الأزمات الاقتصادية في الدول الغنية والفقيرة تتفاقم.. واستعادة نفوذ ومصداقية الإقراض متعدد الأطراف الحل
أكدت الدراسات، أن الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء تحتاج إلى استعادة نفوذ ومصداقية الإقراض متعدد الأطراف.
التحديات الاقتصادية
تتطلب مكافحة تغير المناخ إنفاقًا كبيرًا على التخفيف والتحول التكنولوجي، لكن أسعار الفائدة المرتفعة في السوق تعيق قدرة اقتراض الحكومات ذات التصنيف المنخفض وتدفع الكثير إلى التخلف عن السداد.
ركزت مباحثات مؤتمر باريس الأسبوع الماضي على تفعيل مبادرة "بريدجتاون" التي تطرح حلا لدول الشمال لتمويل دعم دول جنوب الكوكب المتضررة من تداعيات التغير المناخي، بقيادة "ميا موتلي"، رئيسة وزراء باربادوس -بحسب ما ذكرته مجلة فايننشال تايمز.
وتدعو المبادرة إلى تمهيد الطريق نحو نظام مالي جديد يقود الموارد المالية نحو العمل المناخي وأهداف التنمية المستدامة، حيث تتطلب هذه الأهداف زيادة سريعة في الاستثمار في التحول منخفض الكربون في قطاعات الطاقة والنقل والزراعة لحماية هدف 1.5 درجة مئوية، مما يوفر استثمارات كبيرة في بناء القدرة على التكيف مع المناخ والاستدامة والاستثمارات المهمة في الصحة العامة والتعليم.
كما تدعو المبادرة إلى تفعيل مدخرات القطاع الخاص، للتخفيف من حدة تغير المناخ وإعادة بناء الأموال بعد وقوع كارثة مناخية من خلال آليات جديدة متعددة الأطراف، حيث إن معظم البلدان المعرضة للتأثر بالمناخ ليس لديها الحيز المالي لاعتماد ديون جديدة. لذا لابد من أن يتم تجاوز الاستجابات لكل بلد على حدة والتي أصبحت غارقة في قضايا تتعلق بمن يجب أن يفعل المزيد.
هذا، بجانب أن تتضمن الخطط توجيه 100 مليار دولار في شكل حقوق سحب خاصة، وأصل احتياطي بموجب صندوق النقد الدولي، إلى الأسواق الناشئة، مع إدخال ضمانات مخاطر العملة للاستثمارات الخضراء.
ومن جانبها، أكدت "موتلي" دعوتها إلى ضرورة وجود آلية عالمية لجمع منح إعادة الإعمار لأي بلد تتعرض للتو لخطر كارثة مناخية. وإن العالم بحاجة إلى إصدار جديد بقيمة 500 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (650 مليار دولار أمريكي) أو أدوات أخرى منخفضة الفائدة وطويلة الأجل للإسراع بدعم الاستثمار الخاص في التحول منخفض الكربون، حيثما كان ذلك أكثر فعالية.
لكن التوصل إلى توافق في الآراء سيعني أن المؤسسات المعنية، وصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية المتعددة الأطراف، ولا سيما البنك الدولي، ستتغلب على التحديات التي تواجه أهميتها وشرعيتها.
إن الكثير من نظم التمويل العالمي التي تؤثر على حكومات البلدان النامية -من إقراض البنية التحتية إلى حل أزمات الديون السيادية- كان يتم توجيهه تقليديًا من قبل مجموعة السبعة والدول الغنية الأخرى ويدعمه الدولار الأمريكي، مما تسبب في إحباط بعض البلدان النامية. لكن محاولات الأسواق الناشئة لإنشاء أطر بديلة واجهت مشكلات أيضًا.
يعاني بنك التنمية الجديد، الذي أسسته بكين مع دول 'بريكس' مثل البرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا في عام 2014 بقيادة الرئيسة البرازيلية السابقة "ديلما روسيف"، منذ الأزمة الروسية الأوكرانية بسبب ارتباطه بروسيا. وتحت ضغط عقوبات الدول الغنية، علقت إقراض موسكو وتحتاج إلى الدولارات لتغطية التزاماتها.
