«خليجيون» خاص| ما فرص العودة لهدنة في غزة؟
لا تزال قطر متمسكة بالأمل حيال إمكانية التوصل إلى هدنة جديدة في قطاع غزة، من خلال الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، لتكرار سيناريو جرى إقراره نهاية الشهر الماضي.
ومع الانشغال المصري بالانتخابات الرئاسية التي تستمر لثلاثة أيام، أطلقت الدوحة أحدث تصريحات بخصوص جهود الهدنة، على لسان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي قال إن بلاده ستواصل الضغط على إسرائيل وحماس من أجل التوصل إلى هدنة، رغم «تضاؤل» الفرص.
القصف الإسرائيلي يضيِّق المجال أمام جهود الوساطة
لكن عبد الرحمن يشير إلى معضلة القصف الإسرائيلي المكثف، الذي «يُضيِّق المجال» أمام جهود الوساطة لتجديد الهدنة وتحقيق النتائج المرجوة، مشيرًا إلى أن إطلاق سراح المحتجزين في غزة مؤخرًا جاء نتيجة المفاوضات وليس بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وكانت قطر أعلنت يوم 22 نوفمبر 2023 نجاح جهود الوساطة المشتركة مع مصر والولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة حماس، في التوصل إلى اتفاق على هدنة إنسانية، إلا أنها فشلت في النهاية بعد أن عاد القصف من جديد.
الدكتور سامح عباس: إسرائيل خسرت تكتيكيًا وإعلاميًا وعملياتيًا خلال الهدنة السابقة لصالح استعادة حركة حماس والمقاومة تمركزها وتموضعها في قطاع غزة
المحاولة القطرية الجديدة محاطة بأسباب كثيرة لا تترك مجالاً للتفاؤل بشأن التوصل إلى هدنة على المدى القريب، بحسب أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة قناة السويس الدكتور سامح عباس.
ويستبعد عباس في تصريحات خاصة لـخليجيون التوصل إلى هدنة حاليًا، نظرًا لأن إسرائيل خسرت تكتيكيًا وإعلاميًا وعملياتيًا، خلال الهدنة السابقة لصالح استعادة حركة حماس والمقاومة تمركزها وتموضعها في قطاع غزة، ونجاحها في عملية تبادل الرهائن، ولذلك عمدت القوات الإسرائيلية إلى تدمير ميدان فلسطين الذي شهد تسليم الرهائن، في محاولة لكسر أي انتصار حققته المقاومة خلال الفترة الماضية.
ضغوط على الحكومة الإسرائيلية
وفي الوقت نفسه يشير أستاذ الدراسات الإسرائيلية إلى أن ثمة ضغوط كبيرة تمارس على إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن، سواء بالداخل أو الخارج في ظل وجود حوالي 30 جنسية ضمن المحتجزين في القطاع، وبالتالي فإنَّ سلطات الاحتلال ليست بمفردها في هذا الخندق.
الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل تزايدت، بحسب عباس، بعد الإفراج عن الدفعات السابقة من المحتجزين والذين كشفوا بدورهم عن ظروف الاحتجاز وتعرضهم للخطر بسبب القصف الإسرائيلي، لذلك خففت إسرائيل خلال الفترة الأخيرة من القصف الجوي، وأجلت فكرة إغراق الأنفاق.
كما يشير إلى أن إسرائيل تريد ممارسة الضغط النفسي والمعنوي على قادة حماس لإطلاق سراح الأسرى بشكل مجاني، مع الإصرار على العملية الوحشية والعنف، في ظل رهان الاحتلال على الضغط الفلسطيني الداخلي على المقاومة بسبب الضغوط الاقتصادية، متسائلاً: هل تحاول إسرائيل تجنيد عملاء في القطاع للتبليغ على المقاومة؟
صفقة أم هدنة؟
في الأثناء يثير الدكتور سامح عباس الحديث حول التفكير الإسرائيلي في اختراق المناطق السكنية وتحرير الرهائن بشكل تصادمي، لكن هل ينجح ذلك في ظل أن قيادات حماس محاطة بالرهائن بحيث يكون المصير واحد، لذلك فهو يرى أن إسرائيل تعمل على المدى الطويل للإفراج هن أسراها، غير أن المؤثر هذه المرة هو عدد المدنيين المحتجزين.
يرجِّح عباس إمكانية عقد صفقات لتبادل المحتجزين والأسرى، من دون التوصل إلى هدنة، لاسيما في ظل اختيار الاحتلال حربًا طويلة الأمد، والتي تعني بقاء نتنياهو في السلطة.
ينتقل أستاذ الدراسات الإسرائيلية للحديث عن فكرة تهجير الفلسطينيين والتي اعتبرها قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، في ظل تداول مقترح باستقبال عدد من الدول العربية لنازحين فلسطينيين، وترحيب الجزائر بمثل هذا المقترح.
وتحتجز حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى عددًا كبيرًا من الإسرائيليين سواء مدنيين أو عسكريين، منذ السابع من أكتوبر، ويجرى استعمالهم في المفاوضات الجارية لتخفيف العدوان الإسرائيلي على القطاع.
شرط «حماس»
وتشترط حركة «حماس» وقف الهجمات الإسرائيلية لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، وهو الشرط الذي يمكن اعتباره العقبة الرئيسية أمام الوسطاء الإقليميين للعودة لهدنة أخرى طويلة الأمد.
وشددت المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الماضية على أن وقفًا شاملاً لمدة تقترب من أسبوع يمكن خلالها بدء مفاوضات على تبادل الأسرى، ما يسمح بتخفيف الضغط على الحكومة الإسرائيلية التي تواجه غضبًا عارمًا من أسر المحتجزين.
وسبق أن قال القيادي في «حماس» أسامة حمدان إن نية إسرائيل المبيتة في استمرار الحرب وراء فشل مسار التفاوض، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الحركة أبدت مرونة عالية في استمرار التفاوض من أجل تمديد التهدئة، وجرى إبلاغ الوسطاء بذلك، في إشارة إلى مصر وقطر.
معضلة الأسرى العسكريين
وتريد إسرائيل إطلاق سراح رهائن رجال أو من أفراد الجيش لدى المقاومة الفلسطينية، وليس فقط الرهائن من النساء والأطفال، بينما تحتفظ «حماس» بورقة العسكريين في مفاوضات أوسع للحصول على أكبر قدر من المكاسب.
وسبق أن زار مديري وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي.آي.إيه» وجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) الدوحة للقاء رئيس الوزراء القطري، لمناقشة المرحلة الجديدة المحتملة.
اقرأ أيضًا
- إسرائيل تخطط لإغراق أنفاق غزة بالمياه.. كيف سترد حماس؟
- مراقبون يحددون لـ«خليجيون» تداعيات تأسيس «حماس» فصيل عسكري في لبنان