"بالطو" بعد حصوله على العلامة الكاملة شهادة ميلاد ثلاثة نجوم
بدأ مسلسل " بالطو " بمشهد عبثى وهو عبارة عن حلم تبدأ وقائعه بوصول مصاب بطلقات نارية للمستشفى ويدخل فورا غرفة العمليات، ولكن الفريق الطبى يتعثر فى استخراج الرصاص من بطن المريض، فيتم استدعاء الدكتور عاطف - عصام عمر - فورا، ويدخل مزهوا بنفسه يمشى كاالطاووس يدفع بيده الطبيب الذى فشل فى إجراء العملية وعندما تناوله مساعدة التمريض إحدى أدوات الجراحة فيحركه حول أصبعه بحركات دائرية وكأنه حاوى، ويستمر العرض وينجح فى استخراج الرصاص وخياطة الجرح ويصفق له كل الذين داخل غرفة العمليات بما فيهم المريض!
ولكن عاطف يتحسس جيوبه بحثا عن الموبايل فلا يجده ويكتشف إنه بداخل بطن المريض، وتجرى محاكمته ويصدر عليه حكم بالإعدام ويتم تنفيذه.. ويقوم عاطف مفزوعا من النوم.
هذا الخلط بين الواقع والخيال يظل مصاحبنا طوال حلقات المسلسل العشر، والذى يروى يوميات طبيب حديث التخرج ويكلف بالعمل داخل إحدى الوحدات الصحية بإحدى قرى محافظة كفرالشيخ، ويرفض الشاب القاهرى تنفيذ التكليف، وينصحه البعض بعمل تظلم من القرار ولكن عليه الحصول على توقيع مدير الوحدة الصحية على التظلم، ويسافر عاطف ويلتقى مدير الوحدة والذى تسقط عليه مروحة السقف ويموت فى الحال وبهذا يكون عاطف مديرا للوحدة بدلا منه ولكنه يرفض التنفيذ ويهرب من القرية ويعود للقاهرة وتستدعيه الشرطة وتوجه له مجموعة من الأتهامات أقلها تعريض حياة الناس للخطر.
الجهل والأمية والروتين
يعتمد الكاتب أحمد فياض عاطف والذى يملك حس عالى من الكوميديا على التناقض بين الأشياء والصدمة التى يشعر بها الدكتور عاطف فى تعامله مع عالم مجهول بالنسبة له، ورحلته الصعبة بين المكاتب الأدارية للحصول على ورقر رسمية أو تأشيرة! وحياته التى انقلبت بين يوم وليلة من طالب لايحمل أى مسئولية سوى تحصيل دروسه والحصول على بكالريوس الطب كما تمنى والده ورأى فيه أمتدادا لأبن سيناء ومجدى يعقوب لمدير مسئول عن وحدة صحية ترعى الآف من البشر بأمكانيات بسيطة لاترقى لمستوى الخدمة المطلوبة، والتعامل مع مجتمع عفوى محدود التعليم والثقافة ومن هنا يستغله بعض اصحاب النفوس الضعيفة مثل مرزوق الذى يدعى العلاج بالقرآن ويساعده عاملين فى الوحدة الصحية بما فيهم الدكتور سمير طبيب الأسنان الذى يطلب من المترددين عليه دفع كشف بقيمة خمسين جنيه رغم أن التذكرة بجنيه فقط؟
ثم يشير الكاتب لهذا الجهل فى عدة مشاهد منها.. عندما يتحدث عاطف مع صديقه عن والده الذى يرى فيه امتدادا لأبن سيناء، فيسأله من ابن سيناء؟
أو المشهد الذى جمع مرزوق - محمود البزاوى - داخل سيارة الأسعاف والخراطيم واصلة لكل جسمه، وعاطف واقف أمامه خارج السيارة بعدأن قام بأنقاذه من الموت بتنشيط عضلة القلب، فإذا بمجموعة من شباب القرية تدفع بعاطف بعيدا خارج الكادر وتهتف بأن مرزوق عاد للحياة بعد موته!
العجوز الصامت والحمار المتكلم
ونعود لمشاهد العبث حين يريد الكاتب توصيل رسالة، فنجد الحيرة التى يعيشها عاطف والمعاناة التى يواجهها فى الوحدة الصحية داخل القرية ويلجأ لشيخ عجوز
ليحكى له همومه ومشاكله والرجل يستمع له باهتمام بالغ لكنه لاينطق،
أو المشهد الذى خرج فيه عاطف من بيت مرزوق وهو يعانى من آثار المخدر الذى أعطاه له مرزوق لينتقم منه ويقابل حمار ويحدثه عن عنوان الوحدة ويطلب منه الحمار أن يركب عليه ويقوم بتوصيله.
شهادة ميلاد ثلاثة من النجوم
يأتى مسلسل بالطو ليعلن لنا عن ميلاد ثلاثة من المواهب الجميلة، يعتبر المسلسل هو باكورة عملهم فى الدراما.. الأول هو الطبيب أحمد عاطف فياض والذى يعلن عن نفسه بقوة شديدة ولكن من خلال عمل بسيط جدا ودراما هادئة رصينة وبكلمات وجمل موزونة بميزان دقيق وحساس.
والنجم الثانى الموهوب عصام عمر الذى قام بتشخيص عاطف كمال فى أول بطولة له وكأنه لايقف أمام كاميرا وهنا الجدارة والموهبة وهذا الأمر يجعلنا نطمأن بأن معين هذا الوطن لاينضب أبدا.
والثالث هو المخرج عمر المهندس، والذى سبق له العمل كمساعد فى مسلسلى الخروج 2016 ولما تامر ساب شوقية 2015، وفى السينما مع شريف عرفة فى الكنز والجزيرة. وبصمات عمر كمخرج موجودة من أول التتر الذى وضع البالطو الأبيض كخيال مآته، أو القبعة التى تصاحب روب التخرج وهى تطير فى الهواء بعيدا مرورا بتسكين " الكاست " لخالد صفوت، وإدارة الفنانين أمام الكاميرا، واختياراته مع مدير التصوير شريف جلال والديكور العبقرى والموسيقى الرشيقة لمحمد أو ذكرى، والأزياء لنيرة الدهشورى، والمونتاج لكمال الملاخ.
وتحية تقدير للفنانين خالد الصاوى ومحمود البزاوى، محمد رضوان، لاشينة لاشين، محمد لطفى، عارفة عبد الرسول، محمد محمود، محمود عبد الحافظ، مريم الجندى، سلافة غانم، دينا سامى.
وتحية أخيرة لمنصة وتش إت والمنتج المنفذ محمد حلمى.
وفى انتظار الجزء الثانى.