«خليجيون» تكشف أحدث فصول الصراع على إدارة النفط والغاز في ليبيا
لا يزال الصراع على إدارة الثروة النفطية في ليبيا يشكِّل أحد أكثر التحديات بالبلد الذي مزقته الصراعات السياسية والأمنية، وراح ضحيتها قطاع الطاقة الذي يشكل بدوره حوالي 98% من موارد الدولة.
«حقل الحمادة» الغازي.. هو عنوان أحدث فصول الصراع على إدارة الثروة النفطية في ليبيا، حيث تخطط مؤسسة النفط الوطنية لمنح امتيازات لشركات أجنبية لتطوير الحقل، مقابل حصة تبلغ 40%، بحسب الأنباء المتداولة.
وكيل وزارة النفط والغاز السابق بحكومة الوحدة الليبية محمد العبار، يقول إن المعلومات والدراسات التي أجريت عن طريق بيوت خبرة عالمية، مشهود لها بالكفاءة والمقدرة، سواء أميركية أو فرنسية أثبتت أن كمية الغاز المتوقع إنتاجها من الحقل ستكون كبيرة جدًا، وذات مردود اقتصادي عالي.
قصة تطوير حقل الحمادة النفطي
وبالتالي فإنّ العبار يرى، في تصريحات خاصة لـ«خليجيون»، أن الدولة الليبية بإمكانها استغلال إمكانياتها المادية لتطوير الحقل، والاستفادة من كامل إنتاجه، متسائلاً: «ما حاجة المؤسسة إلى شركات أجنبية؟ وما المبرر المنطقي لإعطاء حصة كبيرة لا سابق لها وهي 40% للشركاء الأجانب على مدى عمر الاتفاقية خاصة أن تطوير الحقل سيكون في مناطق برية ذات طبيعة مناسبة، خاصة أن هناك حقول مجاورة لهذا الحقل مشاركة مع المؤسسة بحصص لا تتجاوز 13%؟».
يشير العبار في تصريحات إلى أن نسبة الشريك الأجنبي في منصة بحرية معقدة وبعمق مياه يصل إلى 200 متر تتمثل في 40%، وتننخفض إلى 30% بعد عشر سنوات، ولذلك يرى أن ثمة غموض بشان منح شركات أجنبية نسبة 40% لتطوير حقل الحمادة في منطقة برية.
وتؤكد تقارير وزارة النفط الليبية إلى إمكانية تطوير الحقل بالأموال الوطنية الخالصة، خاصة أن الحقل يقع من ضمن امتيازات شركة الخليج التي تزخر بالكفاءات الفنية ولديها العناصر المؤهلة، ولها القدرة لتنفيذ مثل هذه المشاريع وبأحدث التقنيات، ولكنها تحتاج إلى الميزانيات المطلوبة.
«عون وبن قدراة».. مواجهة جديدة
وسبق أن خاطب وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة محمد عون رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة، لسحب قرار التفاوض مع الشركاء لتطوير الإكتشافات بحقل الحمادة، مشيرًا إلى أن شركة الخليج العربي للنفط (شركة وطنية) تمتلك كفاءة وقدرة فنية وخبرات تجعلها مؤهلة لتطوير الحقل.
لكن رئيس المؤسسة فرحات بن قدراة يقول إن ليبيا ستضطر بعد عام 2025 لاستيراد احتياجاتها من الغاز، إذا لم تطور حقولها المستكشفة، واصفًا الرافضين لاتفاقية تطوير حقل الحمادة بـ«حزب الكنبة».
بن قدارة: ليبيا لا تمتلك ميزانية لتطوير حقل الحمادة ستضطر لاستيراد الغاز بعد 2025
بن قدراة يقول إن المؤسسة لا تمتلك ميزانية لتطوير الحقل، منوهًا بأنَّ المؤسسة الليبية هي من خاطبت شركة إيني وطلبت التعاون لتطوير الحقل بحصة 40%، لكن الشركة الإيطالية جلبت شركات أجنبية أخرى للمشاركة في التطوير ضمن حصتها.
وسبق أن وقعت مؤسسة النفط الليبية اتفاقا مع شركة «إيني» الإيطالية باستثمارات تقدر بـ8 مليارات دولار لتطوير حقلين للغاز الطبيعي في البلاد.
وتمسَّك أعلى مسؤول تنفيذي لإدارة الثروة النفطية في ليبيا بموقف المؤسسة تجاه سريان الاتفاقية مع الشريك الأجنبي، التي قال إنها لن توقف حتى بعد صدور أمر من ديوان المحاسبة، بسبب الحاجة المهمة لكميات الغاز، خاصة أن الحكومة هي المسؤولة عن توقيع الاتفاقية.
صراع الوزارة والمؤسسة
وكانت مؤسسة النفط، وهي شركة وطنية تتبعها مجموعة شركات تعمل في تطوير واستخراج النفط والغاز، المسؤولة الوحيدة عن القطاع في ليبيا، قبل استحداث وزارة للنفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عام 2021، وهو ما خلق صراعًا على اختصاص الطرفين في الأمور التنفيذية والتعاقدية.
وخاص الرئيس السابق لمؤسسة النفط مصطفى صنع الله صراعًا طويلاً مع وزارة النفط الغاز بشأن الأمور التعاقدية والإدارية، قبل أن يحل مكانه الرئيس الحالي، الذي يواجع أيضًا اتهامات بإبرام صفقات يعتبرها البعض مشبوهة مع شركات أجنبية بامتيازات تفوق تقديرات بيوت الخبرة والمحللين.
الغاز الليبي إلى أوروبا
في هذا السياق، يشير مراقبون إلى أن الاهتمام المتزايد لدى السلطات الليبية لرفع القدرات الإنتاجية للغاز يعود إلى رغبة دول أوروبية تعويض الإمدادات الروسية عبر دول أفريقية من بنيها ليبيا والجزائر، وبالتالي فإن الاتهامات المتبادلة بين مختلف الأطراف الليبية تقترب في بعض الأحيان إلى التشكيك في نوايا المسؤولين تجاه مصلحة الدولة.
لكن وزير النفط بحكومة الدبيبة يشكك في إمكانية أن يعوض الغاز الليبي الإمدادات الروسية إلى أوروبا، إذ كرر سابقا أن بلاده غير قادرة على تصدير الغاز إلى دول أوروبا من الحقول الليبية، حتى لو زادت في معدلات الإنتاج الحالية.
اقرأ أيضا:
- ليبيا: ارتفاع إنتاج النفط إلى 2 مليون برميل يوميا قبل نهاية العقد