مخاض عسير لـ«الهدنة الثانية».. وتحريض أميركي ضد قادة حماس
تزامنا مع تواصل مفاوضات القاهرة الرامية إلى التوصل لهدنة جديدة تبدو عسيرة في قطاع غزة وإطلاق سراح المزيد من الأسرى المحتجزين الفلسطينييين والإسرائيليين، تزايدت وتيرة التصريحات الأميركية والإسرائيلية المحرضة إلى اغتيال قادة حماس في الداخل والخارج.
ويسعى مسؤولون مصريون للتوسط في هدنة أخرى، وفي هذا السياق جاءت زيارة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمصرأمس الأربعاء للمرة الأولى منذ أكثر من شهر، فيما من المقرر أن يصل زعيم حركة الجهاد إلى مصر في الأيام المقبلة أيضا لبحث وضع حد للصراع.
وتباينت مواقف الأطراف بشأن هذه المفاوضات، إذ يقول مصدر مطلع إن «المبعوثين يركزون في مناقشاتهم على تحديد الرهائن الذين يمكن إطلاق سراحهم في حال إبرام هدنة جديدة وكذلك الأسرى الفلسطينيين الذين قد تفرج إسرائيل عنهم في المقابل». ونقلت وكالة «رويترز» عن المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن «إسرائيل تصر على إطلاق سراح جميع النساء والرجال المسنين المتبقين من الرهائن. وربما تتضمن قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج إسرائيل عنهم مدانين بجرائم خطيرة».
ما موقف حماس في مفاوضات القاهرة؟
لكن حماس تنفي استعدادها لمناقشة إطلاق سراح المزيد من المحتجزين الإسرائيليين حتى ينهي الاحتلال عدوانه في غزة ويزيد حجم المساعدات الإنسانية للمدنيين، إذ قال طاهر النونو المستشار الإعلامي لهنية لـ«رويترز» بالقاهرة «قضية الأسرى يمكن التفاوض حولها بعد هذين الأمرين.. لا نستطيع الحديث عن مفاوضات في وقت تستمر فيه إسرائيل في عدوانها. مناقشة أي أطروحة تتعلق بالأسرى يجب أن تتم بعد وقف العدوان».
أما الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لا يتوقع التوصل إلى اتفاق هدنة ثانية، فقد صرح قائلا «نمارس الضغوط»، فيما لم كانت نبرة المتحدث بالبيت الأبيض جون كيربي أكثر تفاؤلا، إذ قال للصحفيين على متن طائرة الرئاسة «إن هذه مناقشات ومفاوضات جادة للغاية، ونأمل أن تؤدي إلى نتيجة ما».
ويعتقد أيمن يوسف، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسة في الجامعة العربية الأميركية بفلسطين، أن هناك أكثر من سيناريو لعملية تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وحركة حماس. ويوضح لوكالة أنباء العالم العربي أن سيناريو (ثلاثة فلسطينيين مقابل إسرائيلي) هو خيار مطروح لكن فرصته ضعيفة كون حماس لا تريد تكراره كما أن سقف مطالبها ارتفع بشكل لافت. وأضاف «حماس لا تريد صفقات جزئية أو هدنة تمنح الجيش الإسرائيلي فرصة لتنظيم صفوفه».
السيناريو الأرجح، حسب اعتقاد يوسف، هو عقد صفقة أكبر تشمل كل النساء أو عددا كبيرا منهن وربما بعض القادة السياسيين الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل. وتابع قائلا إن «إسرائيل تفضل الهدن المؤقتة وليس الوقف الشامل لإطلاق النار، أي أنها مستعدة لهدنة لأيام أطول وإطلاق سراح عدد أكبر من المعتقلين الفلسطينيين ويمكن أن توقف القتال في محاور محددة، لكنها لن توقف إطلاق النار بشكل كامل في هذه المرحلة».
4 محاولات إسرائيلية فاشلة لإنقاذ رهائن
وسبق أن نفذن إسرائيل نفذت أربع محاولات فاشلة لإنقاذ رهائن، وانتهت بقتل ما بين 20 و25 جنديا إسرائيليا، بحسب عليان الهندي، الخبير في الشأن الإسرائيلي، مع هذا الرأي، ويشير الهندي في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي أن «هذا الفشل المتكرر إلى جانب ضغوط أهالي المحتجزين هو الذي دفع إسرائيل لأن تطلب من قطر الوساطة لعقد صفقة تبادل جديدة ربما يكون فيها (الكل مقابل الكل) الذي تطالب به حماس، وفق قوله.
وبالتزامن مع مفاوضات القاهرة، تدفع الولايات المتحدة نحو خيار استهداف قادة حماس وبنيتها التحية العسكرية في القطاع، إذ تريد «عمليات أكثر استهدافا مع عدد أقل من القوات التي تركز على التعامل مع قيادة حماس وشبكة الأنفاق وبعض الأمور المهمة الأخرى»، وفق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. فيما كرر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفه الزاعم بأن «الحرب لن تنتهي إلا بالقضاء على حماس والإفراج عن جميع الرهائن وضمان ألا تشكل غزة أي تهديد آخر لإسرائيل».
وكان التصريح الأكثر تطرفا، هو دعوة وزير المالية بحكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش إلى اغتيال قادة حركة حماس في الخارج بدلا من التفاوض معهم حول شروط وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى.وقال سموتريتش في تغريدة على منصة إكس «على حكومة الحرب أن ترسل رئيس جهاز الموساد لاغتيال قادة حماس أينما كانوا وعدم التحدث معهم والتفاوض معهم». وكان الوزير يشير إلى لقاءات أجراها رئيس جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) مع مسؤولين قطريين لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس.
20 ألف شهيد في غزة
وليس ببعيد عن طاولات التفاوض، يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر، حاصدا ما لا يقل عن 20 ألف شهيد، بينهم 8000 طفل و6200 إمرأة، فيما بلغ عدد الجرحى 52600، في حصيلة غير نهائية. ويوم الأربعاء استشهد 24 مواطنا على الأقل وأصيب آخرون في غارات إسرائيلية على منازل ومناطق تؤوي نازحين قرب مستشفى الأوروبي في خان يونس جنوب قطاع غزة، ليرتفع عدد الشهداء في المحافظة خلال اليوم إلى 55.
وتقول جماعات الإغاثة الدولية إن سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على حافة كارثة نتيجة الدمار الشامل الذي دفع 90 بالمئة منهم إلى ترك منازلهم فيما يعاني كثيرون من سوء التغذية ونقص شديد في المياه النظيفة والرعاية الطبية.ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير إنّ جيش الاحتلال أمر «بالإخلاء الفوري» لمنطقة «تغطي حوالي 20%» من مساحة مدينة خان يونس. موضحا أنّ «حجم عمليات النزوح التي ستنجم عن أمر الإخلاء ليس واضحاً». وبحسب التقرير فإنّ المنطقة المطلوب إخلاؤها كان يقطنها قبل بدء الحرب في السابع من أكتوبر أكثر من 111 ألف نسمة، ونزح إليها منذ اندلعت الحرب حوالى 141 ألف فلسطيني يعيشون حالياً في 32 مخيّماً.
اقرأ المزيد:
«ليس الآن».. بايدن يستبعد اتفاقا سريعا لـ «هدنة غزة الثانية»