هل تهاجر الشركات الأوروبية العملاقة إلى "نيويورك".. ولماذا؟
ذكر تقرير اقتصادي حديث، أن بورصة لندن، التي تمثل رمزا تاريخيا لسطوة المركز المالي البريطاني عالميا، تواجه مخاطر هجرة شركات أوروبا العملاقة إلى نيويورك، حيث السيولة والاستقرار على على الجانب الآخر من المحيط.
وحسب فاينانشيال تايمز، تعتبر لندن البورصة الأوروبية الأكثر عرضة لخطر المعاناة من عمليات المغادرة الكبيرة إلى الولايات المتحدة، في استنتاج توصلت إليه الصحيفة بناءا على بيانات جمعتها وحددت فيها الشركات الكبيرة ذات الحالة التجارية الأقوى والتي تتجه حاليا إلي الإدراج في نيويورك.
وقيمت صحيفة فاينانشيال تايمز 111 شركة أوروبية، كل منها برأسمال سوقي لا يقل عن 10 مليارات دولار وكل منها تتداول أسهمها بقيمة أقل من المنافسين الأمريكيين، وذلك لتحديد أيهما لديها أقوى فرصة للتحول إلى الإدراج في نيويورك.
وشكلت مجموعات الشركات المدرجة في لندن خُمس المجموع فقط لكنها كانت نصف المراكز العشرة الأولى، وحوالي 18 من أفضل 50 شركة.
وهذا الاكتشاف هو دليل إضافي على ضعف لندن مقارنة بباريس وأمستردام وفرانكفورت حيث أن توقعات النمو الاقتصادي الأعلى في الولايات المتحدة ومجموعة أكبر من المستثمرين تعزز حالة الأعمال التجارية.
وقد تقرر العديد من الشركات عدم تبديل الإدراج إلى الولايات المتحدة لأسباب منها الخوف من رد الفعل السياسي والعقبات التنظيمية لكن فجوات التقييم المتزايدة مع سياسة صناعية أمريكية أكثر قسوة تعني أن الكثير من الشركات قد تشعر بضغط المستثمرين لإعادة توجيه ادراجهم إلي الولايات المتحدة كما أن التراجع في التقييم يجعلها أهدافًا محتملة للاستحواذ.
ويعتمد تصنيف الشركة على تراجع التقييم الخاص بها مقارنة بمجموعة من أقرانها في الولايات المتحدة، وحصة إيراداتها المتولدة في الولايات المتحدة ونسبة مستثمريها في أمريكا الشمالية وفقا لبيانات شركة فاكت سيت.
وتتصدر مجموعة البناء "سي ار اتش المدرجة في لندن تلك الشركات والتي سوف تعرض علي المساهمين نقل إدراجها الأساسي إلى نيويورك في 8 يونيو/ حزيران، تليها شركة السجائر البريطانية الأمريكية وشركة الأدوية غلاكسو سميث كلاين، اللتان يأتي ما يقرب من نصف إيراداتها في الولايات المتحدة. واحتلت مجموعة فيليبس الهولندية للأجهزة الطبية المرتبة الخامسة.
وتحتل مجموعة التعدين المدرجة في لندن ريو تينتو المرتبة الرابعة عشر في قائمة الشركات. واستحوذت شركة التنقيب علي الذهب أنجلو أمريكان على المرتبة الثلاثين بعد اعلنت انتقال إدراجها إلى نيويورك متقدمة على شركة التجارة والتعدين جلينكور في المرتبة الخامسة والثلاثين.
ووفقا للتقرير، فإن البورصات الأوروبية الأخرى ليست محصنة، اذ أعلنت مجموعة الماكينات الإيطالية سي أن اتش انسحابها من بورصة ميلانو لتصبح نيويورك هو وحهة إدارجها الوحيدة وبذلك احتلت المركز الرابع في القائمة كما استحوذت مجموعة التشخيص الأولية الألمانية كيوجين المرتبة الثامنة والعشرين، وذلك بعد أن أعلنت إنها تدرس إدراج مزدوج في نيويورك وفرانكفورت.
وهناك العديد من العقبات التي لا يمكن التغلب عليها في بعض الأحيان، بما في ذلك المعارضة السياسية والأمن القومي والتعقيدات التنظيمية بسبب أن البنوك وشركات الدفاع ضمن القائمة وهي متجذرة بعمق في أوطانها.
وقررت مجموعة شل النفطية التي تأتي ضمن المركز ٧٨ في القائمة عدم اتخاذ مثل هذه الخطوة، في حين قال باتريك بويانيه: الرئيس التنفيذي لشركة توتال الفرنسية التي تحتل المرتبة 54 في القائمة - للمستثمرين: "إنه ليس خيارا". كما تستحوذ شركة بريتش بتروليم علي المرتبة 42.
ويمكن الشعور بالجاذبية الاقتصادية من الولايات المتحدة بغض النظر عن فجوة التقييم حيث أن شركة فلاتر المدرجة في لندن، أكبر شركة مقامرة مدرجة في العالم، لا تظهر في التصنيف لأنها تتداول بسعر أعلي من المنافسين الأصغر في الولايات المتحدة.
و لكن مجموعة البناء "سي ار اتش، التي تمتلك منصة المراهنات الأمريكية فانها سوف تسعي للحصول على موافقة المساهمين على نقل إدراجها الأساسي هناك في السنوات القليلة المقبلة.