في ضوء ذلك، صرح المدير العام في مقابلة أن البنك 'يكافح لتعبئة الموارد' ويفحص العملات والأدوات البديلة. كما يقوم بتجنيد دول أعضاء جديدة. ولكن على الرغم من بعض النشاط المحدود في الرنمينبي -عملة صينية- فإن الادعاء الأخير لرئيس البرازيل "لويس إيناسيو لولا دا سيلفا" بأن البنك سيتحدى هيمنة الدولار لا يمكن تصديقه.
في الأسبوع الماضي، عانى بنك آخر لتمويل التنمية تقوده الصين -وهو البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والذي يضم أكثر من مائة مساهم بما في ذلك حكومات العالم الغني- من تحدي شرعيته وعلى إثر ذلك، استقال مديره العام الكندي.
من جانبه أشار نائب العضو المنتدب "بو لي" في منتدى مجموعة بنك الاستثمار الأوروبي 2023 إلى بعض الخطوات التي من شأنها تعزز التمويل وهي كما يلي:
1- ضرورة التركيز على السياسات التي يمكن أن تعيد توجيه تدفقات الاستثمار من المشروعات عالية الكربون نحو فرص صديقة للمناخ. هنا، يتم التفكير في التنظيم الأكثر ذكاءً وإشارات الأسعار والإعانات الموجهة جيدًا التي تحفز الاستثمار منخفض الكربون مع الانتباه إلى الخصائص المالية الفريدة لكل بلد.
2- بناء القدرات، فنحن بحاجة إلى تعزيز إدارة المالية العامة وإدارة الاستثمار العام المتعلقة بالمشروعات المناخية لواضعي السياسات لتنفيذ الإصلاحات اللازمة. هذا، وتحتاج البلدان في هذا الصدد، إلى القدرة على تحديد وتقييم واختيار المشروعات ذات الجودة العالية، وكذلك لإدارة المخاطر المالية ذات الصلة.
3- هناك ندرة كبيرة في البيانات عالية الجودة والموثوقة، ومجموعة منسقة ومتسقة من معايير الإفصاح عن المناخ، والتصنيفات لمواءمة الاستثمارات مع الأهداف المتعلقة بالمناخ. لذلك، هناك حاجة إلى بناء القدرات لتقوية بنية المعلومات المناخية التي ستساعد في تطوير وتعميق أسواق رأس المال وتحسين قابلية المشروعات للتمويل.
4- يمكن للهياكل المالية المبتكرة أيضًا أن تحفز برامج المساعدة الفنية لدعم إنشاء أسواق جديدة لتمويل المناخ من خلال تطوير مبادئ توجيهية، وتوفير برامج تدريب لأصحاب المصلحة المحليين، وتسهيل اعتماد المبادئ وأفضل الممارسات الدولية في الأسواق الناشئة.
5- على مستوى أكثر دقة، يجب على المستثمرين الذين يرغبون في توظيف رأس المال في الاقتصادات الناشئة والنامية التغلب على مجموعة من القيود.وتشمل هذه التكاليف الأولية المرتفعة والأطر الزمنية الطويلة المرتبطة بالاستثمارات المناخية، ونقص سيولة الأسواق، ومخاطر الصرف الأجنبي، وندرة المشروعات جيدة التخطيط والقابلة للتطوير.
6- يتطلب التغلب على هذه العقبات تغييرًا في العقلية -من القطاع العام والقطاع الخاص والمؤسسات متعددة الأطراف- لتجديد الهيكل المالي بحيث يتم جذب المزيد من التمويل الخاص نحو مشروعات المناخ. وهذا يعني التحلي بالمرونة والاستعداد لاستكمال استراتيجية وطنية باستراتيجية إقليمية حسب الاقتضاء، أو اعتماد نهج برنامجي بالإضافة إلى النهج التقليدي القائم على المشروعات في التنفيذ ليناسب التفويضات والاحتياجات المؤسسية.
للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون