يوم مصيري في نيويورك.. هل تكتب غزة شهادة وفاة «الأمم المتحدة»؟
تضع الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما تجتمع، اليوم الثلاثاء، نفسها أمام اختبار مصيري لمدى فاعليتها تجاه واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على الإطلاق، لمحاولة وقف الجرائم الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، خاصة قطاع غزة، الذي أسفر عن أكثر من 18 ألف شهيدًا ومئات الآلاف من المشردين والنازحين منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ومن المقرر أن تصوت الجمعية العامة على طلب الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» ضد تحرك مماثل في مجلس الأمن. لكن في الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا لا تتمتع أي دولة بحق النقض، والتي من المقرر أن تصوت على مشروع يشبه لغة القرار الذي اعترضت عليه الولايات المتحدة في مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوًا الأسبوع الماضي.
ويشكك مراقبون في قدرة المنظمة الدولية وحياديتها تجاه القضايا المصيرية والنزاعات حول العالم، في ظل اتهامات بنفوذ أميركي واسع المجال على قرارات وفاعلية المنظمات الدولية، التي لا تبعد كثيرًا عن الصراعات الدولية بين الأقطاب السياسية، لاسيما واشنطن وموسكو.
ويترقب المهتمون بالشأن الإنساني اجتماع اليوم للجمعية العامة لحسم موقفهم تجاه الاعتماد على المنظمة الدولية في قادم المواقف والنزاعات أم يمكن اعتبارها قد توفيت على أعتاب الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة.
قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة لكنها تحمل ثقلاً سياسيًا وتعكس وجهات النظر العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة
وقرارات الجمعية العامة ليست ملزمة لكنها تحمل ثقلاً سياسيًا وتعكس وجهات النظر العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة. ويأتي تصويت الجمعية العامة بعد يوم من زيارة 12 مبعوثا من مجلس الأمن للجانب المصري من معبر رفح الحدودي، وهو المكان الوحيد الذي تعبر فيه مساعدات إنسانية محدودة وإمدادات الوقود إلى غزة. ولم ترسل الولايات المتحدة ممثلا لها في الزيارة.
النفوذ الأميركي وفعالية المنظمات الدولية
ويشكل التعارض بين موقف الجمعية العامة والنفوذ الأميركي الذي تمارسه واشنطن على المنظمات الدولية واضحًا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث قال المدير بمجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدةريتشارد جوان: «مع كل خطوة، تبدو الولايات المتحدة أكثر عزلة عن التيار الرئيسي للرأي في الأمم المتحدة».
وتتخذ الولايات المتحدة وإسرائيل موقفًا معارضًا لوقف إطلاق النار، لأنهما تعتقدان أنه لن يفيد سوى حركة المقاومة الفلسطينية حماس. وتؤيد واشنطن بدلا من ذلك هدنة لحماية المدنيين والسماح بإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة.
موقف أممي سابق
ودعت الجمعية العامة في أكتوبر الماضي إلى «هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية» في قرار جرى اعتماده بأغلبية 121 صوتًا ومعارضة 14 بينهم الولايات المتحدة مع امتناع 44 عن التصويت، لكن لم يترك أية فاعلية إلزامية للجانب الإسرائيلي الذي يواصل جرائم ضد قطاع غزة المحاصر.
ونقلت وكالة «رويترز» عن بعض الدبلوماسيين والمراقبين قولهم إنهم يتوقعون أن يحظى التصويت يوم الثلاثاء بدعم أكبر. وقال جوان «الأوضاع مختلفة عما كانت عليه في أكتوبر. طول وكثافة العمليات الإسرائيلية في غزة جعلت العديد من أعضاء الأمم المتحدة مقتنعين بأن وقف إطلاق النار ضروري»، حيث تقصف إسرائيل غزة من الجو وفرضت حصارا وشنت هجوما بريا.
الإفراج عن جميع الرهائن
كما يطالب مشروع قرار الجمعية العامة الذي سيتم التصويت عليه يوم الثلاثاء بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وامتثال الأطراف المتحاربة للقانون الدولي وتحديدا فيما يتعلق بحماية المدنيين.
وأجبر معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على ترك ديارهم، وأصدرت الأمم المتحدة تحذيرات شديدة بشأن الوضع الإنساني في القطاع الساحلي قائلة إن مئات الآلاف من الناس يتضورون جوعا.
إدارة بايدن تتحدى
والسبت الماضي، تخطت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس، من خلال استخدام صلاحيات للطوارئ تسمح بإمداد الاحتلال الإسرائيلي بنحو 14 ألف قذيفة دبابات، بقيمة 106.5 مليون دولار، وفق وكالة «رويترز».
وهذه الحزمة جزء من صفقة أكبر تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار، وتشمل 45 ألف قذيفة لدبابات ميركافا الإسرائيلية التي يجرى نشرها بانتظام خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة، ورغم ذلك تعلن كتاب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس تدميرها جزئيًا أو كليًا وبأعداد كبيرة يوميًا.
تظهر الحكومات الغربية دعمًا علني لمواصلة إسرائيل عدوانها على قطاع غزة بحجة القضاء على حماس.. بينما طالبت المجموعة العربية بوقف إطلاق النار فورا
وفي الوقت الذي تظهر الحكومات الغربية دعمًا علني لمواصلة إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، بحجة القضاء على حركة حماس، التي تصنفها دول بـ«الجماعة الإرهابية»، فإن المجموعة العربية في الأمم المتحدة طالبت باستئناف الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي من المقرر عقدها غدًا الثلاثاء، يتوقع دبلوماسيون أن تشهد التصويت على قرار بوقف إطلاق النار في فلسطين.
ويجوز للجمعية العامة العمل بقرار يحمل عنوان «متحدون من أجل السلام» الصادر في 3 نوفمبر 1950، والذي ينص على عقد «دورة استثنائية طارئة» في غضون 24 ساعة، إذا بدا أن للجمعية العامة أن هناك تهديدًا للسلام أو خرقاً له أو أنَّ هناك عملاً من أعمال العدوان، ولم يتمكن مجلس الأمن من التصرف بشأنه بسبب تصويت سلبي (استخدام الفيتو) من جانب عضو دائم.