آخرها «الحارس الأميركي».. هل يعكر تباين المواقف صفو «المياه الخليجية»؟
من حين إلى آخر، تطرأ تباينات بين مواقف على دول مجلس التعاون الخليجي بشأن ملفات دولية وأقليمية، وآخرها ما تردد عن تباين في الرؤى بين الإمارات والمملكة السعودية بشأن التحركات الأميركية لمواجهة الهجمات الحوثية في اليمن على السفن المارة عبر البحر الأحمر، فيما رأى محللون أن تلك الخلافات لا تعكر المياه الخليجية.
وتحدث مسؤولون يمنيون وسعوديون، لم تكشف وكالة بلومبرغ الأميركية عن هويتهم أن «الخلاف يكمن في التأييد للعمل العسكري ضد الحوثيين، يقابل قلق سعودي من استفزاز قد يحدث للحوثيين وما يترتب عليه من تعريض الهدنة اليمنية للخطر، وتقويض محاولات المملكة الرامية إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في البلاد، »، فيما لم يصدر تصريح رسمي سعودي أو إماراتي بهذا الشأن.
تباين المواقف لا يعني الانجرار نحو القطيعة
ويرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريح إلى «خليجيون» أن «تباين المواقف بين البلدان الخليجية وبعضها لا يعني الانجرار نحو قطيعة كبرى، لكنها ستؤول إلى خلاف في القرارات والعلاقات بين الأطراف الأحرى»، منوها أنه في «حالة نشوب قطيعة بين البلدان الخليجية كما حدث مع الأزمة القطر»، فانها سرعان ما تنتهي و«تعود المياه إلى مجاريها».
ونشبت الأزمة الدبلوماسية مع قطر في يونيو 2017 حينما قررت كل من: السعودية، البحرين، الإمارات قطع العلاقات الدبلوماسية معهل، في قطيعة استمرت نحو عامين ونصف. وفي 4 يناير 2021 أُعلن عن فتح الأجواء بين قطر والسعودية، كما أُعلن أن أمير قطر سيترأس وفد بلاده في القمة الخليجية بالسعودية. وصدر بيان عقب قمة يُعلن إنتهاء الأزمة وعودة العلاقات.
وحول الخلاف بين الرياض و أبوظبي بشأن اليمن قال نافعة: «إن الطرفان اشتركا في عملية عسكرية في اليمن استمرت 7 سنوات دون تحقيق نتائج إيجابية، وعليهما مساندة الموقف اليمني».
حارس الازدهار
والأسبوع الماضي، أطلقت الولايات المتحدة، تحالفا دوليا من قوة متعددة الجنسيات لحماية حركة الملاحة بالبحر الأحمر في أعقاب هجمات الحوثيين على السفن المتجهة إلى إسرائيل. وتضم القوة التي ستعمل تحت اسم «حارس الازدهار» بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل والدنمارك، فيما قررت إسبانيا عدم المشاركة.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة د.مصطفى كامل السيد لـ«خليجيون»: أن «التباينات السعودية والإماراتية في اليمن قديمة، وهو ما ظهر جليا أثناء التعاون العسكري بينهما على الأراضي اليمنية». وأشار إلى أنه «ليس من مصلحة البلدين الانضمام أو مساعدة التحالف الدول المشكل من قوة متعددة الجنسيات، الذي بررته أميركا أنه يشكل لحماية التجارة في البحر الأحمر».
وفي اليمن توافدت حشود غفيرة من اليمنيين على ميدان السبعين في صنعاء للمشاركة في مسيرة أسموها «تحالف حماية السفن الإسرائيلية لا يرهبنا»، إذ أكد المشاركون فيها أن «ذلك التحالف لا يحرك في اليمنيين شعرة واحدة، ولن يثني عن منع مرور السفن المتجهة إلى فلسطين المحتلة أو السفن الإسرائيلية».
العلاقة مع إيران
وعلى صعيد متصل، يعد التقارب القطري الإيراني أبرز أسباب التباين السياسي مع الدوحة، وقد كان تقليص العلاقات مع طهران من الشروط الأساسية قبل إنهاء الأزمة الدبلوماسية الخليجية. وتحتفظ الدوحة بعلاقات قوية مع إيران، رغم الضغوط الخليجية، فبعد الأزمة الخليجية في 2017 وإغلاق دول الخليج المعابر البرية ومنعت الطيران القطري من المرور في مجالها الجوي، لجأت قطر إلى إيران لشراء السلع والبضائع، ومرور الطائرات.
سياسات خليجية مستقلة
وتعليقا على تلك العلاقة، يقول أستاذ العلوم السياسية د.مصطفى كامل السيد لـ«خليجيون»، «إن كل بلد خليجي يتبع سياسة مستقلة»، مشيرا إلى أن «وجود تباين بين الإمارات والمملكة السعودية لن يؤثر على استقرار الخليج، حتى في حالة اصطفاف مجموعات وراء موقف كلا منهما». أما عن الخلاف حول اليمن الجهود الأميركية نحو تشكيل قوة متعددة الجنسيات لمواجهة التحركات اليمينية في البحر الأحمر توقع كامل «أن يقتصر على المستوى الثنائئ بين البلدين».
ويستبعد كامل أن «يبلغ ذروة اي خلاف فيما يخص الملفات الخارجية، إلى زعزعة استقرار الخليج السياسي، لاسيما وأن تلك البلدان تربطها علاقات اقتصادية وسياسية كبيرة منذ عقود طويلة وأي قطيعة ستؤثر بالسلب على جميع الاطراف كما حدث في الأزمة الدبلوماسية القطرية».
عواقب اقتصادية وأمنية
وفي حين يرى أستاذ العلوم السياسية د.مصطفى كامل السيد أن «مجلس التعاون الخليجي شهد الكثير من تباين المواقف والخلافات، لكنها سرعان ما تنتهي بحلول جماعية ترضي جميع الأطراف، خاصة وأن المصالح تكاد تكون مماثلة»،
لكنه حذر من «أن الأحداث الجارية قبالة السواحل اليمينية، لها عواقب اقتصادية وأمنية على البلدان الخليجية ومصرـ ما يلزم التعاون بين تلك الدول لإعادة الهدوء في تلك المنطقة».
ويشير مصطفى كامل السيد إلى أن «المملكة العربية السعودية لها ثقل في منطقة الخليج»، مشيرا إلى أن «أعضاء مجلس التعاون الخليجي من مصالحهم الابتعاد عن خوض أي خلاف معها، ويمكن أن نشهد تباين لا يفسد العلاقات بين هذه البلاد او يؤثر على الترابط بينهم». حسب تعبيره.
التنافس الاقتصادي
أما على الصعيد الاقتصادي، سجلت منطقة الخليج تحركات سعودية من شأنها إنعاش منافسة قوية للاقتصادات الخليجية، إذ دشنت الرياض شركات منافسة كشركة الطيران السعودية التي تنافس نظيراتها الإماراتية والقطرية، فضلا عن اشتراط فتح الشركات الأجنبية مقرات إقليمية في السعودية قبل منحها عقوداً حكومية، الأمر الذي اعتبره محللون اقتصاديون «منافسة لها مردود على الخليج».
وتعليقا على ذلك الملف، رصد الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة «طفرة تنافس لاقتصادي بين دول الخليج مجالات عدة، يقابله تنمية اقتصادية للدول المجاورة من حيث المردود المتنوع باستقطاب أيادي عاملة وخبرات مختلفة من بلدان الخليج وكافة الدول العربية».
وقال بدرة في تصريح إلى «خليجيون» إن «البحث عن تحسين الفكر الإداري والسياسي، لا يشترط التوافق في شتى المواقف السياسية أو الاقتصادية، لاسيما وأن التباين أمر صحي للخروج بأفكار إبداعية لها توابع كبرى على المنطقة»، مشيرا إلى أن «تباين المواقف بين البلاد حو قرارت كوب 28 الخاص بالموافقة على مقترح للاستغناء عن الوقود الأحفوري لن يؤثر على العلاقات بين تلك البلدان».
وأدى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في ديسمبر الجاري، إلى تباين المواقف بين دول الخليجية وبعضها، لما تبناه من اتفاقا تضمن إشارة إلى التحول عن الوقود الأحفوري بالكامل في العقد الحالي، إذ رفضت السعودية والكويت والعراق أي اتفاق يمس بالنفط والغاز.
اقرأ أيضا: