بعد 60 عاما على انطلاقتها.. .ماذا ربحت مصر من الدراما؟
صناعة الدراما في مصر ذات تاريخ عريق، حيث بدأ هذا النوع من الفن قبل نحو 60 عاما، وبات لمصر رصيد كبير من المسلسلات التليفزيونية والاذاعية، مثلت ذاكراة تاريخية لمصر والمنطقة العربية كلها، كما تعد الدراما المصرية هي الأولى من حيث التاريخ ومن حيث الانتشار في الوطن العربي، وكانت سببا رئيسيا مع السينما والصحافة والأغاني في اتفان كل العرب للهجة المصرية
من هذا المنطلق، تعقد النسخة الثانية من مهرجان القاهرة للدراما يوم 24 أغسطس الجارى، بمدينة العلمين الجديدة شمال مصر، ضمن فعاليات مهرجان العلمين، لتكريم أفضل الأعمال الدرامية، وأبرز الشخصيات المؤثرة في عالم الدراما، برئاسة الفنان يحيى الفخراني
ويعقد القائمون على مهرجان القاهرة للدراما، عصر اليوم الأحد مؤتمرًا صحفيًا لاحتفالية 60 سنة دراما بنورث سكوير مول بمدينة العلمين الجديدة، للكشف عن تفاصيل النسخة الثانية من مهرجان القاهرة للدراما في مصر، الذي يقام على مدار يوم واحد في العلمين، بعد نجاح النسخة الأولى التي أقيمت العام الماضي في القاهرة، وشهدت حضورًا فنيًا كبيرًا.
يحضر مؤتمر مهرجان القاهرة للدراما كلاً من الفنان يحيى الفخراني رئيس مهرجان القاهرة للدراما، والدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، والفنانة إلهام شاهين عضو لجنة التحكيم، وملك العشيري المدير العام والعضو المنتدب لشركة كونسل ماسترز.
بدأت مسيرة الدراما المصرية منذ افتتاح الإذاعة المصرية عام 1934، واستمرت حتى يومنا هذا، وكانت الحصيلة آلاف المسلسلات الاذاعية والتلفزيونية التي جذبت ملايين المشاهدين
كانت البداية من مسلسل “عائلة مرزوق أفندي” وهو أقدم مسلسل في التاريخ العربي، بدأ بثُه في العام 1959 عبر أثير الإذاعة المصرية من خلال برنامج “إلى ربات البيوت” الذي أسسته الإعلامية المصرية صفية المهندس.
وهو عبارة عن حلقات متصلة ذات موضوعات منفصلة تهتم بالشأن العام المصري والعربي مع تطوير يواكب الأحداث المحيطة، إذ كانت المدة الزمنية للحلقة الواحدة 5 دقائق عبر شخصيات تنتمي لأسرة الموظف المكافح “مرزوق” تتناول مشاكل تُعاني منها الأسر المصرية والعربية مثل الهجرة والإدمان والبطالة والزواج وغيرها.
اشترك في "عائلة مرزوق افندي " أكثر من 200 فنان مصري وعربي على مدار بثه الذي استمر لـ60 عاماً، كان أبرزهم فؤاد المهندس، وتوفيق الدقن وفريد شوقي، وقد توقف المسلسل عام 2009 لكنه عاد مرة أخرى عام 2013، ولا يزال مستمراً حتى الآن.
عقب انطلاق البث التلفزيوني المصري عام 1960، بدأ التفكير في الأعمال الدرامية، فتم انتاج أول مسلسل تلفزيوني وهو مسلسل “هارب من الأيام” في الذكرى الثامنة لإنهاء الحكم الملكي، والذي بدأ بثه في 23 يوليو عام 1962، وكان من تأليف فيصل ندا مأخوذاً من قصة الأديب ثروت أباظة، وبطولة عبد الله غيث، وتوفيق الدقن، وحسين رياض، ومديحة سالم.
تدور أحداث المسلسل حول طبال فقير بإحدى القرى المصرية يُعاني من المعاملة السيئة والسخرية من أهل القرية، بينما تشيع السرقة في جميع أنحاء القرية مما يثير الرعب في قلوب سكانها لعدم قدرتهم على اكتشاف الفاعل، ليظهر بالنهاية أن ذلك الطبال وراء كل هذه الجرائم.
حقق المسلسل شهرة مدوية في الشارع المصري حتى قال مؤلفه في إحدى اللقاءات التلفزيونية بأن مجلس الوزراء كان يجتمع بعد عرض الحلقات، كما روى بأنه قد تم القبض عليه بعد الحلقة السابعة لاتهامه بالإشارة إلى رئيس الجمهورية وقتها جمال عبد الناصر بأنه طبال، وتم الافراج عنه بعد 48 ساعة.
