خليجيون| كيف تواجه مصر «المراوغة الإثيوبية» بملف سد النهضة؟
تزامنًا مع إعلان مصر انتهاء المسار التفاوضي مع نظيرتها الإثيوبية في مناقشات الجولات الخمس بخصوص سد النهضة دون الخروج بأي نتائج إيجابية، باتت تلك القضية حديث الشارع المصري، إذ يرى مراقبون أن القاهرة استنفدت كل الوسائل السياسية مع الجانب الإثيوبي.
وأعلنت مصر، مساء الثلاثاء، انتهاء المسارات التفاوضية قد انتهت بشأن سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، مشيرة إلى أن الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا «لم يسفر عن أية نتيجة»، فيما لم يصدر تعليق رسمي عن أديس أبابا حتى اللحظة.
واستبعد اللواء حمدي بخيت المحلل الاستراتيجي والعسكري المصري والمستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، لجوء القاهرة إلى حل عسكري لقصف سد النهضة الإثيوبي، مشيرًا إلى «أن العواقب التي قد تحدث نتيجة اتخاذ أي خطوة عسكرية لها أضرار كبيرة».
خبير عسكري: مصر استنفذت كل المحاولات السياسية أمام حالة التعنت الإثيوبي.. والحل العسكري له عواقب وخيمة
ويقول بخيت في تصريح إلى «خليجيون»: «إن مصر استنفذت كل المحاولات السياسية أمام حالة التعنت الإثيوبي، إذ وضعت الحلول السياسية والسلمية عبر الوساطات الدولية»، لافتا إلى أن الحل العسكري له عواقب وخيمة في ظل تدهور الحالة الأمنية في السودان، ولا أحد يفكر أن هدم السد النهضة سيكون حل للمشكلة.
وأكد الدكتور محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والرى، أن «المفاوضات مع إثيوبيا انتهت لوجود حالة من المراوغة والرفض الإثيوبي للوصول إلى اتفاق على مدي سنوات طويلة».
اللجوء إلى مجلس الأمن مجددًا
وفي المقابل، توقع الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية، لجوء مصر إلى «مجلس الأمن مجددًا رغم أنه لم يتخذ إجراءً مناسبًا مع الشكاوى المصرية عامي 2020 و2021، لكنه رأى أن العودة إلى المجلس الآن من منطلق آخر وهو خفض التخزين فى سد النهضة إلى السعة الحالية على أكثر تقدير، نظرا للخطورة الشديدة على أمن السودان ومصر.
عباس شراقي: مصر قد تضمن في شكواها التحذير من تكرار كارثة سد درنة الليبية، والتي قد تتشابه توابعها في حالة انهيار السد الإثيوبي
ويضيف شراقي في تصريح إلى «خليجيون»: «أن مصر قد تضمن في شكواها التحذير من تكرار كارثة سد درنة الليبية، والتي قد تتشابه توابعها في حالة انهيار السد الإثيوبي جراء زلازل أو فيضانات قوية أو غيره من العوامل الطبيعية أو البشرية».
وطالبت مصر مجلس الأمن بالنظر في أزمة سد النهضة الإثيوبي فورًا وبشكل عاجل، لأن الأزمة يمكن أن تشكل خطرا يهدد السلم الدولي.
وكان وزير الخارجية المصري، قد أعلن رفض بلاده تكرار تقديم شكوى إلى مجلس الأمن بشأن ملف سد النهضة، مؤكدًا أن مصر ستحمي أمنها المائي.
وقال شكري في مقابلة مع فضائية «صدى البلد» المصرية، في مايو الماضي، إن «التعنت الإثيوبي حال دون الوصول لاتفاق بشأن سد النهضة، وأن القيادة والمؤسسات المصرية قادرة على التعامل مع الأمر، واتخاذ إجراءات تحمي المواطن المصري والأمن المائي المصري، مؤكدا أن بلاده لن تلجأ إلى لمجلس الأمن مرة أخرى في هذه المرحلة للتفاوض حول هذا الملف.
الوقت ليس مناسبا لقصف سد النهضة
ويرى شراقي أن «الوقت ليس مناسبًا لتوجيه ضربة عسكرية ضد سد النهضة، خاصة أن المخزون الحالي في السد العالي مطمئن لمدة عامين، لكن في الوقت نفسه تحركات إثيوبية تنذر بأزمة مستقبلية»-على حد قوله-.
وأشار شراقي إلى أن «مصر تواجه أزمة حجز 41 مليار متر مكعب، عن طريق معالجة مياه الصرف الزراعي وحملات ترشيد المياه، ما يكلف ميزانية الدولة المليارات سنويا»، مؤكدا أن «إثيوبيا أغلقت بوابتين كانتا تصرف المياه الزائدة من أعلى السد منذ شهرين، ثم أغلقتهم الأسبوع الجاري استعدادا لعملية (تعلية الممر الأوسط) ومن ثم الملء الخامس».
مصر أمامها حلول أخرى
أما المحلل العسكري اللواء حمدي بخيت فيرى أن هناك حلولاً أخرى للحد من أضرار ملء سد النهضة والتي منها الإجراءات الاستخباراتية، خاصة أن مصر لن تسمح بالإضرار بأمنها المائي في سنوات الجفاف.
ووصف بخيت «التمسك الإثيوبي» برفض المطالب الفنية المصرية بالتعنت السياسي، مشددا على ضرورة أن مصر تنتهج الوقت المناسب لاختيار بدل أفضل من الحل السياسي.
وأكدت مصر أنها «ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، مع احتفاظها بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر»، حسب بيان وزارة الري المصري.
عمرو هاشم ربيع: اتفاقية المبادئ جاءت في مصلحة إثيوبيا التي استغلتها في (تنويم) الملف
ويرى الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن «هناك تحديات دولية قوية أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع بداية ولاية ثالثة، خاصة فيما يخص الملف المائي، واصفًا إياها بالحاسمة، نظرًا لتهديدها الأمن المصري».
وشهد ملف سد النهضة تعقيدًا بعد توقيع اتفاقية المبادئ بين أطراف النزاع الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)، إذ يقول ربيع في تصريح إلى «خليجيون»: «تلك الاتفاقية تحمل جدلاً وخلافًا كبير، لأنها جاءت في مصلحة إثيوبيا، والتي استغلها الإثيوبيون في (تنويم) الملف، ومنع فرص مصر في توجيه ضربة عسكرية له وقصفه».