أميرة البيطار تكتب: كيف نحمي أطفالنا من التنمر؟

أميرة البيطار تكتب: كيف نحمي أطفالنا من التنمر؟
أميرة البيطار

يعتبر التنمر ظاهرة سلوكيّة ليست بحديثة الظهور ولكنها في الآونة الأخيرة أصبحت شائعة الانتشار، نشأت على الأغلب في عمر صغير لدى الأشخاص المتنمرين، وهي ناجمة عن ضغوطات أثرت على سلوكه وشخصيّته، وما يفعله هؤلاء الأشخاص من مضايقة للآخرين وإيذاء نفسياتهم ببعض العبارات الجارحة، تجعلهم يعتقدون أن ذلك الفعل يُكسبهم القوة وبذلك يشعرون بإحساس التعويض عمّا افتقدوه من حنان أوأدوات أو حتى أصدقاء، وهذه المشكلة قد تعد سببا من أسباب كره بعض الطلاب الدراسة والذهاب إلى المدرسة.

ويعتبر التنمُّر من السلوكيات الهدامة بل والهادمة في المجتمع، والتي تتنافى مع المبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية الرفيعة والأخوة والمساواة بين البشر، والفئات الأكثر عرضة للتنمر في المدارس هم الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وضعاف الشخصية ومن يعانون نظرة دونية تجاه أنفسهم، وكذلك الأطفال الذين يُمارس ضدهم الدلال المفرط، أو اللوم والعقاب المفرط في أوساط العائلة، وتتعدد العوامل الدافعة إلى التنمر بين طلبة المدارس، منها:

الفرق في التنمر من الجنسين:

يمارس الذكور التنمر الجسدي المباشر، وفي سن مبكرة، إلا أن الفتيات يمارسن التنمر الاجتماعي واللفظي في سن متأخرة مقارنة بالأولاد.

الشعور بالعجز وقلة الحيلة:

يلجأ الأطفال ممن يعانون شعورا بعدم الثقة بأنفسهم، أو العجز لممارسة التنمر ضد أقرانهم كنوع من إثبات الذات، والحصول على المديح من قبل الآخرين.

المحيط الأسري:

تظهر الدراسات أن من أهم أسباب التنمر المدرسي، غياب الدفء العاطفي في أوساط الأسرة.

المعلمون(المدرسة):

المدرسة لها دور كبير حيث يجلس الطالب في المدرسة عدد ساعات أكثر من التي يمكثها في البيت يدفع المعلمون للتنمر بين الطلبة، خاصة عندما يفرطون في عقاب الطلبة أو يتعاملون بشكل عنيف مع بعضهم على حساب الآخرين.

أصدقاء السوء:

تشكل الرفقة السيئة والتي تقدر العدوان بين أفرادها بيئة خصبة ومحفزة لممارسة التنمر المدرسي.

الحالة النفسية:

يلجأ المكتئبون والمضطربون نفسيا لممارسة التنمر على أقرانهم.

وبحسب دراسة أعدها مركز الملك عبد الله للأبحاث، تشير الإحصاءات إلى أن نسبة التنمر تبلغ 47 في المائة عند الأطفال، و25 في المائة عند المراهقين. ووفقا لتقرير آخر أصدرته اللجنة الوطنية للطفولة في السعودية، فإن 57.1 في المائة من الفتيان، و42.9 في المائة من الفتيات يعانون من التنمر بالمدارس.

كما أظهرت دراسة مسحية أعدها برنامج الأمان الأسري بوزارة الحرس الوطني بالتعاون مع وزارة التعليم، حول العنف بين الأقران (التنمر)، أن نحو 32.9 في المئة من الطلاب يتعرضون للعنف من الأقران أحيانا، و15 في المئة من الطلاب يتعرضون للتنمر باستمرار.

والآثار لا تتوقف عند هذا الحد، فقد أظهر بحث تم إجراؤه مؤخرًا أن تأثيرات التنمر في الطفولة قد تبقى لعشرات السنين، وتؤدي إلى تغييرات طويلة الأمد من شأنها أن تجعلنا أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالأمراض النفسية والعضوية.

هناك عدة طرق لعلاج مشكلة التنمر في المدارس.

يجب أن يكون العلاج شاملاً ومتعدد الأوجه لضمان الحد من هذه الظاهرة السلبية التي تؤثر على الطلاب، وفيما يلي بعض الطرق المهمة لعلاج التنمر في المدارس:

1. تعزيز التوعية والثقافة: ينبغي أن يتم تعزيز التوعية بضرورة احترام وتقدير الآخرين منذ الصغر، وذلك عن طريق تنظيم حلقات نقاش وورش عمل للطلاب وأولياء الأمور والمعلمين حول السلوكيات الإيجابية وأثر التنمر على الضحايا.