يعتبر نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 1988، أحد أفضل الكتاب العرب المعاصرين. ومن بين أعماله العديدة، نشر 34 رواية ومئات القصص القصيرة، تحول العديد منها إلى مسلسلات وأفلام. إن مسلسل حديث الصباح والمساء، المُنتج عام 2001، يستند إلى كتابٍ يحمل نفس الإسم، وتتناول أحداثه تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي من خلال ثلاث شخصيات تتفرع أبنائها وأحفادها وتتابع صراعاتهم وأدوارهم الاجتماعية وعلاقتهم الإنسانية ومواقفهم المختلفة تجاه الحياة والوطن من خلال التأثيرات المباشرة للمصالح الاقتصادية على العلاقات بين الشخصيات وأصول هذه الشجرات الثلاث.
ومن المسلسلات الأخرى التي حظيت بشعبية كبيرة لدى الجماهير المصرية والعربية مسلسل ليالي الحلمية، الذي يمتد لستة أجزاء بدأ أولها عام 1987 وانتهى عام 2016، والذي تدور أحداثه حول صراع بين العمدة سليمان غانم القادم من الريف من أجل ثأر والده. كتبه أسامة أنور عكاشة وأخرجه إسماعيل عبد الحافظ، وقام ببطولته الفنانين يحي الفخراني وصلاح السعدني وصفية العمري.
كما كان من العلامات الفارقة في تاريخ الدراما المصرية مسلسل ذئاب الجبل، الذي بدأ عرضه عام 1993، وتدور قصته في صعيد مصر حيث العادات والتقاليد القديمة المتعصبة، وبإحدى القرى تُسمى بهتون الجبل قام شيخ قبيلة هوارة بكسر تلك العادات بتزويج بنته إلى رجل غريب من العائلة مما دفع شقيقه للبحث عنها لقتلها.
كما اشتهرت الدراما المصرية بالمسلسلات البوليسية التي كان أغلبها مقتبساً من قصص حقيقية والتي كان أشهرها على الاطلاق مسلسل رأفت الهجان، وهو مسلسل مستوحى من قصة الجاسوس المصري “رفعت علي سليمان الجمال” والذي كان قد تم زرعه داخل المجتمع الإسرائيلي لـ17 عاماً للتجسس على مراكز اتخاذ القرار الإسرائيلية لصالح المخابرات العامة المصرية.
تعرض الأجزاء الثلاثة للمسلسل، الذي بُث في أواخر الثمانينات، الكثير من حياة الجمال، وذلك منذ اختيار الجاسوس وسنوات حياته قبل تجنيده مروراً بمرحلة زرعه داخل المجتمع اليهودي داخل مصر قبل إرساله إلى تل أبيب وحتى وفاته بدولة ألمانيا عام 1982. وقد جسد شخصية رافت الهجان أو رفعت الجمال الفنان محمود عبد العزيز، إلى جانب عدد كبير من الممثلين مثل يسرا ويوسف شعبان.
دموع في عيون وقحة، وهو مسلسل بوليسي مبني على قصة حقيقية أيضاً لإحدى العمليات المخابراتية المصرية ضد جهاز الموساد الإسرائيلي كان بطلها العميل المصري (أحمد محمد عبد الرحمن الهوان)، والذي ظهر خلال المسلسل باسم “جمعة الشوان، ” وقد جسد شخصيته الممثل المصري عادل إمام، ويروي المسلسل قصة شاب مصري ينتمي إلى فئة اجتماعية بائسة يقوم بإعالة أسرته الفقيرة ويعمل في ميناء السويس يتلقى عرضاً مغرياً يكتشف أن مصدره هو الموساد الإسرائيلي، ويسارع بإبلاغ أجهزة الأمن المصرية، فيطلبون منه الاستمرار في لعب نفس الدور، ليُملي على مخابرات العدو معلومات بعضها صحيح، وبعضها زائف، وتتوالى الأحداث حيث يستمر في العمل مع الموساد الإسرائيلي كعميل مزدوج لهم داخل مصر لمدة ست سنوات قبل أن ينجح في سرقة تكنولوجيا التجسس من الموساد لصالح المخابرات المصرية.
كما يضم أرشيف الدراما المصرية كثير من الأعمال التي جسدت بعض الشخصيات التاريخية التي يحفل بها التاريخ المصري على مدار عصور طويلة، بعضها جسد شخصيات دينية وإسلامية مثل مسلسل “محمد رسول الله، ” أو “إمام الدعاة” تجسيداً لشخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو شخصيات أدبية مثل “طه حسين” أو فنية مثل مسلسل “أم كلثوم” أو “الملك فاروق.”
للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون