الاتحاد الأوروبي يسعى للتقرب من الصين بهدف جذبها بعيدا عن روسيا
يسعى الاتحاد الأوروبي مؤخرا للتقرب من الصين وذلك في محاولة لجذبها بعيدا عن روسيا لا سيما بعد الصورة العالمية الجديدة التي بدت فيها بكين وعززتها بالوساطة التي قامت بها السعودية وإيران وكذلك زيارة الرئيس الصيني الى موسكو وعرض وساطة بلاده لإنهاء الحرب مع أوكرانيا.
وتجلت هذه الرغبة الاوروبية فيما أعلنه قادة الاتحاد الأوروبي من زيارات قريبة الى الصين وكان أبرزها ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر الصحفي الذي تلا قمة زعماء الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضي حيث أعلن أنه ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين سيقومان بزيارة الى الصين في أوائل أبريل المقبل.
وقال ماكرون في المؤتمر الصحفي إن الهدف من الزيارة هو "محاولة جلب الصين إلى جانبنا للضغط على روسيا ولكن أيضا للقيام بكل ما يلزم لوقف الصراع والعودة إلى طاولة المفاوضات".
من جهته أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أنه سيزور بكين يوم الخميس المقبل لإجراء محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ والتي يعتزم خلالها بحث إطار العمل الذي عرضته الصين للتفاوض على اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
بدوره قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه الأسبوع الماضي إنه يخطط أيضا للقاء الرئيس الصيني معربا عن أمله في أن تدعم بكين "سلاما عادلا" بين بلاده وروسيا.
وتعكس هذه الزيارات المقبلة والتصريحات الصادرة عن كبار الشخصيات الأوروبية قلقا متزايدا في بروكسل بشأن عمق العلاقات بين الصين وروسيا والتي قد يكون لها تداعيات عالمية ضارة بنفوذ أوروبا في العالم.
وجاء هذا القلق بعد قيام الرئيس الصيني الأسبوع الماضي بزيارة إلى موسكو استغرقت ثلاثة أيام ناقش خلالها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الخطة الصينية المكونة من 12 نقطة للسلام مع أوكرانيا والتي رحب بها بوتين كأساس لحل سلمي.
إلا أن التعليقات التي وردت في وسائل الإعلام الغربية حيال هذه الزيارة عبرت بوضوح عن المخاوف من قيام الصين وروسيا بتشكيل تحالف مناهض للغرب في محاولة منهما لقلب النظام العالمي الحالي الذي يهيمن الغرب عليه.
وفي هذا السياق علقت صحيفة (ذا تايمز) البريطانية اليومية على الزيارة معتبرة أنها "ضربة كبيرة للغرب" لافتة الى أنه مع ترسيخ تحالفهما غير الرسمي في موسكو هذا الأسبوع وضعت الصين وروسيا نفسيهما في معارضة واضحة للنموذج الغربي.
وأشارت الصحيفة الى أنه في الوقت نفسه ليس هناك ما يضمن أن "الجنوب العالمي" لدول عدم الانحياز سينحاز إلى جانب الغرب لاسيما بعدما حرص الرئيس الصيني على تقديم نفسه كصانع سلام.
لكنها الصحيفة البريطانية واسعة الانتشار أوضحت أن خطة الرئيس الصيني للسلام في أوكرانيا والمكونة من 12 نقطة والتي تم الإعلان عنها خلال الزيارة الى موسكو لم تأت إطلاقا على ذكر أي انسحاب روسي من الأراضي الأوكرانية.
من جانبها رأت صحيفة (إل موندو) الإسبانية اليومية أن زيارة الرئيس الصيني إلى موسكو تمثل "تحالفا سياسيا واقتصاديا خطيرا بين نظامين استبداديين توحدهما الرغبة في قلب النظام العالمي".
يضاف الى تلك المخاوف أن دور الصين كوسيط جدي حظي باعتراف عالمي بعد أن أعلنت السعودية وإيران مؤخرا من بكين توصلهما الى اتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية وتطبيع العلاقات بينهما.
وفي رد فعل فاتر على هذا التطور أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا رحب فيه بالاتفاق السعودي - الايراني لكنه أغفل الاشارة الى أي تقدير لدور الصين فيه بينما أشارت الصحافة الأوروبية إلى حقيقة أن بكين هي التي توسطت لهذا الاختراق الأمر الذي فاجأ الغرب تماما.
وفي هذا الشأن علقت صحيفة (ايه بي سي) الإسبانية اليومية قائلة "بفضل وساطة الصين التي عززت مؤخرا دورها الجغرافي الاستراتيجي استأنفت المملكة العربية السعودية وايران علاقاتهما الدبلوماسية التي توقفت منذ عام 2016".
وقالت صحيفة (فيفيرنجي) الكرواتية إن دور الصين كوسيط هو "انتصار دبلوماسي لبكين إذ أن هذا النجاح الذي حققته في الوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران يمثل اختراقا دبلوماسيا لها في الشرق الأوسط وأكبر دليل ملموس حتى الآن على أنها مستعدة لاستخدام نفوذها العالمي للمساعدة في حل النزاعات الخارجية".
في غضون ذلك فوجئ المراقبون في بروكسل بموافقة فون دير لاين وهي من أشد المؤيدين لسياسة الولايات المتحدة المتشددة تجاه الصين على مرافقة الرئيس الفرنسي في الزيارة إلى بكين.
ولفتت نشرة (بوليتيكو) التي تتخذ من بروكسل مقرا لها إلى أن "فون دير لاين وبصفتها السلطة العليا الفعلية في الاتحاد الأوروبي كانت ممثلة للمتشددين ضد الصين في القيادة العليا للاتحاد الأوروبي منذ أن تولت منصبها في ديسمبر 2019".
وأضافت النشرة أن "شخصيات بارزة في المجلس الأوروبي بما في ذلك رئيسه شارل ميشيل تضغط من أجل نهج أقل تصادما مع الصين من نهج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي تحاول الضغط على الحلفاء للانضمام إلى فريق في مواجهة بكين".
وكانت فون دير لاين انتقدت الصين بشدة وفي عدة مناسبات فيما يتعلق بحقوق الإنسان وقضايا أخرى فيها حيث قالت في إحدى المرات "عندما يتعلق الأمر بالنظام نفسه فإن هذا النظام يتكون من حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية وهذه هي القضية الرئيسية التي تفرقنا بوضوح فالنظام الصيني يختلف اختلافا جوهريا عن نظامنا ونحن ندرك طبيعة هذا التنافس".
بدورها اعتبرت الخدمة الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي وهي خدمة العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي في تقرير حديث "أنه خلال العام الماضي تدهورت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين ولا سيما فيما يتعلق بالعدد المتزايد من المضايقات بين الجانبين والتي تشمل العقوبات الصينية المضادة لعقوبات الاتحاد الأوروبي على حقوق الإنسان والإكراه الاقتصادي والتدابير التجارية ضد السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي وموقف الصين من الحرب في أوكرانيا".
ورغم أن الصين هي أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في حين أن الاتحاد هو ثاني أكبر شريك للصين فإن الاختلافات بينهما شاسعة وهناك العديد من المجالات التي لا يلتقيان فيها مثل الحرب في أوكرانيا وقضية تايوان وبالتالي فإن أي تحسن في العلاقات بين الطرفين سيعتمد على نتائج زيارات القادة الأوروبيين إلى الصين وما إذا كانت ستنجح في التغلب على تلك الاختلافات
للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون