتقام، كان بيتعذب وأنا ريحته!؟

ربما هى المرة الأولى فى الدراما المصرية والعربية التى تتناول قضية القتل الرحيم، وهى بأختصار أن يعجل صاحب المرض العضال الذى يصل لمرحلة اليأس من الشفاء بقتل نفسه بأى وسيلة والمسمى الحقيقى هنا هو أنتحار، أو يقوم بهذا الفعل أحد القريبيين منه بتوصية منه او بدون علمه - كما حدث فى المسلسل - ويعتبر فى هذه الحالة قتل.

المسلسل هو " إتزان " الذى عرض فى أكتوبر الماضى على منصة " وتش إت "

وقناتى أون وأون دراما، بنظام المنتج المنفذ وهى شركة ريبلاى برودكشن لصاحبها كريم آدم، وكتب المسلسل فى 12 حلقة سيد عمر وتسبيح ماهر والمسلسل هو ثانى عمل لهما، فقد اشتركا معا العام قبل الماضى 2021 فى كتابة مسلسل " كله بالحب " واشرف على كتابة سيناريو " إتزان " السيناريست محمد ناير والإخراج لشادى عبد السلام وهو المسلسل أيضا ثان عمل له فى الدراما، فقد قدم العام الماضى 2021 الحكاية السابعة " فوتو شوب " ضمن حكايات مسلسل " زى القمر ".

تبدأ الأحداث فى المسلسل بموت سالم الوردانى رجل الأعمال والأسرة مجتمعة فى وجود المحامى لفتح الوصية وتوزيع التركة، والغريب أن النصيب الأكبر فيها - 40% - كتبه لأبنته الوحيدة رحمة و20% لزوجته فريدة، و30% لأبناء شقيقه، نادية - هاجر السراج -، وخالد - مروان يونس - ثم 10% لشريكه محمود ويمثله فى مجلس الأدارة عمر - نبيل عيسى - وهو زوج رحمة.

مرض رحمة وأزمة الكتابة

يعتمد السرد على الحدث الحالى فى مجمله ثم يعود بالحدث من خلال الفلاش باك للتأصيل أو التفسير، فنعرف مثلا أن رحمة تعالج لدى طبيب نفسى بسبب اضهاد أبيها ومعاملته القاسية معها، لكن المسلسل لا يوضح لنا هذا سوى فى مشهد أو اثنين من ضمنها المشهد الذى أعقبه قيامها بأشعال النار فى السرير الذى كانت تنام عليه أبنة عمها نادية، لكن المسلسل لم يعطى تفسيرا للمشاهدين عن سبب اضطهاد ابيها لها، او سبب تفضيله لأبنة شقيقه على ابنته!؟ حتى يكون هناك مبرر لأتخاذها قرار حرقها، ويأتى فى سياق حوار بين أبيها - قام بالدور تميم عبده - وأمها وهى تعاتبه لقيامه بالأستيلاء على حقوق أخيه أو امواله أوحصته فى الشركة، دون توضيح كيف حدث ذلك؟

ولم يوضح لنا المسلسل التاريخ المرضى لرحمة والطبيعى أن يكون ذلك حدث مبكرا، وفى مشاهد الفلاش باك نرى جزء من فرح رحمة وعمر وتبدو فيه وهى ترقص مع عمر فى غاية السعادة والسرور، وهذا يخالف تماما الوقائع الأخرى ومنها أن أبيها رفض باسل - صدقى صخر - عندما تقدم لها، وأنه حبيبها الوحيد

وأن هذا الرفض كان من أسباب مرضها وخلق لها الدافع لقتله ( قامت بفصل المحاليل والأكسجين عنه ) وليس هناك مشهد واحد يوضح أنها كانت فى حالة وفاق مع زوجها عمر!

النهاية السعيدة

ثم يختم المسلسل أحداثه بمشهد تبدو فيه رحمة وهى سعيدة ومبتسمة على غير العادة وصوت يقول: لو الحياة اديتك فرصة تانية مضيعاش ثم تنادى على ابنها آسر.

هل يستقيم هذا التصالح النفسى معها وهى تعلم أنها هى وأمها أشتركا معا فى قتل أبيها أيا كان المسمى قتل رحيم، قتل شفقة، ولكنه قتل أقرب الناس لها مهما فعل؟

عموما المسلسل طرح القضية وتركها لنا مفتوحة للنقاش ولم يصدر احكاما، ولم يحسم أمرا، وعلى المستوى العالمى هى ايضا لم تحسم فهناك بعض الدول أقرت هذا وقننته، وهى قضية جدلية أجد أنها من الصعوبة بمكان أن يصدر فيها حكما قاطع.

أرى أن المسلسل بداية جيدة لثلاثة من الشباب تسبيح ماهر وسيد عمر والمخرج شادى عبد السلام، وقدم محمد مدحت فى الموسيقى التصويرية جهد واضح، والديكور غدير وجدى، والصوت احمد جمال، والمونتاج كمال الملاخ، والتصوير على عادل.

صدقى صخر وأول بطولة جماعية ومعه ركين سعد ونبيل عيسى أكثر تركيزا وتواجد يستحقونه، ومعهم مروان يونس وزينب غريب وهاجر السراج وثراء جبيل، وفى صحبة القديرة صفاء الطوخى.