2. توفير برامج التدريب على مهارات التعاون: يمكن تحقيق ذلك من خلال إدراج برامج التدريب على مهارات التعاون في المناهج الدراسية، وتشجيع الطلاب للعمل معًا والتفاعل الإيجابي مع زملائهم.

3. دعم التواصل الفعال والمفتوح: يجب على المعلمين وأولياء الأمور تشجيع الطلاب على التحدث عن تجاربهم ومشاعرهم والبحث عن حلول لمشكلاتهم. يجب أن يتم تهيئة بيئة مريحة ومفتوحة تتيح للطلاب التعبير عن مخاوفهم دون مخاوف من التنمر.

4. تعزيز ثقة الطلاب بأنفسهم: يعتقد البعض أن التنمر يحدث بسبب الشعور بالضعف أو الاختلاف عن الآخرين. لذا، يجب أن يتم تعزيز ثقة الطلاب بأنفسهم واحترام هويتهم الفردية. يمكن ذلك من خلال تنظيم أنشطة تطوير الذات وتعزيز القدرات الشخصية.

5. يجب أن يتم معالجة التنمر على مستوى الفرد والمجموعة، يتضمن ذلك توفير الدعم النفسي للضحايا والمتسببين في التنمر، يمكن تنظيم حصص فردية أوجماعية، يتم خلالها تعزيز الوعي والتعلم المشترك حول مخاطر التنمر وكيفية التعامل معه، من خلال مجموعة متنوعة من الطرق والإجراءات، يمكن تقليل حالات التنمر في المدارس وخلق بيئة تعليمية آمنة ومحفزة للجميع، ويجب أن يتعاون المعلمون وأولياء الأمور والمجتمع بأسره لتحقيق رؤية مدرسية خالية من التنمر، وقد حقنا رسول الله صلوات ربي عليه قائلًا:إذا كنتم ثلاثة لايتناجى اثنان دون الآخر، أي لايكسر اثنين بانفرادهما دون صديقهم أو حتى الجالس الثالث معهم.

آثار التنمر على الأطفال والمراهقين:

التنمر في المدارس هو مشكلة شائعة يواجهها العديد من الأطفال والمراهقين في بيئة التعليم. وإن أثار هذا السلوك الضار تتراوح بين الجسدي والعقلي والنفسي والإجتماعي، ويمكن أن يؤدي التنمر إلى تدهور الصحة العاطفية للأطفال والمراهقين، ويسهم في انخفاض مستوى الثقة بالنفس، وزيادة مشاعر القلق والاكتئاب، وتعرض الأطفال والمراهقين للتنمر في المدارس يمكن أن يؤثر أيضًا على تحصيلهم الدراسي وأداءهم المدرسي، فقد يشعرون بعدم الرغبة في الالتحاق بالمدرسة، وتنخفض مشاركتهم المدرسية، وقدرتهم على التركيز والتعلم. كما يمكن أن يعانوا من صعوبات في التفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات الصحية مع الآخرين، بالإضافة إلى ذلك، يشعر الأطفال والمراهقون الضحايا للتنمر بالعزلة والاستبعاد من المجتمع المدرسي. فهم قد يفقدون الفرصة للانخراط في الأنشطة المدرسية والاجتماعية، مما يؤثر على تطورهم الشخصي والاجتماعي، ويمكن أن يؤدي التنمر أيضًا إلى تدهور العلاقة بين الأطفال وأسرهم، حيث يعانون من صعوبات في الحديث عن تجربتهم والبحث عن الدعم والمساعدة من أفراد الأسرة، باعتبار أن كل هذه الآثار سلبية، فإنه من الضروري أن نعمل كمجتمع لمواجهة مشكلة التنمر في المدارس. ويجب تعزيز الوعي والتثقيف حول أضرار التنمر وكيفية التعامل معه، سواء بواسطة المدرسين أو الأهل أو المدرسة بأكملها، علاوة على ذلك، يجب تطوير استراتيجيات فعالة للتدخل والوقاية من التنمر في المدارس، بما في ذلك إعطاء الأطفال والمراهقين الدعم النفسي والعاطفي اللازم لمواجهة هذه التحديات بثقة وقوة.

للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون

أهم الأخبار