" التعاون الخليجي".. 42 عاما على إنشاء أنجح تجربة تكاملية في المنطقة
42 عاما مرت على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعد أنجح تجربة تكاملية في المنطقة وركيزة أساسية للأمن والاستقرار وصوتا للحكمة والاتزان وفق رؤى ملهمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دوله الست.
ومازال المجلس الذي تأسس في 25 مايو عام 1981 "أهم كيان إقليمي استطاع أن يحقق الكثير من المكتسبات لصالح دوله وشعوبه" كما وصفه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في كلمة الكويت في القمة الخليجية ال 43 التي عقدت في الرياض في التاسع من ديسمبر الماضي.
وأضاف سمو ولي العهد في كلمته "إن مسيرة عملنا الخليجي المشترك حافلة بالإنجازات الكبيرة التي ارتقت بهذا الكيان إلى مصاف الاتحادات الإقليمية الأكثر نجاحا وفعالية وقد استطعنا من خلاله تلبية العديد من آمال أبناء دول المجلس للوصول للمواطنة الخليجية وتحقيق المنافع الاستراتيجية والاقتصادية لدول المجلس".
وفي ذلك اليوم التاريخي اتفقت إرادة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الست في اجتماعهم الذي عقد في العاصمة الإماراتية (أبوظبي) على صيغة توافقية للتعاون بينهم وكان من أهم أهدافها تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين شعوب دول المجلس في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها.
ولعل ديباجة النظام الأساسي للمجلس جاءت منطلقاتها واضحة إذ شددت على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية والإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية والنظام الأساسي للمجلس.
وبدأت فكرة إنشاء مجلس التعاون الخليجي بمبادرة من المغفور لهما أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراهما.
وتوجت الاجتماعات التحضيرية لوزراء خارجية الدول الخليجية الست بانعقاد قمة ابوظبي في 25 مايو 1981 التي حضرها قادة المملكة العربية السعودية ودولة الكويت والامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة قطر وسلطنة عمان وتم خلالها الاعلان عن قيام منظومة متكاملة تجمع هذه الدول باسم (مجلس التعاون لدول الخليج العربية).
وخلال العقود الأربعة الماضية شهدت مسيرة مجلس التعاون إنجازات كبرى في مختلف المجالات انعكست على المواطن الخليجي وحققت تطلعاته على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية وعلى الساحتين الإقليمية والدولية.
واستطاع المجلس من خلال حكمة قادته وسداد رؤيتهم أن يمثل إطارا قويا للأمن الجماعي وسياجا لحماية مكتسبات دوله والتصدي للأخطار التي تعترضها وأصبح يؤدي دورا مؤثرا في إدارة الأزمات التي تشهدها المنطقة.
وتأتي الذكرى السنوية ال 42 لمجلس التعاون وهو يسعى إلى تحقيق أهدافه والحفاظ على مكتسباته والبناء للمستقبل بكل ثقة واقتدار في ضوء تحديات متسارعة في كل المجالات الأمر الذي يحتم التعامل الجماعي مع تلك التحديات وتحصين أمن واستقرار دول المجلس والاستمرار في التعامل الإيجابي والفعال مع المجتمع الدولي لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والعالمي.
وانطلاقا من الأهداف النبيلة التي تأسس عليها المجلس فقد استطاعت دوله الست تحقيق العديد من الإنجازات خلال مسيرتها الطويلة في العديد من مجالات التعاون المشترك.
ففي مجال السياسة الخارجية أسهم التجانس بين دول مجلس التعاون في تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية ترتكز على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات الأمر الذي أعطى مجلس التعاون قدرا كبيرا من المصداقية كمنظمة دولية فاعلة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره.
ولعل من أبرز إنجازات مجلس التعاون الخليجي في مجال السياسة الخارجية المشاركة في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية وتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي الغاشم ودعم وحدة واستقرار وسيادة العراق ومساندة قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة وتحقيق المصالحة الخليجية ودعم القضية الفلسطينية.
وفي مجال العمل العسكري المشترك كان الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول مجلس التعاون الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض عام 1981 هو بداية لبحث مجالات التعاون العسكري بين دول المجلس حيث تم خلال أربعة عقود إقرار العديد من الدراسات والأنظمة والاستراتيجيات التي شملت العديد من سبل العمل العسكري المشترك.
وعلى صعيد التعاون الأمني فقد شكل اجتماع وزراء الداخلية بدول المجلس بالرياض في فبراير 1982 بداية انطلاق التنسيق والتعاون الأمني بين دول المجلس الذي تمثل في الاستراتيجية الأمنية الشاملة والاتفاقية الأمنية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والدفاع المدني ومكافحة المخدرات.
وفي مجال التعاون الاقتصادي يمثل النظام الأساسي لإنشاء مجلس التعاون المرجعية الأولى نحو تحقيق تكامل اقتصادي بين دول الخليج الست بدءا من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي وقعت عام 1981 مرورا بالاتفاقية الاقتصادية لعام 2001 والاتحاد النقدي والعملة الموحدة والتعاون التجاري والاتحاد الجمركي وجهود إنشاء السوق الخليجية المشتركة وتعزيز المواطنة الاقتصادية.
أما في مجال التعاون الإعلامي بين دول مجلس التعاون فقد استطاع هذا المجال خلال العقود الأربعة الماضية تحقيق العديد من أهدافه كإنجاز ميثاق الشرف الإعلامي ووضع الاستراتيجية الإعلامية والتعاون في مجال الإعلام الخارجي والتعاون التلفزيوني والإذاعي والصحفي وفي مجال وكالات الأنباء.
وعلى صعيد التعاون القانوني والقضائي عملت دول المجلس على التقريب بين أنظمتها وقوانينها وصولا إلى توحيدها كما عملت على تحقيق المزيد من التقارب والصلات بينها في المجالات التشريعية والقضائية وإعداد مشروعات الأنظمة (القوانين) الموحدة وتعزيز التنسيق فيما بين الأجهزة العدلية والقضائية وتوحيد أنواعها ودرجاتها وإجراءاتها.
واشتملت مجالات التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي على جوانب عديدة من أبرزها التعاون في مجال الطاقة والكهرباء والماء والتعاون في المجال الصناعي والغذائي والصحي والبيئي ومجال النقل والمواصلات والاتصالات والتخطيط والإحصاء والتنمية والتعليم والخدمات الاجتماعية والشباب والرياضة.
وفي مجال التعاون الإقليمي والعالمي والعلاقات الاقتصادية مع الدول والتجمعات الإقليمية والعالمية الأخرى أدى مجلس التعاون دورا فاعلا في إثراء هذا المجال سواء مع الدول العربية أو الأجنبية إضافة إلى المجموعات والمنظمات والتكتلات الإقليمية والعالمية.
وتبرز الشمولية في الأهداف والإنجازات كإحدى سمات العمل الخليجي المشترك التي جعلت من مجلس التعاون كيانا لامس شتى جوانب الحياة في الدول الأعضاء وفتح آفاق العمل المشترك للدفع بالتعاون والتكامل بين دوله في أي مجال نحو مراحل أكثر تقدما وتطورا.
للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون