«المناطق العازلة» في غزة.. «مخطط تهجير» أم بالون اختبار إسرائيلي؟
ما بين سيناريوهات تهجير الفلسطينيين وبالونات الاختبار الإسرائيلي المعتادة، تباينت آراء سياسيين ومحللين فلسطينيين بشأن إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي عن مخطط لإنشاء منطقة عازلة في قطاع غزة، زاعمة أنه يهدف إلى «منع هجمات الفصائل الفلسطينية من الوصول إليها».
ويحذر السفير الفلسطيني بالقاهرة دياب اللوح مما وصفه بـ«خطورة الخطة الاسرائيلية التي تهدف إلى حشر مئات الآف من المهجرين الفلسطينيين في شريط ضيق في غرب رفح الفلسطينية بالقرب من الحدود المصرية».
ويري اللوح، في تصريح خاص لـ«خليجيون»، أن «المنطقة العازلة هي بداية المخطط لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الخارج وهو ما رفضته مصر والأردن في بداية العدوان، بشكل قاطع تماما». متابعا «إسرائيل كشفت عن الجزء الأخر من المخطط وهو حمل وإجبار سكان الجنوب على النزوح من شرق خان يونس وشرق رفح ومناطق في دير البلح وحشرهم في الجزء الغربي الجنوبي من رفح وهي منطقة ضيقة لا تتسع لمئات الآف من المهجرين الفلسطينيين لدفعم لخارج قطاع غزة».
مخطط قديم للتهجير
وتشير بعض التقديرات، إلى أن هذه الخطوة هي مرحلة متقدمة من خطوات إسرائيلية سابقة، إذ سبق للاحتلال الإسرائيلي أن فرض منطقة عازلة في شمال وشرق قطاع غزة بعرض 700 متر، وجرى تقليصها إلى 300 متر وهي أغلبها أراضي زراعية ومنع المزارعين الفلسطنيين من دخولها إلا بتصريحات خاصة، وفق الدبلوماسي الفلسطيني.
بل، وتشير وثائق بريطانية إلى أن عزل قطاع غزة وطرد سكانه ليس وليد الحرب الأخيرة، لكنه مخطط قديم يعود لأواخر الخمسينات عقب فشل العدوان الثلاثي على مصر.
جدية إسرائيلية؟
وعلى نحو معلن، حاولت سلطات الاحتلال إظهار عزمها الجدي على اتخاذ هذه الخطوة، خصوصا بعدما أبلغت بها عدة دول عربية والولايات المتحدة، وفق مصادر عربية لوكالة رويترز.
وعلى هذا المسار، كان إقرار أوفير فولك مستشار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية في تصريحات لرويترز بتنفيذ مخطط على مستويات ثلاثة تشمل ما وصفه بـ«تدمير حماس ونزع سلاح غزة والقضاء على التطرف في القطاع»، معقبا «المنطقة العازلة قد تكون جزءا من عملية نزع السلاح ولن يكون هناك أي وجود لحماس على الحدود»، وفق «رويترز».
لكن المحلل السياسي الفلسطيني أيمن الرقب، يفند هذه الحجة، قائلا لـ«خليجيون» إن «المناطق العازلة ثبت أنها لاتوفر الأمن للإسرائيليين وسبق وتمكن المقاتلون الفلسطينيون من تجاوزها»، كاشفا النقاب عن أن «منظمة إسرائيل تنشط في ملف التهجير بشكل سري في قطاع غزة بجانب الضغط لإزاحة سكان شمال غزة من سكانها وصولا للهدف الأبعد وهو تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية».
ووفق التقدير نفسهـ يقول السفير الفلسطيني بالقاهرة لـ«خليجيون»: «اسرائيل تستغل الحرب الحالية على غزة إسرائيل لتوسيع المنطقة العازلة بحيث تكون من كافة أطراف القطاع وبعمق ألف متر مربع بداخل القطاع مايعني مصادرة أكثر من 25% من إجمالي أراضي غزة وهي أراضي زراعية في الأساس وتزود سكان القطاع بسلة من الغذاء والحبوب والخضروات».
ومن المحتمل أيضا، أن يكون هناك ما هو أبعد من ذلك المخطط، إذ يرى السفيرالفلسطيني دياب اللوح، أن «إسرائيل تريد معاودة السيطرة على ممر (فيلادلفيا) على الحدود الفلسطينية المصرية وإعادتها لسلطاتها، لافتا أن ما ترمي هو فرض حصار مطبق على القطاع ومصادرة أحزاء كبيرة من الأراضي، علما أنها استولت على نحو 200 كيلو متر مربع من إجمالي القطاع البالغ 560 كيلو متر مربع في عام 1948، لتصبح مساحته الحالية300 كم متر مربع.
صمت دولي على «المناطق العازلة»
وسط هذه الاحتمالات، يسود صمت دولي بشأن طرح إسرائيل لهذا المخطط، ويعبر السفير دياب اللوح عن «الأسف من الموقف الدولي الهزيل»، لكنه يقول «الفلسطينيون متمسكون بأرضهم ووطنهم وسوف يواجهون المخطط الإسرائلي بكل الوسائل».
في المقابل يقول المحلل الفلسطيني أيمن الرقب زاد إن «خطوة المنطقة العازلة كشفت حجم التضارب بين البيت الأبيض وتل أبيب رغم إعلان الولايات المتحدة معارضتها لأي انتقاص من القطاع الضيق بطبعه».
وأضاف «نتنياهو لا يريد منطقة عازلة ولكن هدفه إخلاء غزة من سكانه بل يريد اختبار ردود الأفعال»، لافتا إلى أنه «أعلن أمس على صفحته الخاصة أنه بصدد إقامة مستوطنة إسرائيلية في إحدى المناطق العازلة بقطاع غزة، وهو مايدلل على «بجاحة الاحتلال»، حسب وصفه.
يشار أن طول قطاع غزة نحو 40 كيلومترا ويتراوح عرضه بين خمسة كيلومترات و12 كيلومترا ويعيش فيه نحو 2.3 مليون نسمة في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم.
وأيا كان مستقبل ما يسمي بالمناطق العازلة، إلا أن السفير الفلسطيني بالقاهرة يقول إن «الأمر يحتاح لحشد قوات اسرائيلية ضخمة على دول المنطقة المزمع فرضها».