وبعض الشركات الأصغر لم ترد ضمن القائمة لكنها أيضًا لديها أسباب أخري للنظر في الادراج في امريكا، حيث تخطط شركة الأدوية إنفورما المدرجة في لندن للقيام بإدراج أخر في قائمة ثانوية في نيويورك بالنظر إلى حجم أعمالها التجارية الأمريكية.
وستبدأ مجموعة السلع الاستهلاكية جلانبيا المدرجة في بورصة دبلن، والتي تحقق أكثر من 80٪ من إيراداتها في الولايات المتحدة، في الإبلاغ عن نتائجها بالدولار الأمريكي هذا العام.
ولكن بالنسبة للبعض الآخر قد تفوق تكلفة التحول الفوائد.وقال جون شتاينبرغ، لرئيس مجلة فيوتشر المدرجة في لندن، إنه لا يفكر في التحول إلى نيويورك لأن العمل سيكون أصغر من أن يجذب انتباه المستثمرين.
ومع ثلاثة أرباع أرباحها تأتي من الولايات المتحدة، تقول مجموعة مواد البناء "سي ار اتش التي احتلت المركز الأول القائمة إن قرارها في مارس/ أذار بالتحول إلى الإدراج في الولايات المتحدة في طريقه لتلقي "دعم قوي" من المساهمين في اجتماع غير عادي في 8 يونيو/ حزيران.
ويجعل الإدراج في الولايات المتحدة الأسهم أكثر جاذبية حيث يتداول بقيمة أقل على نظرائه في الولايات المتحدة. ويعتقد أيضًا أنها ستعزز قدرة هذه الشركة على تقديم عطاءات للحصول على عقود البنية التحتية الأمريكية وأهداف الاستحواذ.
أما شركة التبغ البريطانية الأمريكية التي تم إدراجها في لندن منذ أكثر من قرن، فإن المساهمين لم يمنعوا تشجيعهم على الانتقال إلى الولايات المتحدة، وهي تحتل المركز الثاني فى القائمة.
ويوضح راجيف جاين، مؤسس شركة الاستثمار الأمريكية وخامس أكبر مساهمين في الشركة أنه حث الإدارة على تبديل إدراجها الأساسي لأنه "ليس من المنطقي" أن تظل الشركة مدرجة في لندن".
ويشير جاين بأنه لم تكن فقط أكبر شركة تبغ في العالم من حيث المبيعات المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية مقارنة بنظرائها في الولايات المتحدة، بل كانت قاعدة ملكيتها أيضًا إلى حد كبير في الولايات المتحدة.
ويتم تداول أسهم شركة مثل فيليب موريس، بمضاعفات ربحية تبلغ 12 ضعف أرباح العام المقبل، في حين أنها تصل إلى 7.5 مرة فقط في شركة التبغ البريطانية الأمريكية.
ويصر الأشخاص المقربون من شركة التبغ البريطانية الأمريكية على أنها لم تناقش بنشاط تحويل إدراجها إلى الولايات المتحدة.
واحتلت شركة الأدوية غلاكسو سميث كلاين البريطانية المركز الثالث حيث تولد ما يقرب من نصف مبيعاتها في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الأدوية في البلاد.وكان كبير المسؤولين العلميين للشركة البريطانية يعمل في الساحل الغربي من أمريكا.
وأعلنت شركة شركة "سي ان اتش" ذات الادارج المزدوج والتي تحتل المركز الرابع في فبراير/ شباط بأنها سوف تتخلى عن الإدراج في بورصة ميلان لصالح إدراج واحد في بورصة نيويورك. وتأمل الشركة في إكمال عملية الشطب بحلول أوائل عام 2024.
واستحوذت شركة فيليبس الهولندية في المدرجة في بورصة أمستردام علي المركز الخامس في القائمة
وقالت المجموعة الهولندية، التي تركز من بين مجالات أخرى على المعدات الطبية للتصوير التشخيصي، إن ما يقرب من نصف مبيعاتها العالمية البالغة 17.8 مليار يورو العام الماضي جاءت من الولايات المتحدة.
وقالت الشركة، التي يوجد إدراجها الرئيسي في أمستردام وإدراج اخر في نيويورك، إنه"لا توجد خطط" لتغيير ذلك.
واحتلت شركة هايدلبرغ المدرجة في فرانكفورت المركز السادس من التصنييف وتعد واحدة من أكبر مجموعات مواد البناء في العالم، وقد تم تأسيسها في عام 1874.
وقالت إنها لا تفكر حاليًا في نقل إدراجها إلى الولايات المتحدة، وأنها كانت في حوار مستمر مع مساهميها ومحلليها، وهم "مقتنعون بأن التحول الذي شرعت فيه فى طريق البيئة المستدامة سيعكس في النهاية أيضًا إعادة تصنيف كبيرة للشركة".
واستحوذت شركة "دبليو بي بي"المدرجة في بورصة لندن على المركز السابع في القائمة وتحقق أكبر مجموعة إعلانية في المملكة المتحدة أكثر من ثلث إيراداتها في الولايات المتحدة.
وتميل قيمة المنافسين الأمريكيين إلى المضاعفات الأعلى، مما يجعل التحول احتمالًا جذابًا. ومع ذلك، في حين أن الأشخاص المقربين من الشركة يقولون إن الانتقال يمكن أن يكون دائمًا خيارًا، لا توجد خطوة يجري العمل عليها.
للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون